التوقيت الجمعة، 08 نوفمبر 2024
التوقيت 10:01 م , بتوقيت القاهرة

كيف تتجنب مصر أن تكون طرفا فى حرب تجارية عالمية محتملة؟

الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب

لا شك أن الصين قد تحولت لمارد اقتصادى مخيف للدول الكبرى في السنوات الأخيرة، خاصة بعد تحولها من نظام تقليد الصناعات، إلى نظام التنصيع المحلي الكامل والمبتكر، وأصبحت الماركات الصينية الخالصة تجتاح العالم بقوة، خاصة في مجال الصناعات الثقيلة، مثل صناعة الصلب والسيارات والسفن، والتكنولوجيا مثل الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وغيرها.

لكن يبدو أن المارد الصينى أخاف الكثيرين، من قرب استحواذه على أسواق العالم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، المنافس الأشرس للاقتصاد الصينى، وهو ما دعا الرئيس الأمريكى إلى الإعلان عن إجراءات حمائية كبيرة تستهدف فى معظمها السوق الصينى، كان أشدها فرض واشنطن رسوم جمركية على المعادن المستوردة، كما هدد ترامب أكثر من مرة بفرض ضرائب على السيارات المستوردة من أوروبا أيضا.

التصرف الأمريكى، أغضب عددا كبيرا من الدول وطبعا على رأسها الصين، مما جعلها تهدد بالرد القوى، إلا أن وزير التجارة الصينى تشونغ شان، قال إن أى حرب تجارية مع الولايات المتحدة ستجلب فقط كارثة للاقتصاد العالمى، وفى نفس الوقت تعهدت الصين على نحو متكرر بالدفاع عن "حقوقها ومصالحها المشروعة" إذا استهدفتها إجراءات تجارية أمريكية.

وقال تشونغ إن الصين لا تريد حربا تجارية وإنها لن تبدأ حربا تجارية، وقال "لا يوجد فائزون فى الحرب التجارية، لن تجلب سوى كارثة للصين والولايات المتحدة والعالم"، وأضاف أن الصين باستطاعتها التعامل مع أى تحديات وإنها ستحمى بقوة مصالحها، لكن البلدين سيواصلان الحديث، وقال "لا أحد يريد خوض حرب تجارية، والجميع يعلم أن خوض حرب يؤذى الآخرين ولا يفيده".

وصدرت أكثر التهديدات الصينية صراحة حتى الآن عن قطاع صناعة المعادن الصينية، إذ حث الحكومة يوم الجمعة على الرد عبر استهداف الفحم الأمريكى، وهو قطاع مركزى لقاعدة ترامب السياسية وتعهده الانتخابى باستعادة الصناعات الأمريكية.

وعزز إعلان ترامب للرسوم الجمركية المخاوف بشأن زيادة الحماية التجارية الأمريكية، وهى المخاوف التى كانت سببا فى اضطراب فى أسواق المال العالمية خلال العام السابق فى الوقت الذى يخشى فيه المستثمرون من أن خلافا تجاريا مدمرا سيقوض التحسن المتزامن للنمو العالمى.

لكن ما هو موقف الدول العربية ومصر من هذه الحروب المحتملة؟ الحقيقة أن هذه الدول لن تكون في القريب العاجل عاملا مؤثرا فى أى حرب تجارية عالمية، وغالبا ما ستكون ضحية لهذه الحرب، لأنها جميعها دول مستوردة واستهلاكية، هي عبارة عن سوق فقط لهذه الدول الكبرى، ومن الضرورى أن تبدأ هذه الدول في زيادة تعاملها مع إحدى القوتين الاقتصاديتين، إما الصين أو أمريكا، وأن تحرص على أن تكون ليست طرفا فى أى حرب تجارية محتملة؟

ولكن نجم أمريكا بدأ يأفل اقتصاديا وبزغ نجم الصين، لذلك يجب على الدول العربية ومصر أن تسعى جاهدة لعقد شراكات وتعاون تجارى وصناعى كامل مع الصين، حتى تكون طرفا فاعلا فى التجارة العالمية خلال الفترة المقبلة، وتؤمن مصالحها، بدون أن تكون طرفا فى الحرب التجارية.

شىء آخر مهم يجب الاهتمام به والحرص عليه وهو أن تتوجه مصر بالذات إلى السوق الأفريقي البكر، الذى يمكن أن يستوعب أى صناعات مصرية، فهو لا يوجد به أى نوع من الصناعات المهمة، ولا توجد قيود كبيرة على دخول المنتجات المصرية، ولا يوجد به مواصفات معقدة للمنتجات مثل الموجودة فى أوروبا وأمريكا، ويمكن أن تكون أفريقيا بسهولة سوقا للمنتجات المصرية، خاصة مع وجود عدد كبير من الاتفاقيات التجارية بين مصر وأفريقيا، بالإضافة إلى قربها وكونها امتدادا استراتيجيا لمصر، وهو ما سيجنب مصر أن تقع فريسة لأى حرب تجارية مقبلة، خاصة في الفترة المقبلة التى ستشهد مرحلة نمو للاقتصاد المصرى والتى تحتاج سوقا كبيرا ومفتوحا لتصريف منتجاتها به بدون عوائق.