التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 03:10 م , بتوقيت القاهرة

طارق عزيز.. صحفي أدار معارك "صدام" الدبلوماسية

"ميخائيل يوحنا" أو "طارق عزيز"، كما كان يحلو للرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، تسميته، لم يكن صديقا مقربا للأخير فحسب، بل كان واجهته الدولية خلال حقبة طويلة من الأزمات والحروب.


السيجار الكوبي


برز اسم طارق عزيز - الشهير بسيجاره الكوبي - على الساحة الدولية في فترة حكم صدام حسين بشكل واضح، وتقلد مناصب كثيرة أبرزها وزير الخارجية، ونائب رئيس الوزراء، والناقل الأول لمواقف صدام حسين إلى الخارج، لاسيما في فترات حرب الخليج الثانية والثالثة.


ولد طارق عزيز عام 1936 في بلدة تلكيف القريبة من مدينة الموصل لأسرة كلدانية كاثوليكية، ويعد المسؤول المسيحي الوحيد في النظام السابق، درس الأدب الإنجليزي في جامعة بغداد، قبل أن يبدأ العمل في الصحافة.


علاقة "عزيز" بصدام حسين تعود إلى فترة الخمسينيات، عندما كان الاثنان في حزب "البعث" الذي كان محظورا حينها، وكان يسعى للإطاحة بالنظام الملكي المدعوم من بريطانيا.



جريدة الثورة


في فترة لاحقة، أصبح "عزيز" رئيس تحرير جريدة "الثورة" الناطقة بلسان الحزب ذاته، وعندما تولى "صدام" الرئاسة عام 1979 عينه نائبا لرئيس الوزراء، ليستمر بين قيادات الصف الأول بالحكومة مدة ربع قرن إلى أن سقط "صدام".


برز "عزيز" على الساحة الدولية بعد توليه وزارة الخارجية، إبان حرب الخليج الثانية عام 1991، وكان المتحدث باسم الحكومة، الأمر الذي جعله دائم الظهور في وسائل الإعلام الغربية، بسبب إتقانه اللغة الإنجليزية.


ولعب في أغلب الأوقات دور ممثل رئيس الحكومة الفعلية ممثلا صدام حسين والحكومة العراقية في الاجتماعات، والقمم الدبلوماسية العالمية والعربية.



محاولة اغتيال


نجا "عزيز" من محاولة اغتيال على يد جماعة معارضة مدعومة من إيران أمام جامعة المستنصرية ببغداد، عشية حرب العراق مع إيران، ما ساعده في كسب دعم الولايات المتحدة بغداد في مواجهة إيران،  وفي الوقت نفسه نجح في إقامة علاقات اقتصادية مع الاتحاد السوفييتي.


بعد إخراج القوات العراقية في عام 1991 من الكويت، قاد نائب رئيس الحكومة الجانب العراقي في المفاوضات المتعثرة والصدامية مع مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، الذين أشرفوا على تفكيك أسلحة الدمار الشامل في بغداد.


في 24 أبريل 2003، أعلنت القوات الأمريكية القبض على طارق عزيز، في خطوة ترافقت مع إعلان وزير الدفاع الأمريكي، دونالد رامسفيلد، توسيع لائحة المطلوبين الـ55 من المسؤولين العراقيين السابقين، لتشمل 200 مطلوب.


إلا أن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قال في وقت سابق إن وزير الخارجية العراقي حينها سلم نفسه للأمريكيين.



أحكام بالسجن


وفي أول ظهور له في المحكمة، دافع "عزيز" بقوة عن صدام حسين ومتهمين آخرين، مؤكدا أن الرئيس الراحل رفيق دربه، وأن أخ "صدام" غير الشقيق برزان التكريتي، صديق عمره.


وسرت شائعات بشأن صحة نائب رئيس الوزراء العراقي، المصاب بداء السكري، والذي يعاني مشاكل في القلب، حيث قيل إنه أصيب بنوبة قلبية قبل اعتقاله.


حكم عليه للمرة الأولى في مارس 2009 بالسجن 15 عاما، بعد إدانته بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" في قضية إعدام 42 تاجرا في بغداد في 1992 كانوا متهمين بالتلاعب بأسعار المواد الغذائية عندما كان العراق خاضعا لعقوبات الأمم المتحدة.


كما حكمت المحكمة عليه في أغسطس 2009 بالسجن 7 سنوات، لإدانته في قضية التهجير القسري لجماعات من الأكراد من محافظتي كركوك وديالى في ثمانينات القرن الماضي.



مرحلة السجن


أعلنت السلطات العراقية، في 14 يوليو 2010، أن قوات الاحتلال الأمريكي سلمتها 26 مسؤولا عراقيا سابقا كانوا معتقلين لديها، بينهم نائب رئيس الوزراء الأسبق، طارق عزيز، الذي سارع محاميه إلى الإعلان أن "حياته في خطر".


وأكد محامي "عزيز"، بديع عارف، أن حياة موكله "في خطر شديد"، مشيرا إلى أنه يخشى عليه من "بطش الحكومة العراقية"، وأنه يعتزم توجيه التماس إلى الفاتيكان للتدخل بشأنه.



وفاته


توفي طارق عزيز، أمس الجمعة عن عمر يناهز 79 عاما، وقال النائب الأول لمحافظ ذي قار، عادل دخيل، لموقع "السومرية نيوز" إن الوفاة سببها "وعكة صحية".


وأضاف أن "إدارة سجن الناصرية نقلته إلى مستشفى الحسين التعليمي وسط الناصرية، إثر إصابته بذبحة صدرية، قبل أن يتوفى ظهرا في المستشفى".


كانت المحكمة الجنائية العليا في العراق أصدرت، في 26 أكتوبر 2012، حكما بإعدام وزير خارجية "صدام" شنقا في قضية تصفية الأحزاب الدينية، بعد أن أصدرت في 3 مايو 2011 حكما عليه بالسجن المؤبد بحقه في قضية تصفية "البارزانيين".