كيف ستستفيد مصر من الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟
يبدو أن الولايات المتحدة مصرة على خلق حرب تجارية فى العالم، حيث صرح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مؤخرا من جديد بأن حكومته مستعدة لفرض تعريفة جمركية بقيمة 60 مليار دولار على الواردات الصينية.
إذن يجب على المنطقة العربية ومصر أن تتعامل مع الموقف كما لو أن هذه الحرب التجارية بدأت بالفعل وليست مجرد مخاوف أو إرهاصات لها، وفيما يتعلَّق بالمنطقة، وتحديدًا مصر، فإننا يُمكننا أن نبحث حول الاحتمالات المختلفة التى ستأتى عقب هذه الحرب، خاصة مع تحول الولايات المتحدة إلى النظام الوقائى.
وفي البداية يجب أن يعلم الجميع أن إصرار أمريكا على فرض رسوم وقائية يُمكن أن يغرى العديد من الأسواق الناشئة فى تبني سياسة تجارية وقائية هى أيضا فى محاولة للتحوط ضد فرض رسوم إغراق من قبل الصين، الأمر الذى سيدفع العديد من الصناعات الصينية إلى إنشاء استثمارات ذات تعريفة جمركية مرتفعة بشكل كبير في الدول المذكورة، وتوفير تدفقات إضافية من الاستثمار الأجنبى المباشر إلى الأخيرة، مع فتح قنوات التجارة مع الطرف الأول.
وما يؤكد ويثبت إمكانية وقوع هذا السيناريو هو مساعى الصين الحثيثة لإنشاء مدينة للغزل والنسيج فى مدينة المحلة المصرية من أجل الاستفادة من اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة أو "كويز" الخاصة بمصر، والتى ستمكنها من تصنيع الملابس والمنسوجات وتصديرها للسوق الأمريكى بدون رسوم بشكل كامل.
وبالتأكيد سيكون هذا فى صالح الصناعة المصرية من جانب، فهذه المدينة الصناعية ستوفر آلاف فرص العمل للمصريين، كما أنها ستساهم في تحسين الميزان التجارى المصرى، وستطور القاعدة الصناعية المصرية، والصادرات المصرية أيضا، كما أن عددا آخر من الدول سيحذو حذو الصين في إقامة مصانع لها خارج أراضيها للالتفاف على رسوم الإغراق التى تفرضها أمريكا على الدول الصناعية الكبرى، خصوصا وأن هناك مساع حاليا لاستثناء مصر من هذه القرارات.
لكن على الجانب الآخر يجب الحذر، لأن هذه المدينة لو تم اتخاذها كإلتفاف فقط على الإجراءات الأمريكية وقامت المدينة الصينية باستيراد المنسوجات من الصين نفسها ثم إعادة تصديرها من مصر ضمن اتفاقية الكويز إلى أمريكا فربما تحدث هنا المشكلة وتضر هذه الممارسات باتفاقية "الكويز" نفسها وبالعلاقات التجارية المصرية.
لذلك يجب الحذر وتشديد الرقابة لمنع استغلال حاجة مصر لزيادة الصادرات واتخاذها كمعبر لتصدير منتجات دول أخرى سواء لأمريكا أو السوق الأفريقى الذي ترتبط به مصر بعشرات الاتفاقيات التجارية التى تجعله سوقا كبيرة للمنتجات المصرية أو التى تصنع في مصر من قبل شركات أجنبية.
ولمن لا يعرف فإن "شركة مان كاى للاستثمار" هى أحد الشركات القابضة التى تعمل فى مجال صناعة الغزل والنسيج فى الصين على مدار أكثر من عشرة عقود، وهي التى ستقوم بإنشاء أكبر مدينة لصناعة المنسوجات والملابس فى مصر على مساحة 3.1 مليون متر مربع بمدينة السادات، فى غضون 4 سنوات فقط
وتضم المدينة العملاقة التى سيتم إقامتها على مساحة 3.1 مليون متر مربع 568 مصنعاً بإجمالى رأس مال مدفوع 2 مليار دولار، ويتم إنشاء المدينة باستثمارات أجنبية بنسبة 87% و 13% استثمار محلى وتوفر فرص عمل مباشرة تصل إلى 160 ألف عامل وفنى وبإجمالى قيمة إنتاج سنوى تصل إلى 9 مليارات دولار.
كما تسعى الصين أيضا حاليا إلى إنشاء مصنع لإنتاج السيارات فى مصر من خلال شركة سياك موتورز الصينية للاستفادة أيضا من الإمكانات الهائلة للسوق المصرى سواء المحلى أو الأسواق الخارجية التى يستطيع تصريف منتجاته فيها.