الاقتصاد يشرح: لماذا دماء المصريين رخيصة؟
شهد ستاد الدفاع الجوي قبيل مباراة فريقي "الزمالك" و"إنبي"، أحداث عنف أسفرت عن مقتل 22 مشجعا على الأقل، وإصابة العشرات، فيما أرجع الطب الشرعي أن الوفيات جاءت بسبب "حالات اختناق وتدافع".
ومع اختلاف التفسيرات الأمنية، والسياسية، والاجتماعية للكارثة، يطل التفسير الاقتصادي برأسه في كل حالات العنف والقتل التي تكون الدولة ممثلة في وزارة الداخلية طرفا فيها خلال الفترة الماضية.
ويفسر الاقتصاد – الذي يُعرف بأنه علم اجتماعي بالدرجة الأولى – أسباب تكرار حوادث العنف التي تخلف قتلى وجرحى في كثير من الأحدث في مصر.
العرض والطلب
هي عبارة اقتصادية تتكر كثيرا، لتفسير قيمة أي شئ، سواء كان سلعة أو خدمة أو حتى فعل بشري، حيث تمثل العلاقة بين حجم الطلب على هذا الشئ، والمعروض منه، وفي حال تجاوز المعروض من "الشئ" حجم الطلب عليه، فإن سعره ينخفض بشدة، مهما كانت قيمته الحقيقية، والعكس صحيح.
المعروض هنا هو 88 مليون مصري، بحسب آخر إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والطلب يقل عن 48% من المعروض.
المعروض هنا يعني عدد سكان مصر في الداخل، بينما الطلب يتمثل في من يشارك فعليا في الإنتاج الإجمالي للبلاد، فوفقا لإحصائيات رسمية يشارك أقل من 48% من عدد سكان مصر في النشاط الاقتصادي، إذ ينفق أقل من نصف المصريين على باقي السكان.
ومع ارتفاع معدل البطالة في مصر إلى 13.1% من القوى العاملة والبالغة 27.6 مليون شخص، وتصاعد الفقر إلى نحو 40% من المصريين، قلت أهمية الحفاظ على أرواح المصريين بالنسبة للدولة ممثلة في الأجهزة الحكومية.
التكلفة والعائد
هي ثاني أشهر النظريات الاقتصادية، والتي تحدد جدوى فعل الشئ من عدمه، فعندما تدرس تنفيذ أي أمر فأنك تنظر له من زاوية التكلفة التي ستقوم بها "سواء مجهود بدني أو ذهني أو مادي أو حتى التضحية بمصلحة ما"، والعائد الذي ستحصل عليه في حال تم هذا الشئ، أو ما سوف تفتقده لو لم يُنفذ.
وفي حال ارتفعت تكلفة تنفيذ شيئا ما على عائد الحصول عليه، أو على مخاطر عدم التنفيذ، فإنه من الأفضل إلا تقوم به، لأنه سيكون غير مجدي اقتصاديا.
التكلفة هنا هي حماية الدم المصري، أن تقوم بتحديد وتنفيذ ومتابعة نظام قوي يهدف لحماية الأرواح ومعاملة المواطنين بما يٌعامل به أمثالهم في دول العالم "الطبيعي"، بالإضافة إلى عقاب كل من يخالف هذا النظام.
العائد يتمثل في ما قد يحدث في حال عدم حماية المواطنين، ماذا لو شهدت مصر حادث إهمال أو قتل عمد؟ هل ستحدث أزمة سياسية؟ هل قد يحاكم أحد المسؤولين أو يقال من منصبه على الأقل؟ هل تمت معاقبة أي مسؤول على حادث إهمال أو قتل عمد سابقا؟
وبالتالي وبما أن تكلفة الحفاظ على الأرواح في مصر أكبر من المخاطر التي قد يواجهها مسؤولو الدولة في حال توفى شخص أو 10 أو مئات، فإن من المنطقي أن يكون عدم الاهتمام بالحرص على حماية المصريين هو الاختيار الأمثل، اقتصاديا.