أحداث بورسعيد .. ثلاثة أعوام والدم حائر
ثلاثة أعوام مرت على أسوأ حدث رياضي في مصر، "واقعة بورسعيد"، والتي راح ضحيتها 74 من مشجعي الأهلي وخلفهم 53 من أبناء مدينة بورسعيد في اشتباكات دامية عقب الحكم على بعض أبناء المدينة بالإعدام.
"ويوم ما أبطل أشجع هاكون ميت أكيد"، دستور وضعه محبو النادي في عشق القلعة الحمراء وكلمات يحفظها كل أهلاوي.
مصطفى عصام ، شاب نشأ على حب النادي الأهلي ومنذ أن عرفت قدماه طريق المدرجات زاد انتمائه وعشقه للفانلة الحمراء، فأصبح يردد مع أصدقائه قبيل كل مباراة الأغاني الحماسية للنادي، حتى فاضت روحه مع كلمات تلك الأغنية في مباراة فريقه أمام المصري البورسعيدي في الأول من فبراير لعام 2012.
والدة مصطفى عصام تبدو وكأنها اعتادت فراق أبنائها، فقبل سنوات ودعت جثمان شقيقه الأكبر حين تلقت خبر وفاته "غرقًا"، وعلى الرغم من أنها نفس الطريقة التي تلقت بها خبر وفاة ابنها الآخر في المدرجات، إلا أنها تؤكد على الفارق الكبير في الوجع، رافضة أن تذكر تفاصيل ذلك اليوم والذي مازالت تتألم من أحداثه القاسية في كل مباراة يخوضها الأهلي، وفي كتب ابنها الدراسية التي يكسوها هتافات للقلعة الحمراء.
أما والده المهندس عصام، احتسب ابنه الثاني عند خالقه، إلا أن روحه البريئة وخفة ظله التي عهدوه عليها تطوف أرجاء بيت عرف الموت طريقه وأبى الحزن أن يخرج منه طوال حياتهما.
حكايات بورسعيد لم تنته، فالطفل محمد جمال عاد لوالده بملامح مغايرة للتي عرفه عليها، ملفوفًا في كفن، بعد أن قدمته الأحداث قربانًا للسماء.
يقول جمال محمد، إنه حتى وضع ابنه الوحيد في كفنه كان الدم الناتج عن إصابته في الرأس جراء تلك الأحداث مازال يسيل بغزارة شديدة، ليكون ذلك المشهد دافعًا لرفضه كل التصريحات التي تشير إلى أن جميع قتلى الأهلي في بورسعيد كانوا نتيجة التدافع فقط لا غير، ومحفزًا للبحث عن حق ابنه حتى يلقاه.
سنة عصيبة على مصر وبداية تحول كبير في قلوب المتعصبين كرويًا، بعد سنوات من الخلافات ما بين أندية عدة على رأسهم الأهلي مع الإسماعيلي والمصري ومن قبلهما غريمه التقليدي الزمالك، كانت دائمًا ما تنتهي بإصابات للطرفان مع تكسير في بعض الأحيان لمدرجات الاستاد في البلد التي يحل فيها الأهلي ضيفًا على أحدى تلك الفرق الساحلية.
على الجانب الآخر، أبناء محافظة بورسعيد العاشقين للنادي المصري والذي يعتبر بمثابة وطنهم الآخر، يرفضون وصفهم بالقتلة، ويطالبون بحقوق الضحايا من أبنائهم الذين قتلوا في ملابسات غير واضحة فور مطالبتهم بخروج المتهمين في تلك الواقعة والبحث عن المتهمين الحقيقيين.
ثلاثة أعوام والدم حائر .. ما بين دموع آباء وأمهات قتل الغدر فرحتهم بأبنائهم، ومشجعين فقدوا رفاقهم بالمدرجات، وبين آخرين يرفضون كل من يُلقب تلك الواقعة القاسية "بالمجزرة" دفاعًا عن مدينتهم التي يرون انها مضطهدة.