تطبيقات الموبايل.. "بيع" خصوصيتك بضغطة واحدة
"نحن نتلقي بعض المعلومات تلقائيا عند استخدامك التطبيق، بما في ذلك بيانات حول جهازك، والبرمجيات المستخدمة فيه، ونظام التشغيل، والعمليات كافة التي تجريها من خلاله"، من المرجح أنك لم تقرأ هذه الجمل من قبل، لأنك بكل بساطة عند تحميلك لأي تطبيق على هاتفك تضغط على "أوافق على الشروط" أو "Accept Terms"، دون أن تكلف نفسك عناء قراءة بعض السطور التي قد تتسبب موافقتك عليها في انتهاك خصوصيتك بشكل كامل، بإراداتك وبنقرة بسيطة على شاشة هاتفك.
الموبايل الأخطر
للأسف، أصبحت أدوات انتهاك الخصوصية تحاصرنا في حياتنا اليومية، إلا أن تطبيقات الهواتف الذكية تعتبر أخطرها، لأنها بكل بساطة أصبحت تحمل نسخة من حياتنا سواء العملية أو الخاصة، صورنا الشخصية، مكالماتنا التليفونية، محادثتنا النصية، الأماكن التي نذهب إليها، المواقع التي نزورها على الإنترنت، وملفات العمل التي نحرص على متابعتها في أي وقت ومكان.
ليست كل التطبيقات
والسؤال هنا، هل تتعامل تطبيقات الهواتف الذكية كافة بسياسة الخصوصية ذاتها؟.. لا يمكن أن تكون هناك سياسة واحدة، فالتطبيقات تختلف في الخدمة التي تقدمها، والمضمون الذي تعرضه، والأهداف التي تحققها للمستخدم، لذا فالتعامل مع الخصوصية يختلف، إلا أن الانتهاك موجود في معظم التطبيقات، لكن بدرجات متفاوتة.
خلصت دراسة أجرتها الشبكة العالمية لتعزيز الخصوصية (GPEN)، العام الماضي، على 1211 تطبيقا، إلى أن 85% منها لم تكشف بشكل واضح للمستخدم طبيعة البيانات التي تجمعها، وفيما تستخدمها، وتبين أن واحدا تقريبا من بين كل 3 تطبيقات يطلب الحصول على كمية كبيرة للغاية من البيانات الشخصية.
وكشفت الدراسة أن 43% من التطبيقات لم تعرض سياسة الخصوصية بشكل يتيح للمستخدم الاطلاع عليها، سواء على صعيد توافقها مع الشاشة الصغيرة للهاتف، من خلال تقديم معلومات بحروف صغيرة جدا، أو إخفاء المعلومات الهامة في سياسات مطولة للخصوصية تتطلب تصفح العديد من الصفحات أو النقر عليها.
تواصل اجتماعي
من بين التطبيقات التي تتضمن سياستها للخصوصية العديد من البنود التي تتيح لها الوصول إلى كم كبير من المعلومات، تطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي الشهيرة، والتي يتم التعامل معها يوميا، ولا يمكن الاستغناء عنها، مثل تويتر وفيس بوك وإنستجرام، وهو ما يجعلها تتحول من مجرد وسيط للتواصل بين المستخدمين إلى طرف أساسي في التواصل المستمر مع كل ما يفعله المستخدم بهاتفه.
للاطلاع على سياسة خصوصية فيس بوك اضغط هنا.. وتويتر اضغط هنا
حجة أم سبب منطقي؟
لا بد أن سببا وراء إصرار التطبيقات على جمع هذه المعلومات، قد يراه البعض منطقيا، فيما سيذهب البعض إلى اعتباره انتهاك صريح للحياة الشخصية، بكل بساطة التطبيقات دائما تهدف إلى جذب المعلنين، وبالتالي تسعى جاهدة للتعرف على اهتمامات المستخدم كي تقدم له الإعلانات التي تتوافق معها.
وحتى تحافظ التطبيقات على مستخدميها، فهي أيضا تجمع المعلومات، حتى تتمكن من تحسين تجربة المستخدم، وتقديم المزيد من المزايا له، وذلك حسبما تشير التطبيقات كافة في سياستها للخصوصية، لكن بنظرة فاحصة إلى هذه السياسات نجدها تسمح لخدمات أخرى بانتهاك خصوصية المستخدم، فهناك بند يكاد يكون ثابتا في معظم سياسات التطبيقات باختلاف الصياغة من تطبيق لآخر، وهو "للأطراف الثالثة، التي تساعدنا في تقديم وتحسين خدماتنا، الحرية الكاملة في الاطلاع على البيانات الخاصة بالمستخدم في إطار سياسة الخصوصية التي وافق عليها"، إذا فأنت لا توافق على التطبيق وحده بانتهاك خصوصيتك، وإنما تسمح بذلك أيضا لخدمات أخرى.
مضطرة
يجب أن نحكم عقولنا، التطبيقات مضطرة إلى جمع البيانات لتوفر لك خدمة مميزة، وتحقق أرباح مالية في النهاية من الإعلانات، فهي ليست عملا خيريا، لكن لا بد أن تكون هناك قيود على البيانات التي تجمعها، خاصة أن كما كبيرا من المعلومات الشخصية التي تصل إليها التطبيقات لن يفيدها في شيء، وإنما سيسهل من اختراق خصوصية المستخدم، فطالما التطبيق قادر على الوصول إلى هذه البيانات، لن يكون صعبا شن هجمة إلكترونية عبر التطبيق لاختراق بيانات المستخدم لأن الوصول إليها متاح.
كما أن الشركات المطورة للتطبيقات قد تستجيب لضغوط أي جهة سيادية للكشف عن بيانات أحد المستخدمين، لتبعد بنفسها عن المشكلات، ولا ننسى أنه حتى إذا لم تصل البيانات لطرف آخر، فبالتأكيد القلق قد يرهقك عندما تتعامل مع التطبيقات، وأنت تعلم أن هناك من يراقب التعاملات كافة على هاتفك.
لذا عليك أن تقرأ بنود سياسة الخصوصية في أي تطبيق أو خدمة تٌقبل على استخدامها، وتفهمها جيدا، قبل أن توافق عليها، حتى تتمكن من حماية خصوصيتك إلى أقصى درجة ممكنة، خاصة أن هناك تطبيقات تمنحك، في إطار سياسة استخدامها، إمكانية تفعيل بعض الخيارات التي تحول دون وصولها إلى بعض المعلومات الشخصية.