سياسة "سلمان" الاقتصادية ستركز على الوظائف بسبب هبوط النفط
من المتوقع أن يركز العاهل السعودي الجديد في سياسته الاقتصادية على خلق الوظائف وتنفيذ مشروعات بمليارات الدولارات في مجال البنية التحتية للحيلولة دون أن يثير هبوط النفط أي توترات اجتماعية أو أن يزعزع الثقة في مناخ الأعمال.
ويساهم النفط والغاز بنسبة 90 % من إيرادات أكبر مصدر للنفط في العالم إلا أن تلك الإيرادات تتعرض للانخفاض بفعل هبوط أسعار الخام، وتتوقع حكومة المملكة تسجيل عجز قياسي بقيمة 38.7 مليار دولار في موازنة 2015 في حال استقرار أسعار النفط حول 50 دولارا للبرميل لكن العجز مرشح لتجاوز هذا الرقم بكثير.
وبينما يدير العاهل الجديد مرحلة الانتقال السياسي خلال الشهور المقبلة سيتعين عليه أن يتعامل مع تلك الضغوط للحد من معدل البطالة الذي بلغ 11.8 % العام الماضي بحسب البيانات الرسمية.
وقال الخبير الاستراتيجي عماد مستقي، لدى اكسترات لاستشارات الأسواق الناشئة إن الملك سلمان قد يواجه الضغوط المتعلقة بضمان الدعم الشعبي عن طريق زيادة رواتب القطاع الحكومي وغيرها من الإجراءات.
وأضاف "ربما تشمل تلك الخطوات إجراءات مكلفة مثل منح مساكن مجانية للشباب المتزوجين حديثا أو قروض استهلاكية تتحمل الحكومة تكلفتها."
لكن اقتصاديين آخرين ورجال أعمال يرون أنه لم يعد لدى المملكة متسعا لمعالجة المشاكل عن طريق الإنفاق لاسيما في وجود مخاطر أن يظل النفط رخصيا لسنوات.
وقال المدير الإقليمي لشركة إدارة الأصول أشمور في الرياض جون سفاكياناكيس، إنه لا يمكن للمملكة أن تلجأ لرفع الإنفاق إلى ما لا نهاية في مناخ يتسم بانخفاض الدخل من النفط.
ولفت سفاكياناكيس إلى موازنة 2015 التي أعلن عنها الشهر الماضي والتي تضمنت ارتفاعا هامشيا للإنفاق الحكومي بنسبة 0.6 % مقارنة بميزانية 2014 وهي أقل زيادة خلال عقود بل تشمل خفضا طفيفا للإنفاق بحسب المعايير المعدلة على اساس التضخم.
لكنه رجح أن يستمر الإنفاق الحكومي السخي على خلق الوظائف وعلى التعليم من أجل توفير قوة عاملة قادرة على المنافسة وعلى تحديث نظام الرعاية الصحية وعلى تنفيذ المشروعات الضخمة مثل مشروع مترو الرياض البالغة قيمته 22.5 مليار دولار والمتوقع الانتهاء منه بحلول 2019.
والكثير من تلك المشروعات محورية للتعامل مع التحديات طويلة الأمد التي قد يواجهها الملك سلمان ومن بينها كبح جماح النمو الهائل لاستهلاك النفط كي لا يؤدي لتآكل الإمدادات المتاحة للتصدير وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط كي تتمكن المملكة من البقاء عندما ينضب النفط بعد عقود من الآن.
وقال سفاكياناكيس "القيادة تعلم أنه سيتعين عليها مواجهة تلك القضايا لضمان مستقبل البلاد، وهناك إجماع على ذلك بالفعل داخل الحكومة."
الإصلاحات
من المحتمل أن يسرع الملك سلمان من الوتيرة البطيئة لبعض الإصلاحات السياسية وأن يتبنى إصلاحات جديدة تأجلت من قبل لما تتسم به من تعقيدات وحساسية سياسية.
فعلى سبيل المثال تعمل المملكة على خلق مزيد من المنافسة في بعض القطاعات مثل الطيران وتتحرك نحو جعل النظام القضائي أسرع وأكثر شفافية في التعامل مع القضايا التجارية كما ستبدأ هذا العام في فتح سوق الأسهم أمام المؤسسات الأجنبية للاستثمار المباشر.
لكن حتى الآن أحجمت السلطات عن تطبيق إصلاحات أخرى مثل خفض دعم الطاقة لتخفيف العبء على المالية العامة للبلاد. كما أن قرار فرض رسوم على الأراضي غير المطورة استغرق سنوات من الدراسة وهو قرار من شأنه أن يمد السوق السكنية بالمزيد من الأراضي وأن يحد من نقص المساكن.
علاوة على ذلك فإن أحد الإصلاحات الاجتماعية المحتملة وهي السماح للنساء بقيادة السيارات من شأنه أن يوفر دعما كبيرا للاقتصاد وسيجعل عمل المرأة أكثر سهولة وسيشجع على امتلاك السيارات ويقلص الحاجة لتعيين مئات الآلاف من السائقين الأجانب.
ولدى الملك سلمان المهارات البيروقراطية للدفع بمثل تلك الإصلاحات. فعندما كان أميرا لمنطقة الرياض لأكثر من 40 عاما عمل مع التكنوقراط والتقليديين لتغيير وجه العاصمة من منطقة صحراوية إلى مدينة كبرى.
وكولي للعهد لعب سلمان دورا محوريا في إدارة الاقتصاد على مدى السنوات القليلة الماضية ولهذا تحمل السياسة بصمته ولا يتوقع أحد من الاقتصاديين أن يتخلى سلمان عن نهجه التدريجي التوافقي للإصلاح.
تقول مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري "من المرجح أن يكون الاستقرار والتقدم المستمر الموضوع الرئيسي."
ومن المرجح أن تظهر الأسواق المالية رضاها عن طريقة إدارة عملية الخلافة. ففي الماضي تراجعت سوق الأسهم السعودية مرارا بفعل شائعات حول وفاة الملك عبدالله. وأعلن الملك سلمان اليوم الجمعة تعيين أخيه غير الشقيق الأمير مقرن وليا للعهد ليقضي بذلك على أي مخاوف تتعلق بعدم الاستقرار السياسي.
يقول سفاكياناكيس "من المرجح أن تتعامل سوق الأسهم بشكل إيجابي للغاية مع الطريقة السلسة لإدارة قضية الخلافة."
ولم يطرأ تغير يذكر على الأدوات المالية التي يستخدمها المستثمرون الأجانب للتحوط ضد المخاطر الاقتصادية في المملكة والعقود الآجلة للدولار أمام الريال وكذلك متوسط أسعار مقايضة الفائدة الثابتة والمتغيرة إعلان وفاة الملك عبدالله.