التضخم.. مصطلح اقتصادي يتداول حولنا بكثره وربما لا يعرف البعض المعني الحقيقي للتضخم، ولكن اذا وجدت راتبك لم يعد كافيا لسد احتياجات اسرتك، او اذا اصبحت تبحث عن مخرج لضغط نفقاتك، كي تتلائم مع زيادة اسعار السلع والخدمات التي ترتفع بشكل مستمر، حسنا، ربما يكون هذا هو المعني الحقيقي "التضخم"..فالتضخم كلمه مطاطه المعني قد يقصد به الزياده المستمره في الاسعار.

ارتفاع الاسعار والتضخم يبتلعان قوت المواطن

وربما يتساءل البسطاء، ما علاقتي وانا رجل شارع بسيط اجد صعوبه في تدبير احتياجاتي اليوميه بالتضخم وغيره من المصطلحات الفنيه التي تكشف لي احدي العورتين، علي الارجح، الفقر او الجهل.

عزيزي المواطن، تمهل فانت اثبتت انك علي درايه بالتضخم وتاثيره علي جوانب حياتك، وذلك عندما ذكرت خلال سؤالك السابق"انك لاتستطيع تدبير احتياجاتك اليوميه"، فالتضخم يعتبر المتحكم الرئيسي في ارتفاع اسعار السلع الاساسيه من خضروات وفاكهه ومواصلات عامه ووقود، وهو ما يدفعك لان يجن جنونك عندما تتقاضي راتبك الشهري، ولاتجده يكفي احتياجات اليوميه، بل قد يكون السبب وراء هروبك من المنزل للمقهي البلدي، لان زوجتك تتشاجر معك بسبب غلاء المعيشه، وتطالب بزياده مصروف المنزل الذي لم يعد يكفي لشراء احتياجات البيت، ومصروفات الاولاد، بل علي الارجح قد يكون السبب في انك تصف زوجتك بالنكديه.

الراتب لا يكفي الاحتياجات اليوميه

اذا فكيف يؤثر التضخم علي الدخل الشهري لك عزيزي المواطن؟.. يجيب الباحث الاقتصادي، بمعهد كارنيجي الدولي عمرو عادلي، رغبته في الجواب عليه، عندما اوضح فانه بزدياده البطاله تقل ضغوط العاملين للحصول علي زيادات اجريه، وبالتالي تنخفض الاجور وترتفع اسعار السلع الاساسيه، وهو ما يرفع معدل التضخم، وبالعكس في حاله انخفاض البطاله ترتفع الاجور وترتفع الاسعار وينتج مايسمي بالتضخم السلعي نتيجه عدم وجود سلعه للبيع والشراء رغم وجود الاموال.

وبحسب عدلي، فانه مع اشتداد موجه الغلاء تفقد النقود احدي وظائفها، وهي كونها مقياسا للقيمه ومخزنا لها، فكلما اشتدت موجه الغلاء انخفضت قيمه النقود ما يسبب اضطرابا في المعاملات بين الدائنين والمدينين، وبين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين، وتشيع الفوضي داخل الاقتصاد المحلي، واذا حدث ذلك فقد يتخلّي الناس عن عمله بلدهم، لانها تصبح بلا قيمه، ويلجاون الي مقاييس اخري للقيمه.

وتابع الباحث بمعهد كارينجي، يرتفع التضخم نتيجه ارتفاع اسعار السلع والخدمات علي خلفيه انخفاض القوه الشرائيه للنقود، ويترتب علي ذلك ارتفاع في اسعار المواد الاستهلاكيه والخدمات مما يؤدي الي انخفاض قيمه النقود وينتج عنه اضطراب في السوق بين البائعين والمشترين المنتجين والمستهلكين مما يدفع صغار المدخرين والمواطنين الي استبدال العمله المحليه التي تفقد قيمتها يوما بعد يوم بعملات اكثر استقرارا او الاستثمار في الذهب والعقارات.

وبالنسبه لك عزيزي القارئ، فقد تكون ممن ينتفع شهريا بايجار احدي العقارات المملوكه لك، وفيما يخص ذلك الجزء يوضح العدلي، ان قانون الايجارات يخلق فجوه تضخميه علي خلفيه ان العقارات الخاضعه للنظام القديم لاتؤثر في حساب التضخم لانها ايجارات قديمه والزياده فيها شبه معدومه من الاساس اما الايجارات الجديده فهي ما تسهم في زياده معدل التضخم نظرا لارتفاع اسعارها كاي سلعه خدميه، لكن في المطلق فان الزياده المستمره في اسعار العقارات التمليك تعد مؤشر اساسي في ارتفاع معدل التضخم.

والذي لا يمكننا اغفاله، بحسب العادلي، هو ان الغلاء المستمر يؤدي الي تفشي الرشوه والفساد الاداري والتكسب غير المشروع وما الي ذلك من معاملات فاسده؛ حيث يلجا الناس الي هذه الامور كخط دفاع لمواجهه التدهور المستمر الذي يحدث في دخولهم الحقيقيه، ومن ثم في مستوي معيشتهم.. ولهذا فليس عجيبا ان تكون البلاد المصابه بالتضخم هي اكثر البلاد تعرضًا للفساد.