احتلال فلسطين رياضيًا.. قضية التهويد المنسية فى زخم الصراع السياسى
الحقيقة، تدحرجت الكرة الفلسطينية في ملاعب السياسة قرابة 30 عاما قبل الاحتلال، ركلها اليهود فى مرمى الوطن الفلسطينى الجريح، حتى تملكوها، ثم سخروها وطوعوها لخدمة أغراضهم، ليقع حلم الفدائيين رياضيًا - وفي القلب منه كرة القدم - بين مطرقة الانتداب البريطانى وسندان المخطط الإسرائيلي، ليتفقا معًا، على اقتلاع الكرة الفلسطينية من جذورها، ومخطئ من يعتقد أن فلسطين أُحتلت سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا فقط، بل تم محاصرتها رياضيا حتى قبل الاحتلال الرسمي نفسه، فكانت كرة القدم الفلسطينية بعد هوجة التهجير الأولى في مطلع القرن الماضي مثل كل شيء، سلعة قابلة للتفاوض وثروة عظيمة أهدرها أصحابها في غفلة من الزمن.
كان تأسيس صحيفة (فلسطين) في 1911، حجراً أساسيا للصحافة الرياضية في فلسطين، كما يرى المؤرخ الرياضي الفلسطيني عصام الخالدي، أن هذه الصحيفة بدأت بنشر الأخبار الرياضية، واستمرت في تصاعد حتى عشرينيات القرن الماضي، تزامن ذلك مع بدء ظهور الأندية الاجتماعية في فلسطين والتطور النسبي للنشاط الرياضي، وفي نفس الوقت قامت صحيفة (الكرمل) - التي كانت معروفة بعدائها لليهود - بعد صدورها عام 1920 بنشر الأخبار الرياضية الهامشية والقصيرة، وعملت هاتان الصحيفتان على نشر الأخبار حول تأسيس الأندية ونظامها الداخلي وبعض المباريات في كرة القدم والملاكمة، وكان هناك تناسبا طردياً ملحوظاً بين نشوء الأندية في فلسطين، والأخبار الرياضية التي زاد حجمها بسبب زيادة أعداد الأندية.
يعود إنشاء أول اتحاد فلسطيني لكرة القدم إلى عام 1928، لكن في الحقيقة الفلسطينيون أنفسهم يتبرؤون من هذا الاتحاد الذي قام تحت الوصاية اليهودية، والذي أسسه المهاجر البيلاروسي يوسف يكوتيلي، باسم "الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم"، بهدف جمع الأندية العربية واليهودية، وتلك التابعة للانتداب البريطاني ضمن مظلة واحدة.
لكن بعد عام واحد فقط على تأسيس هذا الاتحاد، ومع حصوله على عضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، بدأ التمييز ضد الفرق الفلسطينية من نظيرتها اليهودية والبريطانية، وبدأت تظهر معالم تهويد اللعبة من خلال الاعتماد على العناصر اليهودية والبريطانية، وتهميش الفلسطينيين تماما في الفرق الوطنية كما يقول لنا الكاتب الفرنسي ميكاييل كوريا في تقريره المطول المنشور في موقع "ميديابار" الفرنسي، عن "البعد السياسي للكرة الفلسطينية".
يدعم هذا التفسير لتهويد الكرة الفلسطينية منذ وقت طويل، تكوين الفريق الذي شارك تحت اسم (منتخب فلسطين / أرض إسرائيل) أمام منتخب مصر في تصفيات كاس العالم 1934، وكان كله من اليهود والبريطانيين، دون تواجد اسم لاعب عربي واحد، يزين تشكيل الفريق الذي يمثل البلد العربي في التصفيات.
منتخب يهودي تحت عباءة عربية
لم تكن إسرائيل دولة أو كيان حينما أقيمت تصفيات مونديال 1934، الفيفا وقتها حددت مقعد واحد لدول إفريقيا وآسيا من خلال التصفيات، بعدما كان نظام المشاركة في النسخة الأولى من خلال الدعوات، لذلك تقرر إقامة دورة ثلاثية بين مصر وفلسطين وتركيا، لحسم المقعد الشاغر، لكن تركيا انسحبت، وانحصرت المنافسة بين مصر وفلسطين، ولأن تهويد الكرة الفلسطينية وصل ذروته في هذه الفترة، تخفت إسرائيل تحت العباءة العربية الفلسطينية، وشكلت منتخبا إسرائيليا بريطانيا خالصا، وواجهت المنتخب المصري، المصريون يسمون المواجهة تاريخيا حتى هذه اللحظة، بمواجهة منتخب الفدائي، لكن إذا كانت فلسطين نفسها لا تعترف بذلك.. فما العمل؟!، إذ يشير الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على موقعه الرسمي، إلى أن المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم هو أوّل منتخب عربي آسيوي يشارك في تصفيات كأس العالم، عام 1938، وتجاهل تماماً مواجهته لمصر في تصفيات مونديال 1934.
كان مدرب المنتخب الفلسطيني حينها "يهودي- بولوني" يدعى (Shimon Ratner) وقد اختار كافة أعضاء المنتخب من اليهود، وكان النشيد الوطني هو ذاته النشيد الملكي البريطاني (God Save the king)، ونتيجة لذلك، قاطعت الدول العربية هذا الفريق الذي كان يكنّى باسم فلسطين، لكنه في الحقيقة منتخب يمثل اليهود.
ضمت تشكيلة منتخب إسرائيل المتخفي في اسم فلسطين وقتها، اسماء يهودية بريطانية بالكامل، وجاء تشكيل الفريق "المتهود" حينذاك كالتالي: حراسة المرمى: ويلي برجر، خط الدفاع: ديفيد واينبرج، بينياس فيدلر، خط الوسط: زالمان فريدمان، يوهان سوكينيك، دالياهو فوكس، وخط الهجوم: جاييم رايخ، شامويل ليفي، باكوف زاليفانيسكي، آمنون هارلاب، إفرام تولدمان.
مدرب مصر في هذه الفترة كان الخواجة الاسكتلندي جيمس ماكراي، الذي لم يكن يتم بعد عامه الأربعين، وأقيمت مباراة الذهاب في التصفيات بين مصر وفلسطين "منتخب أرض إسرائيل" يوم الجمعة 16 مارس 1934، على ملعب الجيش البريطاني بالعباسية، وسط حضور جماهيري وصل لـ 14 ألف مشجع، وفازت مصر بسباعية سجلهم التتش "هاتريك"، مصطفي كامل طه "هدفين" محمد لطيف "هدفين"، وسجل هدف منتخب فلسطين الوحيد اللاعب الإسرائيلي أفراهام نودلمان.
وفي مباراة الإياب التي أقيمت على ملعب هابوعيل بمدينة تل أبيب الحالية، يوم 6 أبريل 1934، وسط حضور جماهيري اقترب من 10 آلاف مشجع، فاز المنتخب المصري أيضًا برباعية مقابل هدف، سجل أهداف المنتخب الوطني، مختار التتش " هدفين" ومحمد لطيف "هدف" وعبد الرحمن فوزي "هدف"، وسجل هدف فلسطين الوحيد الإسرائيلي يوهانان سوكينيك.
بعد سنوات قليلة، أسست المنظمات اليهودية ما أسمته ألعاب "المكابيد" في منتصف الثلاثينات، وهي مجموعة ألعاب تشبه الدورات الأولمبية، وكان الهدف منها واضحا جليا وهو استقطاب آلاف الشباب اليهود من مختلف أنحاء العالم تحت مظلة السياحة والرياضة، فجاء ليشاهدها أو يشترك فيها -حسب وثيقة النزعة الوطنية للصحافة الرياضية في فلسطين الانتدابية- يهود "أربعين أمة" من أمم الأرض، لكن الصحف الفلسطينية تصدت لهذه المهرجانات، بعدما أدركت أهدافها الباطنة، فكتبت صحيفة الدفاع وقتها مقالا مطولا بعنوان " حول الهجرة الخفية لفلسطين تحت ادعاءات المكابيد".
يؤكد المؤرخ عصام الخالدي، أنه في عام 1935 وُجهت الدعوة إلى فلسطين من أجل المشاركة في الألعاب الأولمبية لبلاد حوض البحر الأبيض المتوسط، ومقرها اليونان، ولكن للأسف لم يكن للعرب علم بهذه الدعوة التي سلمت إلى الجانب اليهودي، وكأنه ممثل لفلسطين، معتمدًا في ذلك على تفوقه في المجال الرياضي، وعلى علاقته الوثيقة مع سلطات الانتداب أيضًا، وهذا ما أثار غضب الجانب العربي، وبالفعل أعلنت اليونان مشاركة 12 ممثلا عن فلسطين في عدد من الألعاب، وهؤلاء رفعوا العلم الإسرائيلي على أنه علم فلسطين، ما دل على وجود تواطؤ من الجانب اليوناني، الذي سمح للاعبين غير وطنيين بتمثيل بلد آخر ورفع علم لا وجود له في الدورة.
قبل نكبة 1948 جرت بعض اللقاءات الرياضية التنافسية بين العرب واليهود والبريطانيين حسب مراجع الصحافة الرياضية وقتها، وكانت لقاءات غلب عليها في البداية الطابع الودي والأجواء الحميمة، لأن المهاجرين اليهود أدركوا حاجتهم للمهادنة، حتى يتمكنوا وتستكين لهم الأمور، لكن بعد زيادة الوافدين اليهود، كشفوا عن نواياهم، وأنهم لم يهاجروا لفلسطين من اجل التعاون مع العرب، وإقامة كيان مشترك، بل هم كانوا صهاينة وأتوا لفلسطين من أجل إقامة الوطن القومي، فكان هناك تشابه بين الانتداب البريطاني والحركة الصهيونية في فلسطين.
عن ذلك يرى المؤرخ الفلسطيني الرياضي إدوارد سعيد، أن كلاهما كان يستند إلى عقيدة التفوق العرقي، وإلى الهيمنة السياسية والقانونية وإخضاع الفلسطينيين للتبعية الاقتصادية والسياسية، وعدم المساواة العرقية والثقافية المؤسسية. ومن مظاهر الشعور بالتفوق كما كان واضحا هو النظرة الفوقية من المهاجرين اليهود تجاه العرب والتي كانت واضحة حتى المجال الرياضي في فلسطين.
تشكيل اتحاد وطني
في أواخر عام 1943 بدأت بعض الفرق العربية بالانسحاب من الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الخاضع للوصاية الصهيونية، لتعيد هذه الفرق، تشكيل الاتحاد الرياضي الفلسطيني في عام 1944 والذي استمر نشاطه حتى 1948، وقد تضمن القانون الداخلي لهذا الاتحاد، بندا ينص على منع أي فريق أو ناد، من التباري مع الفرق اليهودية، هذا ما أدى إلى القطيعة التامة بين العرب واليهود في المجال الرياضي، بعد تفاقم الأوضاع السياسية في فلسطين.
كافحت الحركة الرياضية الفلسطينية في فترة الأربعينات ضد غزو اليهود، فالرياضة الإسرائيلية كانت مدعومة من كل المؤسسات اليهودية العالمية، والتي كانت لديها طاقات مادية ومهنية أكبر مما هي في الجانب العربي، كما أن الوعي لطبيعة النشاط الرياضي لدى هذه الفئات التي كانت قد انتقلت من مجتمعات اوروبية كان أكبر مما هو عليه عند الفلسطينيين، فكان اليهود وقتها ينتمون الى مجتمع غربي، صناعي، اشتراكي، وبالتالي، كانت الصحافة اليهودية الرياضية وقتها، تنشر اخبار الانتصارات، وتعكس روح التفوق العرقي في المجال الرياضي، وتنشر أيضَا أخبار اللقاءات الصهيونية والبريطانية والعالمية، عكس الصحافة العربية التي لم تتحلى بالمهنية الكافية في استعراض الأخبار الرياضية، حسب المؤرخ الفلسطيني عصام الخالدي.
وفي خضم النكبة عام 1948 التي سقطت فيها فلسطين في براثن الاحتلال، حمل الرياضيين السلاح دفاعا عن أوطانهم، مارسوا الجهاد، وسقطوا شهداء، وكانت السمة الوطنية التي تميز بها نشاط الأندية الرياضية، برهانا حقيقيا لهذا الترابط العضوي بين الرياضة والوطن.
بعد الاحتلال والتمكين في أرض الزيتون، حاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلية، أن تحافظ على وجود الشباب العرب في فضاء كرة القدم، فدعم اللعبة في المجتمعات العربية، يسمح لهم بفرض سيطرة اجتماعية على الشباب الفلسطيني، لسدّ الطريق أمام انخراطه في أي نشاط يهدف للاستقلال، وحسب الكاتب الفرنسي ميكاييل كوريا، سُمح للعمال الفلسطينيين بتأسيس أندية كرة القدم العربية، لكن تحت رعاية حركة رياضية يهودية كانت تسمى "مكابي"، والاتحاد الرياضي لنقابات العمال الإسرائيلي وكان يسمى وقتها "هابوعيل".
الإسرائيليون وقتها كانوا متشددين حول أية محاولة لإخراج الكرة الفلسطينية من تحت مظلتهم، بحسب كوريا، قامت الدولة الإسرائيلية في عام 1964، بحل شبكة من الفرق الفلسطينية، تبيّن أنها كانت تحاول تنظيم بطولة عربية مع الأندية المحيطة بمدينة الطيبة، غير أن عدداً من فلسطينيي 1948، حاملي الجنسية الإسرائيلية، ساهموا في تكوين المنتخب الإسرائيلي، ومنهم اللاعب علي عثمان، ابن قرية بيت صفافا، الذي كان أول عربي يرتدي زي المنتخب الإسرائيلي، ومن ثم جاء كثيرون بعده، ولطالما أثارت مشاركتهم التوتر لدى الفلسطينيين، الذين دعوا لمقاطعة المنتخب الإسرائيلي من جهة، ولدى الإسرائيليين الذين تعاملوا مع اللاعبين العرب بعنصرية من جهة أخرى.
كانت نكسة العرب في 1967 تأشيرة اضطهاد وقيود مضاعفة على الرياضية الفلسطينية، رغم سعي منظمة التحرير الفلسطينية إقامة علاقات مع دول واتحادات رياضية، يكون من خلال النشاط الرياضي الفلسطيني سواء من خلال الأندية أو المنتخبات، نافذة للتعبير عن القضية للعالم الخارجي، في ظل التأثير المتزايد للرياضة وخاصة كرة القدم، على شعوب العالم.
فترة التسعينات شهدت تطورا ملحوظا في الرياضية الفلسطينية، انضم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم للاتحاد الدولي الفيفا في 1998، ولعب أولى مبارياته الودية أمام منتخبات كل من لبنان والأردن وسوريا في يوليو 1998، ثم شارك المنتخب الفلسطيني في فعاليات كرة القدم بدورة الألعاب العربية التاسعة 1999 تحت قيادة المدير الفني عزمي نصار، وحقق المنتخب الفلسطيني نجاحا ملحوظا بهذه البطولة، وظفر بميداليتها البرونزية بعد الفوز على كل من قطر والإمارات وتعادل مع سوريا وليبيا، وتلقى هزيمتان على يد منتخب الأردن مستضيف البطولة.
وبشكل عام، حرم الاحتلال الإسرائيلي منتخب الفدائي من استضافة أي مباريات على أرضه لمدة 10 سنوات بعد الاعتراف الرسمي به من الفيفا، وقتها استضاف الفلسطينيون أول مباراة رسمية دولية على أرضهم في 28 أكتوبر 2008 عندما واجه المنتخب الفلسطيني نظيره الأردني وديا، بملعب فيصل الحسيني الدولي، وهو الملعب الذي شُيد بتمويل جزئي من الفيفا.
بين الحين والآخر، يمارس جيش الاحتلال ضغوطاته لتحجيم الرياضية في فلسطين، حيث يواجه الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم خطر الغياب عن المباريات الخارجية، مع كل بطولة تقريبًا، بسبب احتمالية عدم إصدار تصاريح السفر اللازمة من جانب السلطات الإسرائيلية، وقائع مثل تلك أجبرت الفيفا على اعتبار المنتخب الفلسطيني منسحبا بعدما رفضت الحكومة الإسرائيلية السماح بسفر 18 لاعبا لخوض مباراة أمام منتخب سنغافورة ضمن تصفيات آسيا لكأس العالم لكرة القدم 2010، كما -ولنفس السبب- أعلن المنتخب الفلسطيني انسحابه من تصفيات كأس التحدي الآسيوي 2008 بسبب "عدم قدرة اللاعبين والطاقم التدريبي في الانتقال بين قطاع غزة والضفة الغربية.
ويكفي اختصار هذا المشهد الهزلي بأن منتخب فلسطين، الذي عرف الكرة فعليا قبل قرابة المائة عام، لم يلعب سوى 10 مباريات تقريبا على ملعبه عبر التاريخ، أو على الأقل منذ تأسيسه واعتراف الفيفا به، أي أنه يلعب بمعدل مباراة واحدة على أرضه كل عامين!!
تؤرخ موسوعة شهداء الحركة الرياضية الفلسطينية، أن عدد كبير من اللاعبين الفلسطينيين لقوا مصرعهم جراء الصراع العربي-الإسرائيلي، منذ بداية نكبة 48 وحتى وقتنا هذا، ما يقارب 540 شهيداً، بجانب عشرات المصابين والقتلى من الرياضيين ممن جاؤوا بعد إصدار الموسوعة، بداية من وجيه مشتهى والمهاجم أيمن الكرد أثناء الهجوم على قطاع غزة في 2008-2009، وصهيب عدوان وأحمد بركات، وانتهاء باللاعب الشاب إيهاب سحويل الذي رحل قبل سنوات قليلة.
"تسييس" الرياضة
في عام 2018 حاولت إسرائيل استغلال الرياضة في تحقيق أهدافها السياسية، حينما اتفقت مع منتخب الأرجنتين على مباراة ودية في تل أبيب في ذكرى مرور 70 سنة على تأسيسها، كان ذلك في خضم التوتر القائم حول مدينة القدس بعد اعتراف أمريكا بها عاصمةً لإسرائيل، ونقلها سفارتها من تل أبيب إليها، لكن نجحت الضغوط الشعبية الفلسطينية والدولية في إلغاء المباراة الودية، وقتها قاد ناشطون فلسطينيون تظاهرات في إسبانيا والأرجنتين، وحملوا فيها أعلام الأرجنتين وقمصاناً للاعب ليونيل ميسي بعد تلطخها بلون الدماء، في إشارة إلى أن اللقاء يدعم العنف الذي تنتهجه إسرائيل ضد المتظاهرين الفلسطينيين، وشهدت المسيرات حرق قميص ميسي، ورفع المحتجون لافتات كتبوا عليها: "إلى منتخب الأرجنتين.. لا تدعموا العنف في بلادنا".
وقتها قال العقيد جبريل الرجوب: "العودة إلى الطريق الصحيح لا يُعتبر مفاجئاً لنا، من البداية، كان قبول الأرجنتين للعرض الإسرائيلي الذي يتضح وضوح الشمس أنه احتفالية بالاحتلال خطأ كارثياً، كان سيُفقد المنتخب ونجومه شعبيتهم في العالم العربي، على إسرائيل الآن أن تتذوق طعم الحصار الرياضي التي تمارسه علينا منذ عشرات السنين، نحن الفلسطينيون مُنعت بعثاتنا من السفر، وهُدمت ملاعبنا مثل ملعب اليرموك، وملعب فلسطين، وملعب سعد صايل وملعب بيت لقيا، وألغيت العديد من المباريات الودية للمنتخب الفلسطيني بدواعي الإخلال بالأمن العام، وإسرائيل الآن من مجرد إلغاء مباراة ودية تندب حظها وتصرخ مثل الأطفال".
لكن، تدريجيا ومع تصاعد الانفتاح على العالم، لم تعد القضايا السياسية بمعزل عن كرة القدم، وباتت القضية الفلسطينية مطروحة في جميع ملاعب العالم، كما يقول باسكال بونيفاس مؤسس ومدير مركز الأبحاث الدولية والاستراتيجية في باريس، في كتابه "كرة القدم والعولمة": "كرة القدم هي الإمبراطورية الوحيدة التي تتطلب الشعوب بحماس أن تكون مستعمرة لها، وتناضل كي تكون أفضل تلامذتها"، فإذا كانت إسرائيل استعمرت فلسطين سياسيا ورياضيا، وتحاول جاهدة أن تمحى هويتها بين الحين والأخر، فإنها لن تنجح في استعمار الكرة الفلسطينية وتهديد مستقبلها.