مصر وروسيا.. من يسعى إلى الآخر؟
لم تكن المساعى المصرية لتوطيد العلاقات المشتركة مع نظيرتها الروسية، وليدة الحقبة الراهنة، بل أسستها حزمة من الخطوات التعاونية في مجالات عدة، منذ عشرات السنين، بل ومازالت تبحث حكومات البلدين عن أطر جديدة تتوج هذه الشراكة بمزيد من الاتفاقيات على الأصعدة كافة.
ومع اقتراب ساعات وصول الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أرض القاهرة للقاء نظيره المصري، عبدالفتاح السيسي، يجدر الإشارة إلى تحسين حجم التبادل التجاري بين البلدين، وزيادة حجم الصادرات المصرية من المنتجات الزراعية لروسيا بنسبة 30%، وفقا لآخر الإحصائيات، ما يتطلب تسليط الضوء على مسار الاقتصاد المصري الروسي المشترك.
في البداية، كانت قد بدأت العلاقات التجارية الأولى بين مصر وروسيا في أغسطس عام 1948، حين وقعت أول اتفاقية اقتصادية مشتركة بشأن مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي، فيما شهدت العلاقة تطورات متلاحقة كان أبرزها عقب ثورة يوليو عام 1952، حين قدم الاتحاد السوفيتي لمصر المساعدة في تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالي.
وبعيدا عن التاريخ الحافل بالصداقة الاقتصادية بين "موسكو - القاهرة"، مازال الجانب الاقتصادي بين البلدين يحتاج لمزيد من الجهد، إذ بلغ عجز الميزان التجاري لصالح روسيا عام 2012 نحو 2.87 مليون دولار، بينما تجاوز معدل التبادل التجاري بينمها في نفس العام نحو 3.55 مليون دولار، ما يمثل نسبة 3.5% من إجمالي حركة التجارة الخارجية المصرية.
حاصلات زراعية
بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر ورسيا في مطلع 2014، نحو 3.900 مليار جنيه، ووفقا لتقرير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بلغت صادرات الحاصلات الزراعية 1.9 مليار جنيه، فيما سجلت الواردات حتى يوليو الماضي من عام 2014 نحو مليون جنيه، ليصل إجمالى التبادل التجارى بين البلدين في قطاع الحاصلات الزراعية نحو 1.964 مليار جنيه.
قطاعات هامة
وكان نصيب قطاع مواد البناء من الصادرات نحو 52 مليون جنيه، بينما حقق قطاع الكيماويات والأسمدة صادارت بقيمة 31 مليون جنيه وقطاع الصناعات الهندسية نحو 12 مليون جنيه، بينما قطاع الصناعات اليدوية والملابس الجاهزة والصناعات الطبية من روسيا، لم يكن له نصيب في السوق المحلية المصرية وكذلك الغزل والمنسوجات، وسجلت صادرات الصناعات اليدوية 44 مليون جنيه، وصادرات الصناعات الطبية 11 مليون جنيه، فيما بلغت صادرات الملابس للسوق الروسية منذ بداية 2014 نحو مليون جنيه، وصادرات المنسوجات 4 ملايين جنيه.
الصادرات والواردات
تمثل حجم التبادل التجاري بين البلدين في سلع معينة، ممثلا في الصادرات المصرية من الفاكهة والحمضيات، إذ أن البرتقال عنصر رئيسي وكميات محدودة من البصل والبطاطس، ليصل إجمالي قيمة ما تصدره مصر، نحو 250 إلى 300 مليون دولار سنويا.
في حين تتخطى قيمة الصادرات الروسية لمصر ملياري دولار، ومن الممكن أن تصل أحيانا إلى 3 مليارات، حيث صادرات مصر من القمح الروسي، الذي يعتبر عنصر رئيسيا في قيمة الواردات المصرية.
ويظهر من الأرقام أن الميزان التجاري لمصلحة روسيا، لذلك طرحت العديد من الأفكار لمعالجة هذا الخلل في الميزان التجاري، وزيادة الصادرات المصرية، وإمكانية الدخول في اتفاق للتجارة الحرة بين البلدين، وهو الأمر الذي لازالت روسيا تدرسه، لا سيما في ضوء انضمام روسيا أخيرا لمنظمة التجارة العالمية، وما تفرضه عليها من إجراء العديد من التعديلات والإصلاحات على نظمها، وقوانينها، التي تقتضي من المسؤولين الروس التريث في الدخول في اتفاقات تجارة حرة مع دول أخرى.
فرص ذهبية
وفي الوقت الحالي هناك بعض الإمكانات المتاحة، لتطوير صادرات الخضر والفاكهة والصناعات الغذائية المصرية إلى روسيا، لا سيما بعد أن اتخذت موسكو قرارا بحظر استيراد الخضر والفاكهة والسلع الغذائية من أوكرانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، ردا على العقوبات الأوروبية ضدها بسبب الصراع في أوكرانيا.
القطاع السياحي
لا يمكن أن تذكر روسيا دون الإشارة إلى أنها في المرتبة الأولى في ترتيب البلدان التي زارت مصر سياحيا في 2014، وكان قد أشار عضو جمعية مستثمري السياحة بالبحر الأحمر، محمد فلا، بحسب هيئة الاستعلامات، إلى أن وجود الروس بالمدن السياحية الشاطئية يبلغ 65% من تعداد الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، نتيجة للاستقرار الأمني في هذه الفترة "2014".