"علامات المرور".. من المصنع للطريق السريع (فيديو)
كتبت- هند بشندي:
في طريقه اليومي من القاهرة لمنزله ببنها، يبتسم إبراهيم حمدان كلما وجد لافتة مرورية، ويردد بصوت داخلي يملؤه الفخر "ده شغلي..أنا اللي عملته".
23 عامًا قضاها حمدان يعمل داخل مصنع علامات المرور التابع لهيئة الطرق والكباري بمدينة نصر، ليصبح واحدًا من كتيبة مكونة من ثلاثة وثمانين فردا، من عمال وفنيين ومهندسين، وظيفتهم الأساسية هي إرشاد وتحذير سائقي الطرق عبر العلامات المرورية المختلفة.
علامات ولافتات مرورية يشاهدها الملايين يوميا على الطرق السريعة، ولا يعرفون أن وراءها حسني توفيق.. "ليه بصمة في كل لوحة"، هكذا يقول عنه زملاؤه، فهو يصمم اللافتةن ويحدد الأبعاد والبنط المناسب لها، ربما لا توجد لافتة مرورية لم تمر من تحت يديه، فهو يعمل منذ إنشاء المصنع، "اتبني على ايدي"، يقولها مؤكدًا اعتزاه وفخره بعمله داخل المصنع.
من داخل المصنع
والآن.. نأخذكم في جولة داخل مصنع علامات المرور، الذي بني عام 1990 بطراز إنجليزي على مساحة ألفي متر مربع، ليوضح لنا مدير عام هندسة وسلامة الطرق والمشرف على مصنع العلامات منذ إنشائه، المهندس نبيل فهمي، طبيعة العمل داخل المصنع.
في البداية يوضح المشرف على مصنع علامات المرور، أن المصنع بدأ الإنتاج الفعلي منذ عام 1990 بحوالي 1500 إلى 2000 علامة شهرية ليصل في الوقت الراهن إلى نحو 5000 علامة مرورية، تغطي جميع أنحاء مصر، من خلال 14 منطقة، تشمل كل منطقة محافظتين أو أكثر.
ويضيف أن كل منطقة بها رئيس إدارة مركزية ومديرون عموم مسؤولون عن التخطيط ودراسة احتياجات الطريق بالتعاون مع المحافظين وإدارة المرور، حيث يستطيعون عمل حصر للعلامات المطلوبة والناقصة، ويتم إرسالها للمصنع للتصنيع.
24 ألف كيلو متر فقط سيضاف إليها نحو 4 آلاف كيلو خلال أيام، هي حجم الطرق المسؤول عن علاماتها مصنع المرور، حيث تنحصر مهمته في الطرق السريعة التي تربط بين المحافظات، بالإضافة إلى الكباري خارج القاهرة، ولا تقع ضمن اختصاصاته شوارع وسط المدينة، وإن كان "فهمي" ينوه أن هناك اتجاها من قبل رئيس هيئة الطرق والكباري الدكتور سعد الجيوشي لإشراف الهيئة على كل الطرق بما فيها الداخلية.
ويشير "فهمي" إلى أن أهمية المصنع، بالإضافة إلى الحفاظ على الأرواح من خلال العلامات التحذيرية، فإن له بعدا اقتصاديا، حيث يوفر المصنع ما يقرب من 50 مليون جنيه للدولة، وهو مبلغ فرق السعر من القيمة السوقية إذا اشترته الدولة ولم تصنعه، كما أن المصنع يدر دخلا إضافيا من خلال تصنيع اللوحات للجهات الخارجية، سواء مؤسسات أو أفراد.
ورغم أن المصنع يوفر للدولة هذا المبلغ، إلا أنه وفقًا لـ"فهمي"، فهو يستخدم أجود الخامات، حيث يقول إن الخامات المستخدمة تتطابق مع الخامات الموجودة في الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى أن جميع المواد المستخدمة في التصنيع يتم اختبارها في المعامل المتخصصة.
مراحل الصناعة
يوضح "فهمي"، أن المصنع ينقسم لثلاثة أجزاء رئيسية، وهي: قسم اللحام والرش وقسم الكتابة والقسم الميكانيكي.
وتمر اللوحة بعدة مراحل قبل أن تستقر على أحد الطرق السريعة، ففي البداية تقطع اللوحة للمقاسات المطلوبة.
ثم تأتي مرحلة الكتابة، وفي هذه المرحلة تستخدم الماكينات لتقطيع الحروف، وفي حالة التصميم المرسوم يتم إدخاله داخل الكمبيوتر، ثم يطبع الشكل على ورق مخصوص.
ويستخدم في العلامات المرورية نوعان من الورق، أهمهم الورق الماسي، وهو ورق فائق الانعكاس يغني عن وجود الضوء، ويستطيع توفير الكهرباء بنسبة 100%، حيث لا تحتاج الطرق لوجود إنارة في وجوده.
في قسم الكتابة يجلس "محمد" القرفصاء فوق أحد الألواح، يلصق الحروف بجوار بعضها البعض، ممسكا في يده "كاتر" يضبط به شكل الحرف ليظهر بالدقة المطلوبة في عملية تستغرق منه نحو ثلث ساعة لكل علامة مرورية.
وهناك القسم الميكانيكي، وهو القسم الذي يحتوى على عدة ماكينات، وهي الماكينات التي شهدت تطورا عن خمسة وعشرين عاما سابقة شهدها ناصف مالك أقدم فني صيانة في المصنع، حيث كان العامل يقف أمام ماكينات تبلغ درجة حرارتها نحو 80 درجة مئوية.
لتأتي المرحلة الأخيرة وهي مرحلة التجميع.
ثم تنقل العلامات عبر أوناش حتي منطقة العمل.
السرقة.. المشكلة الأبرز
يعتبر المشرف على مصنع المرور، أن المشكلة الأبرز التي يواجها المصنع هي مشكلة سلوكيات، حيث يفقد المصنع من 20 إلى 40% من العلامات التي ينتجها وتستخدم في الطرق، أغلبها بسبب السرقة، رغم إنهم يستخدمون في التصنيع الصاج المجلفن بدلا من الألمونيوم، وهو نوع له نفس الكفاءة، ونفس العمر الافتراضي لكن أقل طمعًا للسرقة.
ويضيف أنه يتم فقد العلامات أيضًا بسبب الكتابة عليها ونزعها، مما يعتبر حملاً على المصنع، فبدلا من إكمال علامات الطرق بنسبة 100% يعيد المصنع إنتاج ما تم فقده، في حين أن نسبة الفقد في الدول المتقدمة لا تتعدي 1% وتكون بسبب الحوادث.
ويشير إلى أن العمر الافتراضي لأقل خامة مستخدمة من 7 لـ10 سنوات، لكن العلامة المرورية تفقد قبل ذلك بكثير.