مجلة فرنسية: الاقتصاد المصري بدأ الاعتماد على نفسه رغم المعوقات
قالت مجلة "أوريو فانتنيام" الفرنسية، إن الاقتصاد المصري بدأ الخروج من حالة الركود التي شهدها خلال الأعوام الأربعة الماضية.
وأضافت المجلة المختصة بالشرق الأوسط: "رغم عدم الاستقرار السياسي والأمني، إلا أن السوق المصرية بدأ تدريجيا في الاعتماد على نفسه، بدلا من الاعتماد بشكل كبير على مساعدات الخليج.
وبينت المجلة المختصة بشؤون الشرق الأوسط، أن بعد أربعة أعوام من سقوط مبارك، بدأ الاقتصاد المصري يرى بصيصا من النور، وهو ما أثنى عليه وفد من خبراء صندوق النقد الدولي خلال زيارتهم للقاهرة في نوفمبر الماضي، حينما عبروا عن سعادتهم من "عودة انطلاقة الاقتصاد بعد تباطؤ استمر 4 أعوام"، إضافة إلى تسجيل بعض "الإشارات الإيجابية" خلال الربع الأخير من عام 2014 في مجال الصناعة اليدوية والسياحة والاتصالات، كما أن من المنتظر أن تعود مصر إلى الأوساط المالية الدولية في القريب بتقديم مليار يورو على عشر سنوات.
تغير في نهج البورصة المصرية
أبرز التغيرات في الاقتصاد المصري جاءت من البورصة المصرية، فبعد 11 شهر من التراجع خلال موسم 2014 المالي، الذي يعد واحد من الذكريات السيئة لمضاربي البورصة في مصر، إلا أن المؤشر الرئيسي EGX30 قفز لأكثر من 21% منذ بداية شهر ديسمبر الماضي، كما استطاع مؤشر شركة GB Auto الموزعة للسيارات، أن يقفز في يوم واحد (14 يناير) بنسبة 10%، ويبدو أن المستثمرين الأجانب الذين هربوا بسبب الاضطرابات السياسية، بدءوا يعودون من جديد، فالطلب على البورصة سيستمر في الازدياد طالما أن مؤشراتها تحقق قيمة يومية تتراوح على نحو الـ10%.
انخفاض أسعار البترول
في بعض الأحيان تأتي الرياح بما تشتهي السفن، فالعديد من الخبراء الاقتصاديين يرون أن انخفاض أسعار البترول بمثابة أمر إيجابي لمصر والتي ستتمكن من خلال ذلك بالسيطرة على العجز في الموازنة والحد من التضخم وكذلك خفض الدعم على قطاع الطاقة، وخلال عشرة أعوام كان الاستهلاك الداخلي يزيد على الإنتاج المحلي، فالدولة تستورد الجزء الأكبر من استهلاكها في مجال الطاقة.
التوقف عن الاعتماد على مساعدات الخليج
من جانب أخر، تشير المجلة إلى انخفاض اعتماد مصر على مساعدات الخليج، فالمساعدات المباشرة القادمة من دول الخليج ربما توقفت تقريبا، فخلال الربع الثالث من عام 2014، حصلت مصر على 660 مليون جنية مصري فقط، كمساعدات من دول الخليج، في حين حصلت على 37 مليارا في العام الأسبق، مما يشير إلى أن مستقبل الأموال القادمة من الخليج ستأخذ شكل الاستثمار بدلا من القروض أو المساعدات.
مواجهة السوق السوداء
إلى جانب انخفاض أسعار الذهب الأسود، شيئا آخر أنعش سوق الأسهم في مصر، ألا وهو انخفاض أسعار العملة المصرية، ولفتت المجلة إلى أن منذ زيارة خبراء صندوق النقد الدولي إلى القاهرة، وتأكيدهم على ضرورة أن تراجع مصر سياستها التبادلية، الخاصة بأسعار العملة، فقد كان من المعروف أن الحكومة المصرية ستواجه أزمة، والجنيه المصرية المصطدم بالدولار منذ مايو 2014 لم يتمكن من الصمود طويلا أمام ارتفاع العملة الأمريكية في وجه اليورو، لا سيما وأن أوروبا تشكل السوق الرئيسية في مصر، وهذا ما هدد السوق المصرية بفقدان آخر ما تبقى من المستثمرين الأوروبيين.
وخلال الأشهر الأخيرة كان سوء تقدير مصر لقيمة الجنيه قد كلفها كثيرا، فالبنك المركزي أنفق المليارات من الدولارات للدفاع عن قيمة الجنيه أمام الدولار، مع أنه أمرا لا يمكن الدفاع عنه، وانتهت الأزمة بانخفاض احتياطي النقد الأجنبي الرسمي إلى 15.3 مليار دولار.
وجراء هذا التقدير السيء لقيمة الجنيه، وقعت العملة المصرية فريسة السوق السوداء، إذ أصبح هناك تباعد كبير بين سعر الدولار في مقابل الجنيه في السوق الرسمية والسوق الموازية، وهو ما أدركت السلطات خطورته خلال الفترة الأخيرة، وجعلها تركز على التخلص من السوق السوداء لتحقيق ثبات في قيمة العملة، ومن المتوقع أن تتمكن الحكومة من التحكم في استقرار الجنيه في نهاية العام الجاري.
جذب المستثمرين
مع هذه النتائج العقلانية في التبادل التجاري والخطة التي يضعها النظام الجديد من إقامة مشروعين هامين، وهما مشروع توسيع قناة السويس وكذلك تنمية القناة عبر إنشاء نشاطات جديدة في 6 موانئ، إضافة إلى المؤتمر الاقتصادي، سيزيد إقبال المستثمرين الأجانب للعمل في السوق المصرية، لكن قبل عودتهم ينبغي التخلص من بعض الصعوبات أولها معدل البطالة الذي يزيد عن 13% من الشعب، وكذلك الاضطراب الأمني لا سيما في المناطق القريبة من القناة في شمال سيناء.
والمشكلة الأخيرة التي يراها الخبراء هو عدم توافرية مناخ العمل، نظرا للبيروقراطية والفساد وغياب دولة الحقوق التي تعاني منه مصر، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، اعترف بهذه المشاكل خلال مؤتمر "دافوس"، مؤكدا أنه سيبذل قصارى جهده من أجل إصلاحات كبيرة ومراجعات دستورية وتحديث الخطاب الديني.