التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 08:06 م , بتوقيت القاهرة

العالم وفقًا لدافوس

اجتماعات "دافوس" السنوية، التي انتهت منذ أيام قليلة، شارك فيها ما يقرب من 2500 شخص من مائة دولة يُمثلون جانبًا هامًا من النُّخبة السياسية والاقتصادية والفكرية للعالم.


على مدى أربعة أيام اجتمع هؤلاء لمناقشة أحوال العالم وخاصة ما يتعلق بالمستقبل.


يسبق هذا الاجتماع، قيام المنتدى الاقتصادي الدولي، والذي ينظم اجتماعات دافوس-  بنشر تقرير سنوي عنوانه "المخاطر العالمية  Global Risks"، صدر هذا العام نسخته العاشرة. 


وكما كان الحال في السنوات السابقة، يستند التقرير على استطلاع آراء حوالى 900 من أعضاء المنتدى من أصحاب الخبرة والعلاقة بهذا الأمر. ويستهدف التقرير لفت الانتباه إلى عالمية المخاطر، ودعم صناع القرار في جهود تخفيف أو منع أو مواجهة هذا المخاطر.


تقرير هذا العام يتحدث عن ثلاثة مخاطر رئيسة ستواجه العالم خلال هذا العام وسيمتد تأثيرها للسنوات القادمة.
الخطر الأول يتعلق بتسييس العلاقات الاقتصادية، وعودة الارتباط بين الجغرافيا السياسية Geopolitics والاقتصاد، بمعنى أن العديد من دول العالم أصبحت تستخدم أدوات اقتصادية مثل الاستثمارات الخارجية والاتفاقيات التجارية والسياسات الحمائية لتحقيق أهداف سياسية، وهو ما يُهدد بتقويض منطق التعاون الاقتصادي والقواعد التي يقوم عليها النظام الاقتصادي العالمي. 


ويشير التقرير إلى حقيقة أن العلاقة بين السياسة والاقتصاد قد تشابكت عبر التاريخ، وخاصة أثناء الحرب الباردة عندما ارتبط الانقسام الجغرافي السياسي بالانقسام الاقتصادي، ولكن عندما انتهت الحرب الباردة حلت حقبة من التعاون الاقتصادي القائم على الإيمان بمعايير مشتركة في الاقتصاد العالمي.


 الآن، وبعد أكثر من 25 عامًا على سقوط حائط برلين تعود المنافسة الاستراتيجية مرة أخرى، ويعود الارتباط بين الجغرافيا السياسية والاقتصاد، كما ظهر فى الصراع الأمريكي الروسي حول أوكرانيا واستخدم العقوبات الاقتصادية كأحد أدوات الصراع، أو سعى بلدان مثل الصين لإنشاء آلية لتمويل مشاريع البنية التحتية في آسيا كي تكون بديلا عن البنك الدولي، كذلك أدت الضغوط السياسية الداخلية المرتبطة  بالأزمة الاقتصادية إلى تبني عدد من دول العالم لإجراءات حمائية على حساب مبدأ التجارة الحرة. 


أي أن السياسة والاعتبارات الاستراتيجية تعود مرة أخرى لتؤثر في الاقتصاد، ويشير التقرير إلى أن هذا سوف يُمثل تهديدا للنظام الاقتصادي العالمي والأسس التي قام عليها.


الخطر الثاني يتعلق بزيادة معدلات التحضر في البلدان النامية، ويشير التقرير إلى  أن العالم في حالة تحول كبير من عالم يعيش أغلبية سكانه في الريف إلى العيش في المدن، ففي عام 1950، كان ثلث سكان العالم يعيش في المدن؛ اليوم بلغ هذا العدد أكثر من النصف، وفي عام 2050 من المتوقع أن يعيش في المدن أكثر من ثلثي سكان العالم. 


هذا التطور يحدث بشكل أساسي في العالم النامي وخاصة في آسيا وأفريقيا. ويرى التقرير أنه إذا تم إدارة المدن بشكل جيد ، فسوف يساعد ذلك على تحولها إلى مراكز لاحتضان الابتكار والنمو الاقتصادي، ولكن الفشل في ذلك سيؤدي إلى مجموعة من المخاطر العالمية تشمل مشاكل تلوث البيئة وانتشار الأوبئة والاضطرابات الاجتماعية.


الخطر الثالث يتعلق بالثمن الاقتصادي للتطور التكنولوجي وخاصة ثورة المعلومات، فالتقدم التكنولوجي فتح آفاقا ضخمة للنمو الاقتصادي، ولكنه فى نفس الوقت أدى إلى تغيرات اقتصادية هيكلية ارتبطت بالقضاء على الملايين من فرص عمل، حيث حلت التكنولوجيا محل العامل البشري، وهو تغير سيزداد في المستقبل، ومن ثم هناك حاجة لتبني استراتيجية دولية توازن بين منافع وأضرار التقدم التكنولوجي.


هذه هي خلاصة تقرير "دافوس"، وقد يرى البعض أن المخاطر التى يتحدث عنها لا تمسنا فى مصر بشكل مباشر، وبالتالي لا داع للاهتمام بها، وهذا غير صحيح، لأن العالم أصبح كيانا متشابكا، ولا يمكن لأحد أن ينعزل عنه، والتطور الذي يشهده بجوانبه السلبية والإيجابية سوف تؤثر علينا خاصة في المجال الاقتصادي.


تفاعل الرئيس السيسي مع نخبة العالم فى منتدى دافوس وخطابه أمامها عبر بوضوح عن هذه الحقيقة.