إنشاء مجمعات للخدمات الحكومية يقضى على الفساد ويحمى المواطن
حققت مراكز خدمات المستثمرين التى أقامتها وزارة الاستثمار، فى الفترة الأخيرة، لتيسير إجراءات تأسيس الشركات، والحصول على التراخيص، نجاحا كبيرا، بعدما اختصرت الكثير من الوقت الذي كان يهدر للحصول على هذه الخدمات، كما أنها حجمت إلى حد كبير أبوابا كانت مفتوحة على مصراعيها للفساد والرشاوى، بميكنة تقديم هذه الخدمات، وتقليل تعامل المستثمر مع الموظفين بشكل مباشر.
والحقيقية، أن هذه التجربة يجب تعميمها في كل المصالح والمؤسسات التى تقدم خدمات مباشرة ويومية للمواطنين، سواء خدمات تموين أو خدمات صحية أو خدمات نقل أو حتى خدمات اتصالات، بحيث يكون (على الأقل في البداية) فى كل محافظة مجمع خدمات حكومية شامل لكل الخدمات "خدمات الصحة الإجرائية، خدمات المرور، خدمات التموين، وغيرها من الخدمات"، ويتمكن المواطن من الحصول على كل الخدمات التى يريدها من مكان واحد وبشكل سلس ومريح، من خلال ميكنة تقديم هذه الخدمات وإدخال الوسائل التكنولوجية المؤمنة بها حتى يصبح تقديم الخدمة مريح للمواطن وللموظف على حد سواء.
ويكفى أن تذهب للحصول على خدمة من أى مؤسسة حكومية وترى حجم الزحام والمشاجرات التى تنجم عن ذلك، وإهمال الموظفين وسوء معاملتهم للمواطن، بحجة أن "الشغل كتير ولا نستطيع تلبية مطالب كل الناس وغير ذلك"، بالإضافة إلى حجم الوقت المهدر لكى تحصل على أى خدمة، وحجم الرشاوى التى تضطر إلى إعطائها للموظف الذى من المفترض أنه يقوم بعمله الذى يحصل علي أجر مقابله.
وفى النهاية، لا تحصل على الخدمة بالجودة المطلوبة، رغم أن الحل لكل هذه المشاكل هو ميكنة الخدمات وتوحيد جهات الحصول عليها أو على الأقل جمعها في مكان واحد، توفيرا للنفقات التى ينفقها طالب الخدمة في المواصلات مثلا بين هذه المصالح، ناهيك عن الزحام الذى يتسبب فيه طالبو هذه الخدمات يوما، خصوصا إذا علمت أن هناك نحو 2 مليون مواطن يدخلون القاهرة ويخرجون منها يوميا للحصول على خدمات حكومية معينة، أو لكى يحصل على إمضاء على مستند من إحدى الوزارات، لكن لو توفر مجمع خدمات حكومية في كل محافظة لن يأتى أحد من المحافظات للحصول على خدمات من القاهرة وسيوفر الكثير من الجهد والمال.
ورغم محاولة الدولة ممثلة فى وزارة التخطيط ميكنة العديد من الخدمات مؤخرا، وهذا جزء مشكور، إلا أنه حتى الخدمات التى قامت بميكنتها تقتصر هذه الميكنة على مكان تقديمها فقط، بمعنى أن الوزارة فقط أدخلت بعض أجهزة الكومبيوتر وأدخلت البيانات عليها، وأصبحت هذه البيانات يتم الحصول عليها بسرعة أكبر من ذى قبل، لكن من نفس مكان تقديمها ومن نفس الموظف أيضا، وبشكل منفصل، أي أن كل جهة تقدم خدماتها حتى لو كانت مميكنة بشكل منفصل ومنفرد، وإذا أراد المواطن مثلا أن يحصل على مستخرج لشهادة ميلاد والده وشهادة أخرى للوفاة، فعلية أن يذهب للسجل المدنى التابع له ويقف في الطابور إلى أن يشاء الله، ثم بعد أن يحصل على الشهادة، يجب عليه أن يتجه لأحد مكاتب وزارة الصحة لاستخراج شهادة وفاة من مكان آخر قد يكون بعيد جدا، فما بالك بمواطن يريد الحصول على عدد من الخدمات الأخرى، بالطبع سيحتاج إلى عدة أيام من المعاناة في المواصلات واستنزاف المال والجهد.
والحل الشامل لكل هذه المشاكل هو الميكنة الكاملة للخدمات، وإقامة مجمعات للخدمات الحكومية فى المحافظات، ثم المراكز، ثم الأحياء، لتقديم هذه الخدمات بشكل عصرى وسهل، ولن يرفض المواطن أن يدفع قيمة هذه الخدمات المريحة والسريعة، بدلا من أن يدفع أمولا أكثر من هذه الرسوم للرشاوى مقابل الحصول على الخدمة، وبذلك ستستفيد الدولة والمواطن معا، ويتغير الشكل البيرقراطي الفاسد للبلاد الذى ترسخ في ذهن كل المواطنين عبر سنوات .