مارد "مايكروسوفت" يكسر قيود التقليدية
اعتبر بعض الناس أن الجمود الذي أصاب "مايكروسوفت" مرض أزلي، لن تتمكن من مقاومته والتغلب عليه، متداولين مقولة "خلاص راحت عليها"، ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية نجحت شركة "مايكروسوفت" في الخروج من "قمقم" السكون، وبذلت جهودا مكثفة للعودة إلى الأسواق التقنية بشكل قوي، يثبت أنها ما زالت قادرة على المنافسة بل والإبداع والابتكار.
لم تركز الشركة جهودها على مجال بعينه، إنما حاولت قدر الإمكان أن تضغط على زر "ريفرش" لإنعاش نشاطاتها في مختلف ا?سواق التقنية.
"باي باي.. نوكيا"
عندما استحوذت الشركة بقيادة المهراجا "ساتيا ناديلا"، مديرها التنفيذي الحالي، على قطاع الهواتف المحمولة بالعملاق الفنلندي "نوكيا" في صفقة تم اعتبارها ضمن أضخم الصفقات في تاريخ عالم التكنولوجيا والتي بلغ حجمها 7.2 مليار دولار، اتخذ بعض الناس انطباعا قويا حول تحضير "مايكروسوفت" لاقتحام مجال صناعة الهواتف الذكية، مع محاولة تحقيق صحوة مفاجئة لنصيب الفنلندية من السوق بعد غياب طويل، ولكن لم تسر ا?مور على هذا النحو، بل أن منحنى التطور شهد هبوطا منحدرا نحو ا?سفل.
لذلك في أكتوبر من العام الماضي، أعلنت شركة ا?لوان ا?ربعة أن هواتف "لوميا" لن تحمل علامة "نوكيا" التجارية بعد الآن، وفعليا تحقق ذلك بإطلاق هاتف "لوميا 535" يحمل اسم "مايكروسوفت" أعلى واجهته ا?مامية، وعلى نهاية الجهة الخلفية كان مكان المربعات ا?ربعة مصمتة سوداء اللون، وكان هذا القرار بمثابة شهادة وفاة رسمية لاسم "نوكيا" التجاري في عالم الموبايلات، ودليل ملموس على رغبة "مايكروسوفت" على إثبات نفسها في السوق بصحبة عائلتها "لوميا" ونظام تشغيلها "ويندوز".
"ويندوز" للجميع
إن كنت من المتابعين الجيدين ?خبار الشركة طوال الوقت، ستعلم أن هذه العبارة ليست جديدة، حيث إنها تعود إلى يناير 2011، عندما أعلن المدير التنفيذي السابق للشركة، ستيف بالمر، أنه مهما كان الجهاز الذي تستخدمه، سيكون ويندوز بصحبتك، خلال المؤتمر السنوي لإلكترونيات المستخدمين CES2011، ولكن الحديث حينها كان حول نظام تشغيل "ويندوز 8"، أو كما يُكتب اسمه على ا?جهزة المحمولة من هواتف وتابلت "ويندوز فون"، ورغم نجاح نسخة الهواتف، كان إصدار ا?جهزة الشخصية نقطة سوداء في وجه "مايكروسوفت".
ولكن "ساتيا"، لم يتحدث وإنما أثبت مقولة سابقه، حيث كشفت الشركة في نوفمبر الماضي عن الإصدار ا?حدث من نظام تشغيلها "ويندوز 10"، والتي نجحت خلالها التغلب على العديد من سلبيات إصداره السابق، وحرفيا أصبح ويندوز في كل مكان، حيث تم التغلب على مشكلة الاعتماد بشكل كامل على واجهة "مترو" ذات المربعات المتحركة، والتي عانى المستخدمين من التكيف معها على أجهزة الكمبيوتر، كما تم إعادة الزر الشهير Start كعنصر أساسي، إضافة لميزة الاستمرارية Continuum، والتي تجعل من "ويندوز 10" بيئة ملائمة للاستخدام على ا?جهزة الذكية المتحولة، والتي تلعب دورين في نفس الوقت أحدهما لاب توب والآخر تابلت بفصل الشاشة عن الجهاز.
وبذلك تمكنت الشركة من العودة وبقوة لسوق أنظمة التشغيل، معلنة أن الفترة المقبلة سيزداد نصيبها من السوق على مستوى الأجهزة الشخصية، بعد تراجعه بسبب إيقافها لدعم نسختها الشهيرة "ويندوز إكس بي"، إضافة إلى نصيبها من سوق الهواتف الذكية في مواجهة عفريت جوجل ا?خضر وتفاحة ستيف جوبز.
"مايكروسوفت" فتحت شباكها
فتحت "مايكروسوفت" حدودها المغلقة، بكل ما للكلمة من معنى، باعتبارها أحد أهم شركات السوفت وير مغلقة المصدر، كانت مفاجأة أن تقرر إتاحة منصتها "NET" البرمجية الخاصة، بإنشاء وتشغيل المواقع الإلكترونية والخدمات والبرمجيات "الأونلاين" أمام المطورين، بحيث أصبح من الممكن العمل على خوادم إلكترونية تعتمد على أنظمة تشغيل "ليونكس" و"OS X"، وذلك بعد أن كانت قاصرة فقط على الخوادم العاملة بنظام تشغيلها "ويندوز".
كما فتحت الشركة باب تخزين المستندات التي يتم إنشائها عبر تطبيقها "Office" للتطبيقات المكتبية على مختلف خدمات التخزين السحابية، بما في ذلك خدمة ألد منافسيها "أبل" iCloud، وذلك بعد أن كان الأمر مقتصرا على خدمتها الخاصة OneDrive.
وهناك بند أخير سيُضاف إلى سياسة "الانفتاح" التي تتبعها "مايكروسوفت" من العام الماضي، وهو الخاص بإطلاق هواتف ذكية تعتمد على أنظمة تشغيل غير "ويندوز"، وهذه المرة كان منافسها الشرس "أندرويد"، حيث أطلقت الشركة في يونيو الماضي Nokia X2 وNokia C1.
عودة إلى الابتكار
خلال مؤتمرها للكشف عن مزايا "ويندوز 10" الذي عقدته بولاية واشنطن الأمريكية مطلع يناير من العام الجاري، أخرجت الشركة من جعبتها بطاقة Holo-Lens الرابحة، التي أدخلتها إلى عالم الواقع الافتراضي من أوسع أبوابه، فهي عبارة عن جهاز يتم ارتداؤه حول الرأس، وفي مقدمته نظارة تتضمن وحدة عرض Projector داخلية تعرض البيئة الهولوجرامية، إلى جانب وحدة لمعالج المشهد الحقيقي لدمج البيئة الهولوجرامية بداخله، بحيث لا يشعر المستخدم بأن هناك شيء غير حقيقي أمام عينيه.