فيديو:"الكمساريات الفاتنات" و"أول بطولة دوري".. حكاية أبو رجيلة "إمبراطور الأتوبيس"
إذا جالست أحد كبار السن في أتوبيس النقل العام، فيجب أن تسأله عن «أيام أبو رجيلة»، وكيف كانت مواعيد أتوبيسات العاصمة مضبوطة بالدقيقة.
لاشك أن الذين عاصرو أتوبيسات أبو رجيلة يتذكرون تلك الأيام جيدا، ويتذكرون كيف كان مرفق النقل الداخلي في العاصمة وقتها، على يد هذا الرجل ، ثم كيف أصبح الآن.
في عام 1954 استدعي عبد اللطيف البغدادي، وزير الشؤون البلدية وقتها أبو رجيلة، وطلب منه أن يتولى أتوبيس القاهرة، فوصل المرفق على يديه إلى مستوى غير مسبوق من النمو، والنظام، والنظافة، والكفاءة في الأداء، وبلغ حداً لم يكن يتخيله أحد، وكان ينقل 13 مليون راكب شهرياً، من خلال شركة كانت تضم 4 آلاف موظف.
الكاتب الكبير أحمد بهجت ذكر في شهادته عن «إمبراطور الأتوبيس» أن السائقين والمحصلين والمفتشين كانوا على أتوبيسات أبو رجيلة يقدمون نموذجاً جديراً بالاحترام والتقدير في الانضباط وحسن معاملة الركاب، وأداء العمل على الوجه الأكمل وفق المعايير الموضوعة لهم.
كان زمن التقاطر 3 دقائق، باستخدام 400 أتوبيس يخدم 13 مليون راكباً شهرياً، كان «أبو رجيلة» يري أن سيارة الأتوبيس ليست مجرد مركبة تسير في الشارع، بل إنها جزء من نسيج الحياة اليومية للمواطن العادي.
في جراجات «أبو رجيلة» كان عدد كبير من العمال يتولون مهمة تنظيف وتعقيم أسطول السيارات بالمواد المطهرة مرتين أو ثلاثاً في الأسبوع.
ولكن من هو عبد اللطيف أبو رجيلة، الذي يتغنى باسمه كبار السن ويتحسرون على أيامه كلما استقلوا أتوبيساً للنقل العام في مصر ودفعهم لوسمه بإمبراطور الأتوبيس؟.
عبد اللطيف أبو رجيلة ابن مدينة إسنا الصعيدية، ولد في أم درمان في السودان، تعلم وعمل في البداية في القاهرة، واكتسب الخبرة العلمية والعملية في لندن وروما، فكانت الصفقة الأولى في إيطاليا، ثم حقق الشهرة والنجاح في القاهرة من جديد، قبل أن يتوزع نشاطه بعد التأميم بين إيطاليا والسودان .
بعد التعليم الأولي في السودان، جاء أبو رجيلة إلى القاهرة، والتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية، وفي الجامعة التحق بكلية التجارة، وكان يعول نفسه بممارسة عمل تجاري على نطاق ضيق مع بعض أقاربه.
عمل عبد اللطيف أبو رجيلة بعد تخرجه في بنك مصر، وأخذ يتعلم ويستفيد من تجربة أستاذه طلعت حرب.
كان أبو رجيلة يؤمن بأن النجاح، كهدف، ينبغي أن يسبق جمع الثروة، لدى أي رجل أعمال، وأن المال يجب أن يجري في مشروعات طول الوقت، ولا يتكدس في البنوك لحظة واحدة.
بدأ أبو رجيلة رحلة الاستيراد والتصدير برأسمال متواضع 34 جنيهاً، اشترى آلة كاتبة ومكتباً وطوابع بريد، وعيّن موظفاً ليعاونه بمرتب لا يزيد عن خمسة جنيهات في الشهر، وانطلق في مشروعه الجديد.
عاش أبو رجيلة في إيطاليا سنواتٍ طويلة قبل ثورة يوليو 1952، وتزوج من إيطالية تدعى لندا، كانت صديقة دراسة لابنة أسرة مصرية تعيش هناك.
ويشير أبو رجيلة إلى أن لندا صعيدية إيطالية مثلما هو صعيدي مصري، فهي من منطقة كالابريا جنوب إيطاليا، ظل أبو رجيلة من العازفين عن الزواج إلى أن التقى المرأة التي تعلق بها قلبه فتزوجها، ولكن لم يرزقهما الله بأطفال.
في عام 1954 تولي أبور رجيلة إدارة أتوبيس القاهرة، وكانت مصر تمتلك في عهده أنظف حافلات، يمكنك أن تري ذلك في فيلم "الكمساريات الفاتنات" بطولة إسماعيل ياسين وعبد السلام النابلسي وأحمد رمزي.
كان أبو رجيلة يعين مُحَصِلات في أتوبيساته ويختارهن بدقة وعناية لجذب الركاب من شركتي مقار وسوارس المنافستين له، وبسبب هذا تم صنع هذا الفيلم.
حين تولى عبد اللطيف أبو رجيلة رئاسة نادي الزمالك عام 1956، حصل النادي على بطولة الدوري لأول مرة في تاريخه، منذ نشأ عام 1911، وفي تلك الفترة ارتفعت ميزانية النادي من 6000 جنيه إلى 18000 جنيه ودخل الزمالك مرحلة جديدة انتعش فيها وتوسعت المنشآت بشكلٍ ملحوظ.