بروفايل| الترجمان.. شماعة الحكومة للهروب من الأزمات
لكل مشكلة نذهب للترجمان، هذا هو شعار الحكومة الحالي الذي ترفعه أمام أي مشكلة في الشارع خاصة بمنطقة وسط البلد، في محاولة لحلها، ولكن الحل يتحول مع الوقت إلى تخلص من المشكلة "بدفن" أصحابها في مقبرة الترجمان، حسب رأي الباعة الجائلين.
في بداية الأمر كان الدافع في نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد هو الحفاظ على المظهر الحضاري للقاهرة الخديوية وإعادتها لرونقها، وكان الحل الذي تبادر إلى أذهان القيادات التنفيذية لمحافظة القاهرة للقضاء على مشكلة الباعة الجائلين المتنتشرين بشوارع وسط البلد نقلهم إلى جراج الترجمان وإقامة باكيات لهم، وتجهيزه كسوق حضاري بعيدا عن وسط البلد، إلا أن عملية النقل لم تلق ترحيبا من الباعة الذين اعتبروا المكان مقبرة لهم لا يمكن أن يحضر إليها الرواد، لبعدها عن موقع تجولهم أو محطات الوصول لوسط البلد أو أماكن عملهم.
ولم يمر وقت كثير حتى غادر العديد من الباعة الذين سكنوا الجراج مؤقتا، مفضلين البحث عن موقع بديل يمكن من خلاله استكمال نشاطهم بشرط أن يكون جاذبا للجمهور.
ورغم المحاولات القصوى التي بذلتها المحافظة لجعل سوق الترجمان لائقا وجاذبا للجمهور عبر إنشاء العديد من المعارض، مثل معرض مسلتزمات الدراسة قبل بدء العام الدرسي الماضي، أو معرض اللحوم قبل عيد الأضحى، ثم إنشاء موقف ميكروباص بجواره، إلا أن السوق الجديدة لم تجذب الجمهور، ولم يتحمس الباعة لافتراش بضاعتهم فيه.
وحاولت محافظة القاهرة توفير عدد من خطوط الميكروباصات لجراج الترجمان يربط بين عدد من الميادين الهامة، مثل موقف أحمد حلمي والسيدة عائشة وعبد المنعم رياض، وذلك لجذب الجمهور للسوق الجديد بالترجمان، إلا أن الأمر لم ينجح في جذب الركاب لتلك المنطقة البعيدة عن رواد منطقة وسط البلد والتي تقع خلف جريدة الأهرام بشارع الصحافة.
ومع خلو معظم المساحة التي كانت خصصتها المحافظة للباعة الجائلين بجراج الترجمان، قررت المحافظة مطلع الشهر الحالي نقل خطوط الميكروباص من منطقة الإسعاف بشارع الجلاء إلى جراج الترجمان، وكما حدث سابقا، اعترض السائقون بشدة على قرار النقل، وحاولوا التنفيذ في الساعات الأولى للقرار إلا أنهم فوجئوا بعدم حضور الركاب، ليضطروا بعد ساعات قليلة إلى العودة مرة أخرى إلى موقعهم القديم بالإسعاف.
وبرر السائقون ذلك بأن الركاب لا يمكنهم السير كل هذه المسافة من شارع الجلاء إلى شارع الصحافة حيث موقع السوق، مؤكدين أن الموقع الجديد لا يتسع لكل السيارات، والتي تشمل حوالي 5 خطوط تصل إلى 500 سيارة تخدم العديد من مناطق الجيزة.
ومع تجمهر السائقين في الإسعاف لرفض قرار النقل، عادوا مرة أخرى للعمل، رغم رفض المحافظة لعودتهم، وإصرارها على تنفيذ قرارها السابق بالنقل، للقضاء على المشاكل المرورية بالمنطقة والزحام الذي ينتج عن تكدس السيارات بشارع الجلاء.
المحافظة من جانبها عادت وجددت قرارها بضرورة نقل خطوط الميكروباص من شارع الجلاء بمنطقة الإسعاف، والتي تبلغ حوالي 8 خطوط تخدم مناطق بمحافظة الجيزة إلى جراج الترجمان مرة أخرى، مع توفير "ميني باصات" مجانية تابعة للمحافظة لنقل الركاب من رمسيس والتحرير وعبد المنعم رياض لجراج الترجمان، حيث موقع الميكروباصات الجديد، ليؤكد السائقون عدم علمهم بالقرار، مفسرين قرار المحافظة أنه استجابة لرغبة الباعة الجائلين المتواجدين بجراج الترجمان للترويج لهم، بعد أن قضوا حوالي تسعة أشهر هناك منذ نقلهم من شوارع وسط البلد دون تحقيق الرواج المطلوب.
يذكر أن الجراج بُني على أنقاض عشش الترجمان، ليكون مقرا لميناء القاهرة البري، على مساحة 52 ألف متر مربع، ليتسع لـ 2700 سيارة و50 أتوبيس نقل عام تخدم جميع أنحاء الجمهورية، بحسب تصريحات سابقة لمدير مديرية الإسكان بمحافظة القاهرة اللواء هانى شنيشن،
ورغم الانتهاء من بناء المرحلة الثانية من الجراج التي تحتوي على طابقين جراجات وآخرين للمراكز التجارية ودور عرض سينما سعة 800 مقعد، ومسرح سعته 800 مقعد ومطاعم ومسجد ودار مناسبات ومركزا تجاريا مكونا من دور أرضي وثلاثة أدوار علوية، إضافة إلى جراجات علوية، إلا أن كل تلك المراكز التجارية ودور العرض والمطاعم هجرها أصحابها منذ فترة طويلة لعدم وجود إقبال من الجمهور على الترجمان.