عن أرملة الجبلي وأمريكا والذين سافروا مع السيسي
(1)
أحبته جدا، رسما معًا عالمًا ورديًا كانا يعرفان جيدا أن لا وجود له على أرض الواقع، ولكنهما فعلا، ويوم تركها، دون مقدمات أو أسباب تعرفها هي على الأقل، لم تنهار، عادت إلى عملها وحياتها بعد إجازة يومين قضتهما في إعادة تقييم علاقة انتهت للأبد، ولكنها لم تستطع أن تفتح حسابها على فيس بوك قبل شهر كامل من تلك الحادثة، لم تستطع أبدًا.
زوج وحبيب ورفيق، ورجل وفقا لما قرأنا وسمعنا عنه، من الجنة حقًا، خلوق ومتفهمٌ، وميزته الأعظم أنه ليس كأغلب من قابلت، الذين يرهنون رضاهم عن زوجاتهم بتركهن كل أمور حياتهن في سبيل ذلك الزواج، فكان داعما مشجعا، رحل تاركا طفلا لم يرَ النور، وأرملة شابة ناجحة تعاطفنا معها جميعا، أو كان ذلك ما كان.
تصريحات صحفية لا تنتهي، بوستات وكومنتات وصور وشير في الخير وفي غيره، يا حبيبي يا أحمد، يا مهنيني يا أحمد، يا مستتني، تعاطفٌ جم في البداية ثم عشرات علامات الاستفهام، لِمَ ؟ وكيف؟ وهل ننصب أنفسنا قضاة حين نطرح تلك الأسئلة؟، لا أتصور، لأن من جعل الأمر "تريند" على مواقع التواصل الإجتماعي لابد وأن يحتملنا، فهل من مُفسر.
الحزن مبقالهوش جلال يا جدع ..
الحزن زي البرد، زي الصداع ..
و عجبي ..
(2)
لي زميل، قضى قرابة العشر سنوات متنقلا بين دول عدة، عمل في اليابان وفي كندا، أمريكا والإمارات، وحين كنت أقص له كيف أحلم بالهجرة ليل نهار، ظهرت على وجهه آيات الامتعاض، وقال بعد تنهيدة حارة.
عمرك ما هتلاقي مكان زي مصر، عمرك ما هتلاقي زيها ..
أعرف أنه "مبينظرش"، ولكنني وعلى الرغم من آلاف الحكايات التي قالها وآلاف المواقف، لم أقتنع، كنت أضحك دائما وأقول له إنني مصممة على التجربة، على الأقل إن وصلت يومًا إلى وجهة نظره، فسيكون بعد تجربة وعن اقتناع، ذلك لأن سوء التفاهم بيني وبين مصر قد بلغ ذروته، وصرنا كحبيبين يجب أن يبتعدا في هدنة مؤقته، ليعودا مشتاقين، أو لا يعودا أبدا.
عذرت محمد سلطان، خلفيته الإخوانية لم تمنعني ولست متآمرة طبعا قبل أن تتهمني، ودون الخوض في السياسة، ولكنني فقدت فعلا كل تعاطف ممكن مع جميع الأطراف، لكن ما صرعني فعلا، هو ذلك المقطع الذي أخرجته دوت مصر، والذي جمع بين تصريحاته وتصريحات والده، بشأن ماما أمريكا.
إن تخالفني الرأي، أمر لا يحزنني، أن تعارضني، تنتقدني، أو أن تقف في أقصى اليسار بينما أقف أنا في أقصى اليمين، أمرٌ لا ينقصك في عيني احتراما، لكن أن تنتهج نهجا ظللت تتغنى برفضه ليل نهار، فذلك لا وصف له إلا أنك شخصٌ حقير، يا حسرةً على صديقتي التي صدقت و تعاطفت وكتبت فيك شعرا، يا سلطان.
(3)
الناس فيمَ يعشقون مذاهب، وفيمَ يتابعون على شاشة التلفزيون أيضا.. وفي مذهبي العشقي، لا مكان لأحمد موسى، كنت أتابعه قسريا حين اضطرتني طبيعة عملي في وقت من الأوقات، ولكن الله و له الحمد ألف مرة على ذلك قد أزاح الغمة، ومنذ ذلك الحين وأنا أتجنبه وأتجنب نبرة صوته المميزة، لكن أن تفاجئني طلته البهية مباشرة من ألمانيا مصاحبا للرئيس السيسي، في حين صدر بحقه حكم قضائي، هو أمر لا يتحمله قلبي الصغير حقيقة.
أحمد موسى ويسرا وإلهام شاهين وعزت العلايلي وغيرهم، فنانون رافقوا السيسي في زيارته إلى ألمانيا، دون مبرر مفهوم أو سبب واضح لاختيارهم، أو حتى- يا مؤمن- اختيارهم دون غيرهم، وبغض النظر عن أصوات ساخرة وأخرى محقرة وثالثة توافق ورابعة تطبل "عمال على بطال"، يبقى سؤالي دون إجابات، ليه بيحصل كده ؟
إن كانت تلك الزيارة على نفقة رجل أعمال شهير فلمَ ؟ ولمَ هؤلاء تحديدا؟ و لمَ لا يمثلنا من يشبهنا، ولمَ لا يمثلنا من يشرفنا ولمَ لا نختار أصلا من يمثلنا، أهم قادرون على غناء بشرة خير ونحن لا نقدر، أهم الواجهة، ولمَ في تلك الزيارة تحديدا؟ ها، ليه؟
الإجابة الأكثر إقناعا في هذا الصدد، "لطشتها" من واحدة من الصفحات الساخرة على فيس بوك، إذ أوضحت أن هؤلاء الفنانين دون غيرهم، "معملوش مسلسلات في رمضان السنة دي"، وكانت تلك الوسيلة الوحيدة التي يملكها رجل الأعمال ذاك، للتسرية عنهم.
عقبال من يُسّري عنا يا شعب مصر..
خلاصة القول ..
لا شيء سيذهب بنا للجحيم، وبسرعة الضوء، إلا احترافنا صناعة الأبطال من اللاشيء.. لا شيء سيذهب بنا للجحيم وبسرعة الضوء، إلا افتقاد قدوة حقيقية، ما يدفعنا معصوبي الأعين إلى خلق مُثل عليا، ممن لا يزيدون عنا شيئا، ذلك إن لم نكن نحن أفضل، ألف ألف مرة.