التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:08 ص , بتوقيت القاهرة

تجربة حقيقية.. قصة زوجين ضاع حلمهما في تمويل "مشروع العمر"

"أول ما نقبض الجمعية هيبقى معانا 10 آلاف جنيه، طب الفلوس دي مش هتعمل أي حاجة في المشروع بتاعنا.. هنعمل المشروع إزاي؟"".. هذه الجملة قالها شاب عشريني يدعى "عماد" لزوجته "رنا"، أخذ الزوجان يسردان تفاصيل مشروع العمر...


وتسأل عماد بعدها 10 ألاف ماذا تفعل، ونحن في حاجة إلى 120 ألف جنيها لكي نبدأ فقط؟


يحلم الزوجان بإقامة "مشروع العمر"، محل للعصائر في أحد المولات الشهيرة، واختارا له اسما جذابا سيكون أحد العلامات التجارية الشهيرة في المستقبل، يتم بداخله تقديم العصائر بأسعار مناسبة للأسرة المتوسطة.


وكتب الزوجان كل تفاصيل المشروع، وكل شيئا يحتاجون إليه في هذا المشروع، في "كراسة" كتب عليها مشروع العمر.


"120 ألف جنيه.. يا دوب هنشتري المعدات المطلوبة.. وطبعا إيجار أول شهر ومعاه شهرين تأمين.. معانا منهم 10 آلاف جنيه.. يبقى كده احنا محتاجين 110 يا رنا"، هكذا قال عماد لزوجته.


وهنا بدأت رحلة التفكير في تمويل مشروع العمر، كيف يحصل عماد على قرض بقيمة 110 آلاف جنيه؟


بعد مشاورة مع الأصدقاء، منهم من قال له خذ قرض من أحد البنوك، لكن البنوك تطلب ضمانات كثيرة، والفائدة البنكية أكبر بكثير من المنتظر من هذا المشروع، وكانت النصيحة التي اقتنعا بها هي الذهاب لصندوق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فهو الجهة التي يمكن من خلالها الحصول على تمويل للمشروعات الناشئة بفائدة صغيرة.


بعد أيام قليلة، استيقظ الزوجان وذهبا سويا لمقر الصندوق بحي مدينة نصر، وصعدا للدور الثاني، واتجها نحو الموظف المختص بمشروعات محافظة القاهرة.


ابتسامة عريضة على وجه الموظف، مستقبلا بها الزوجان، وبدأ بجملته الشهيرة "تحت أمركم، أقدر أساعدكم في إيه؟".


سرد الزوجان تفاصيل مشروعهما وحجم المكاسب المتوقعة، والتمويل المطلوب من الصندوق، لتختفي فورا الابتسامة من على وجه الموظف، ليرد قائلا "معاكم كام بقى من المبلغ ده علشان نحسب إحنا هنديلكم كام".


عماد رد عليه بابتسامة رقيقة "معانا 10 آلاف جنيه"، وهنا بدأت نظرات "الاحتقار" تظهر على وجه الموظف، ولكن عماد باغته على الفور "مش أنتم بتقولوا إنكم بتمولوا المشروعات! إيه المطلوب مننا بقى علشان نعمله؟".


رد الموظف "لازم يكون معاكم نصف المبلغ اللي محتاجينه للمعدات.. بعد كده تعالوا ونتكلم تاني".



"نصف مبلغ المعدات يكاد يقترب من 30 ألف جنيه، وهو ما يعني أن الـ 10 آلاف جنيه لا تكفي، ويجب تدبير 20 ألف جنيه أخرى، ده غير الفلوس اللي عاوزينها علشان الإيجار والتأمين"، هذا ما دار في أذهان عماد ورنا، ولكن الموظف زاد عليهم بتفاصيل أخرى "ده غير إننا مش بنموّل غير مشاريع قائمة بالفعل، لأن إحنا بننزل نعاين المشروع على أرض الواقع، على الأقل يكون المكان موجود ومترخّص، أومال أنتم فاكرين إيه، دي فلوس الدولة مش مال سايب".


حلّ الصمت الرهيب على الزوجين، وقاما على الفور ممسكان بالفايل الخاص بتصور المشروع، ونظرا إلى بعضهما نظرة تحمل معان كثيرة، جميعا تصل لنهاية واحدة وهي "مفيش فايدة".


يبدو أن الحكومة في احتياج لمراجعة الأمور الخاصة بدعم المشروعات الناشئة، كيف يشترط صندوق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أن يكون المشروع قائما بالفعل! "يا بيه لو كان المشروع قائما بالفعل مكنش الشباب خبط المشوار ده وجالك".


يجب أن تكون هناك آليات واضحة لدعم المشروعات الناشئة، حتى لا تتحطم أحلام الشباب الراغبين في بدء "مشروع العمر" مثلما حدث مع عماد ورنا.



الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أكد لـ"دوت مصر" أن التمويل مازال أكبر تحد يواجه المشروعات الضغيرة ومتناهية الصغر، لافتًا إلى أنه على الرغم من تشديد الدولة المصرية على توفير القروض الميسرة إلا أن التعقيدات البنكية وبيرقراطية التعاملات والإجراءات هي التي تضيع منا الفرص، والتي يمكنها أن تغير خريطة الإنتاج في مصر.


وأوضح ضرورة توفير التمويل اللازم لمثل هذه المشروعات، مشيرا إلى أن اقتصادات الدول الكبرى تعتمد على المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مختلف القطاعات.


الحكومة ملزمة بمراجعة شروط قروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، آلاف "عماد ورنا" يبحثون عن فرصة لبدء مشروعاتهم الخاصة دون جدوى.


اقرأ أيضا..


السيارة الكهربائية في مصر.. مستقبل مشروط والشحنة في 40 دقيقة


ننشر خطة الصناعات النسيجية وموعد إطلاق استراتيجية تطوير القطاع