التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 04:03 م , بتوقيت القاهرة

هل نجحت السعودية في ضرب النفط الأمريكي؟

فاجأ النفط جميع المتابعين نهاية الأسبوع الماضي بتسجيل أكبر مكاسب يومية في أكثر من عامين ونصف، بدعم الهبوط القياسي لمنصات التنقيب عن النفط الأمريكي.


وقفز خام برنت القياسي بنهاية تعاملات الجمعة الماضي، بنحو 7.8% ليصل إلى 53 دولارًا للبرميل، مسجلا أكبر ارتفاع يومي منذ نحو عامين ونصب، كما زاد سعر العقود الآجلة للخام الأمريكي بنسبة 8.3% ليصل إلى 48.2 دولارًا للبرميل، رابحًا 3.7 دولار خلال الجلسة.


ويشير التراجع في مشروعات التنقيب عن النفط الأمريكي، إلى نجاح نسبي للخطة السعودية الرامية إلى دفع المنتجين المنافسين لأوبك إلى خفض الإنتاج، مع التراجع الحاد في الأسعار، وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل يجعل الاستمرار في نفس معدلات التنقيب أمرًا "غير اقتصاديا".


وكانت السعودية قادت "أوبك" في اجتماعها الأخير في شهر نوفمبر الماضي إلى قرار عدم تخفيض الإنتاج، والحفاظ على الحصص السوقية للدول، بالرغم من التراجع الحاد في الأسعار.


وكان الرهان السعودي على أن استمرار التراجع في الأسعار سوف يُخرج عددًا من المنتجين المنافسين من السوق، ما سيخفض من المعروض، وبالتالي ستتجه الأسعار للارتفاع من جديد.


تراجع منصات الحفر الأمريكية


وكان السبب الرئيسي في القفزة الكبيرة لأسعار النفط هو البيانات التي أظهرت تراجع قياسي في عدد منصاب الحفر والتنقيب عن النفط الصخري الأمريكي خلال الأسبوع الماضي.


وقالت شركة "بيكر هويز" للخدمات النفطية تراجع عدد منصات التنثيب عن النفط الصخري الأمريكي بنحو 94 منصة دفعة واحدة خلال الأسبوع الماضي فقط، وهو أكبر مستوى للهبوط في منصات الحفر العاملة منذ بدأت الشركة في تتبع البيانات عام 1987.


وأوضحت الشركة أن استمرار التراجع الحاد في أسعار النفط، والذي فقد نحو 55% من قيمته منذ شهر يونيو الماضي، أدى إلى التراجع القياسي في منصات الحفر العاملة في التنقيب عن الخام الأمريكي، لتصل إلى 1223 منصة بنهاية الأسبوع الماضي.


وكانت شركة "كونكو فيلبيس" التي تعد ثالث أكبر شركة لإنتاج الطاقة في الولايات المتحدة أعلنت نهاية الشهر الماضي خفض عدد منصات التنقيب عن النفط في مدينة "نورث داكوتا" إلى 3 منصات.


كما أعلنت شركة "شيفرون" الأمريكية خفض ميزانية التنقيب عن الخام بأكبر وتيرة منذ 12 عامًا، مع وقف أي توزيعات للأرباح على المساهمين، ونيتها تسريح عمالة.


وتعد تكلفة إنتاج النفط الصخري أعلى من تكاليف النفط التقليدي، حيث يبلغ سعر "التوازن" للأول نحو 70 دولارًا للبرميل، وفي حال تراجع أسعار النفط عن هذا المستوى تصبح عملية الإنتاج غير مجدية اقتصادياً.


وكان الإنتاج الأمريكي من النفط قد سجل خلال الفترة الماضية ارتفاعا قياسا، حيث بلغ 9.21 مليون برميل يوميا في الأسبوع قبل الماضي، وهو أعلى معدل منذ عام 1983. كما ساهم في ارتفاع أسعار النفط تواتر أنباء بشأن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على حقل نفطي قرب مدينة كركوك العراقية.


وتمثل السبب الثالث لارتفاع الخام، في إعلان الصين قواعد جديدة تحتم على المصافي الخاصة أن تمتلك احتياطيات نفطية كافية لمدة 14 يوما على الأقل، ما دفع هذه المصافي لزيادة وارداتها من الخام.


زيادة إنتاج اوبك والسعودية


وعلى الجانب الآخر، رفعت السعودية ومنظمة أوبك إنتاجهما من النفط خلال الفترة الماضية، رغم هبوط الأسعار، وارتفاع المعروض العالمي من الخام، مع تراجع الطلب.


وكشف مسح لوكالة رويترز أن إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ارتفع خلال شهر يناير الماضي إلى 30.37 مليون برميل يوميا، مقابل 30.24 مليون برميل في شهر ديسمبر، كما زاد إنتاج السعودية من الخام إلى 9.8 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ شهر أكتوبر الماضي.


هل انتهت اللعبة حقًا؟


بالرغم من التراجع في أرباح عشرات الشركات العاملة في مجال التنقيب عن النفط الصخري، وقرارهم تأجيل مشروعات توسعية، والاستغناء عن عدد من موظفيها، إلا أن الإنتاج الأمريكي من النفط لايزال عند مستويات قياسية.


وكانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد أعلنت الأسبوع الماضي ارتفاع مخزونات النفط إلى 406.7 مليون برميل، وهو أعلى مستوى مسجل على الإطلاق.


ويشير الواقع إلى أن عدد كبير من مشروعات التنقيب عن النفط الصخري يمكنها الاستمرار في الإنتاج لفترة طويلة، مع انتهاء العمليات الأصعب والأكثر تكلفة بالفعل في عملية التقيب عن الخام، بالإضافة إلى حصولها على قروض تجبرها على استمرار الإنتاج.


كما يسهل على الشركات التي قامت بتقليص عدد منصات التنقيب أن تعود للإنتاج من المواقع النفطية بسرعة، في حال عودة الأسعار للارتفاع من جديد.


وكان وزير النفط السعودية "علي النعيمي"  قد أشار في تصريحات سابقة له إلى أن سبب تراجع أسعار النفط هو الإنتاج غير المسؤول والمرتفع للدول غير الأعضاء في "أوبك"، وهو ما زاد من المعروض في الأسواق بدرجة أكبر من الطلب الفعلي.


وبالرغم من التراجع في منصات الحفر الأمريكية، إلا أن استمرار الارتفاع في معدل الإنتاج، وزيادة ضح الخام من قبل المنتجين الصغار، والمضاربات المستمرة التي تراهن على هبوط أسعار الخام، بالإضافة إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي في الصين، ومنطقة اليورو، واليابان تشير إلى استمرار التراجع في أسعار الخام  على المدى المتوسط.