لماذا اختارت الحكومة مارس لـ"القمة الاقتصادية"؟
تعول الحكومة المصرية على القمة الاقتصادية، المقرر عقدها منتصف مارس المقبل، للخروج من عنق الزجاجة، وإنقاذ الاقتصاد المصري، من تداعيات الاضطرابات السياسية والأمنية التي عصفت بالبلاد في أعقاب ثورتين.
وتأمل الحكومة في أن تتمكن من خلال مؤتمر مارس، في تحسين صورة الاقتصاد المصري، وجذب استثمارات خارجية، إضافة إلى تحقيق انتعاشة اقتصادية، توفر من خلالها الموارد اللازمة لتلبية احتياجات الشعب وربما طموحاته.
وربما يتساءل البعض، لماذا لم تعلن الحكومة عن المؤتمر الاقتصادي، في أعقاب تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم بالبلاد، أو بعدها ولو بأشهر معدودة، ولماذا اختيار شهر مارس بالتحديد، هذا ما سنحاول الإجابة عبر التقرير التالي.
معلومات مغلوطة
لم تستطع الحكومة المصرية الإعلان عن مؤتمر أو قمة اقتصادية في أعقاب تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، نظرا لما أثير عن أن ما حدث في مصر خلال 30 يونيو، انقلاب عسكري وليست ثورة شعبية، ما استلزم تأجيل أي خطط اقتصادية حتى يتم تصحيح الصورة المغلوطة عن الثورة المصرية بالخارج، وبالفعل نجحت الحكومة منذ ما يقرب من شهرين في إتمام المساعي الدبلوماسية بهذا الشأن.
الأمن والسياسة
كما اختارت الحكومة أن تعقد القمة الاقتصادية خلال شهر مارس، لعدة أسباب أهمها: أن مصر عانت خلال الفترة الأولى من عهد السيسي، من توتر الأوضاع السياسية والأمنية، بالتالي كان لزاما على الحكومة قبل أن تمهد لإعادة ترميم بنيتها التنموية، أن تعيد ترتيب أوضاعها الداخلية، وتدشين بنية تحتية مستقرة على الصعيدين الأمني والسياسي، قبل أن تفكر في الدعوة لمؤتمر اقتصادي عالمي، وهو ما شرعت به الحكومة بالفعل، من خلال تدشين خطة لإحكام قبضتها الأمنية، والسيطرة على حالات الإنفلات الأمني التي ظهرت في أعقاب احتجاجات الثلاثين من يونيو.
وفيما يخص الجانب السياسي، فإن السيسي نجح في خلق جبهة سياسية موحدة، وشبه مستقرة، من خلال حواره مع الأحزاب السياسية، وإقناعها بتشكيل تحالفات وتكتلات متنافسة لا متصارعة.
البرلمان
تعتزم الحكومة إجراء الانتخابات البرلمانية، خلال شهر مارس المقبل، وإكمال الخطوة الأخيرة من استحقاقات خارطة الطريق، ما يؤكد قدرتها على تأمين الانتخابات وزيادة في الطمأنينية لدى المستثمرين، ورسالة للعالم بأن الأجواء في مصر ديموقراطية، وأن الوضع الأمني مستقر، وتأتي تلك الرسالة ردا على رفض المنظمات والهيئات الحقوقية الأجنبية المراقبة على الانتخابات البرلمانية المصرية.
الدولار وسوق الصرف
من المعلوم للعاملين بمجالات البيزنس ومجتمع المال والأعمال، أن هناك مشكلات في سوق صرف الدولار، وأن الحكومة المصرية كانت حتى وقت قريب تسعى للسيطرة على السوق السوداء للدولار، كما كانت تدعم الجنيه بأكثر من قيمته في مواجهة الدولار، ما يرفضه المستثمرون الأجانب، نظرا لأن تضارب سعر صرف الدولار في السوق السوداء والرسمية يؤكد أن النظام الاقتصادي في البلاد يعاني من خلل يمكن أن يؤثر على استثماراتهم، كما أن دعم العملة يؤكد مدى هشاشة اقتصاد البلاد، وهو ما تخلصت منه الحكومة بالفعل من خلال حزمة قرارات مقننة لأسعار الصرف، أصدرها البنك المركزي مطلع فبراير الجاري.
القوانين الاستثمارية
ورثت حكومة محلب ترسانة من القوانين المنظمة لمجتمع الأعمال تمتاز بالبيوقراطية والتعنت الإداري والروتين العقيم، ما دفعها لتشكيل لجنة قانونية تضم رجال الأعمال في كل قطاع لتنقية قانون الاستثمار وتفعيل نظام الشباك الواحد، وهو ما انتهت منه بالفعل فهي تعد قانون الاستثمار الجديد، وسيتم عرضه بشكله الجديد خلال مؤتمر القمة الاقتصادية المزمع عقدها بشرم الشيخ.
الأعياد والمناسبات
سبق أن أعلنت الحكومة عن عقد القمة الاقتصادية خلال يناير وفبراير الجاري، لكنها سرعان ما تراجعت نظرا لمصادفة المؤتمر، لإحدى الأعياد الرسمية لدى الصين، وهي إحدى الدول التي تراهن الحكومة على أنها ستضخ استثمارات ضخمة على خلفية القمة الاقتصادية، بالتالي فإن الحكومة اختارت شهر مارس لأنه أحد الأشهر القللة التي تخلوا منها الأعياد الرسمية والوطنية بمعظم بلدان العالم.
حوافز استثمارية
اتخذت المؤسسات المصرفية خطوات فعالة من أجل تحفيز الاستثمار، وتشجيع رأس المال، وتقليل سعر الفائدة والتوسع في عمليات الاقتراض، وإنشاء فروع بنكية، إضافة إلى أن الحكومة عملت على تحديث البنية التحتية لقواعد البيانات، وخلقت قاعدة بيانات واضحة ومفسرة لوضع الاقتصاد المصري.
الظروف المناخية
يصنف شهر مارس، على أنه أكثر شهور العام استقرارا من ناحية الأوضاع المناخية، فيتميز بالاعتدال ما يلائم الوفود المزمع حضورها للمؤتمر، حتى تأمن الحكومة أن تؤثر البرودة القارصة والعواصف، كذلك الحر الشديد على فعاليات المؤتمر.
ميزانيات الشركات
من المتعارف عليه أن شركات القطاع الخاص والحكومة، تعد ميزانيتها بنهاية كل ربع مالي، وإقامة المؤتمر منتصف مارس، سيسهل على الحكومة والشركات أن يستخدما مؤشر إعداد الميزانيات، كترموميتر لرصد ضخ استثمارات جديدة وتأثير القمة على الأداء الاقتصادي للبلاد خلال الـ15 يوما التالية لعقد المؤتمر، وهو مقياس قريب المدى، لكنه يتبأ بالاستثمارات التي من الممكن أن يحققها المؤتمر على المدى الطويل.
القيد بالبورصة
استطاعت البورصة المصرية أن تدفع بحزمة من القرارات التي تسهل عمليات قيد الشركات بالبورصة المصرية، إضافة إلى تعديل قواعد القيد الجديدة، وهو ما ينعكس على الشركات الجديدة المنضمة حديثا للسوق المصري، بما ينشيط التداولات ويجذب شركات جديدة، إضافة إلى تنشيط وتنويع الأدوات الاستثمارية داخل السوق الذي عانى من شح شديد في السيولة منذ انتفاضة يناير.