التوقيت السبت، 28 ديسمبر 2024
التوقيت 08:38 ص , بتوقيت القاهرة

بروفايل| محمد الفاتح.. السلطان الذي مدحه النبي قبل 8 قرون

لا يذكر اسمه في الأوساط الإسلامية التركية وغيرها، إلا وتجد له إجلالا وعظمة، فهو الرجل الذي قام بعمل عجز المسلمون عن القيام به لأكثر من 8 قرون هجرية.

إنه محمد خان الثاني "السلطان العثماني السابع"، والملقب بالقصير وأبو الفتوح وأبو الخيرات، الذي قضى نهائيا على الإمبراطورية البيزنطية بعد أن استمرت أكثر من أحد عشر قرنًا، ودمج  الإدارات البيزنطية القديمة في جسم الدولة العثمانية المتوسِّعة آنذاك، في ذكرى إحياء الذكرى الـ562 لفتح القسطنطينية، والتي احتفل بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نعرض أهم مراحل حياته.

التربية الصوفية

وُلد محمد الفاتح في ليلة الإسراء والمعراج 27 رجب من العام الهجري 835هـ، الموافق 30 من مارس 1432م،  في مدينة أدرنة، عاصمة الدولة العثمانية، في عهد أبيه السلطان مراد الثاني سادس سلاطين الدولة العثمانية، الذي تعهَّده بالرعاية والتعليم؛ ليكون جديرا بالسلطنة والنهوض بمسؤولياتها.

وكان أحد أهم مدرسيه الذين كلفهم أبوه بتربيته، الشيخ آق شمس الدين، أحد كبار مشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية، فمنذ أول يوم، قال له شمس الدين (يا محمد يقول النبي "لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الأَمِيرُ أَمِيرُهَا، وَلَنِعْمَ الجَيْشُ ذَلِكَ الجَيْشُ"، وأنا أرى أنك هذا الفاتح)، وأخذ يغرس فيه هذه الأمنية، حتى أصبحت حلمه الأوحد، كما جاء في كتاب الفتوح الإسلامية عبر العصور، للدكتور عبد العزيز العمري.

توليته للعرش وتنازله

بعد أن توفى أخيه الأكبر وولي العهد الأمير علاء الدين، حزن أبيه حزنا شديدا وسئم الحياة، فتنازل عن الملك لابنه محمد وعمره 14 عاما، وقتها وجد محمد نفسه أمام مهام أكبر من سنه، ولم تمض إلا أشهر حتى غدر المجر وأغاروا على بلاد البلغار غير مراعين شروط الهدنة الموقعة عام 1444 مع أبيه السلطان مراد الثاني، كما جاء في كتاب تاريخ الدولة العليّة العثمانية.

فما كان من محمد إلا أن أرسل رسالة إلى أبيه كان فيها "إن كنت أنت السلطان فتعال وقف على قيادة جيشك ورياسة دولتك، وإن كنت أنا السلطان فإني آمرك بقيادة الجيش"، وعاد أبيه وصد الهجوم وانتصرت الدولة العثمانية.

التولي من جديد

بعد وفاة أبيه في محرم 855هـ، فبراير 1451م، تولى محمد الثاني سلطنة الدولة العثمانية، فما كان منه إلا أن شرع في تجهيز الجيوش لفتح القسطنطينية، ليُحقِّق الحُلْم الذي يُراوده، وفي الوقت نفسه يُسَهِّل لدولته الفتية الفتوحات في منطقة البلقان، ويجعل بلاده متصلة لا يفصلها عدوٌّ يتربَّص بها، وليكون هو محلَّ البشارة النبوية.

الطريق إلى القسطنطينية

بعد أن أتم محمد الثاني كافة التجهيزات السياسية والعسكرية بدأ بالتحرك لفتح القسطنطينية يوم الخميس 6 أبريل، 1453م، الموافق 26 ربيع الأول، 857 هـ، فزحف بجيشه البالغ 265 ألف مقاتل من المشاة والفرسان، تصاحبهم المدافع الضخمة، واتَّجهوا إلى القسطنطينية، لكنهم فشلوا في تحقيق هدفهم.

أبو أيوب وإشارة النصر

فاكتئب الفاتح وأغلق خيمته عليه، ولبث وقتا على هذا الحال، حتى دخل عليه أستاذه آق شيخ الدين، ليقول له إن أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول الله جاءه في المنام، وقال له قل لمحمد: إني استشهدت على أسوارها وكنت شيخا، وأنت ما زلت شابا وأنت فاتحها"، وأعلم أبو أيوب مكان قبره لشمس الدين، فأخذ بيد السلطان وحفروا المكان حتى وجدوه وأقاموا عليه مسجدا، وكان قبر غير معروف من وقت استشهاده في خلافة معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية.

بعدها وقف الفاتح على جنوده، وخطب فيهم خطبة قوية حثهم فيها على الجهاد وطلب النصر أو الشهادة.

الفتح

وقام السلطان بتشديد الحصار على المدينة، وفي فجر يوم الثلاثاء الموافق (20 من جمادى الأولى 857هـ= 29 من مايو 1453م) نجحت قوَّات محمد الفاتح في اقتحام أسوار القسطنطينية.

ما بعد الفتح

ظل السلطان يعمل على فتح مدن أوروبا وأسيا لتكبير دولته، وفي شهر ربيع الأول من عام (886هـ= 1481م) غادر السلطان الفاتح القسطنطينية على رأس جيش كبير، وكان السلطان محمد الفاتح قبل خروجه قد أصابته وعكة صحيَّة، إلَّا أنه لم يهتمّ، وخرج بقيادة جيشه بنفسه، فتضاعف عليه المرض ومات، وسط جيشه يوم الخميس (4 من ربيع الأول 886هـ= 3 من مايو 1481م)، وهو في الثانية والخمسين من عمره بعد أن حكم إحدى وثلاثين عامًا.