صور| من هو "جورج حبيب بباوي" الذي اغضب "المجمع المقدس"؟
حذر المجمع المقدس للكنيسة القبطية، في بيان له، أمس الجمعة، عقب اجتماعه برئاسة بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، من الكتابات التي نسبها، الأستاذ في الكلية الأكلريكية سابقًا، الدكتور جورج حبيب بباوي، إلى البابا كيرلس السادس، دون ذكر اسم الكاتب، الأمر الذي دعا البعض إلى التساؤل بشأن اسمه.
وجاء في البيان، "انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الكتابات التي تنسب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى البابا كيرلس السادس، الذي اعترفت الكنيسة بقداسته في اجتماع المجمع المقدس في يونيو 2013؛ يدعي فيها الكاتب عبارات مثل، "أنا تناولت قبل خلق العالم"، و"ليس بالتوبة ولا بالأعمال الصالحة ننال الملكوت"، و"حفظ الوصايا لا يؤدي إلى الخلاص"، و"قولوا يا رب يسوع، وبلاش يا ست يا عذراء"، و"نحن لن نكافأ على أعمال صالحة، ولن نعاقب على أعمال شريرة"، وهذا كله وما يماثله يستحيل أن يقوله أو يوافق عليه البابا القديس الراحل، فلهذا نحذر من مثل هذه الكتابات ونؤكد منع توزيعها في مكتبات كنائسنا وأديرتنا".
من هو جورج حبيب بباوي؟
وتعود قصة الدكتور جورج حبيب بباوي إلى عشرات السنوات، حيث كان من المقربين جدًّا من البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، حتى قبل توليه البابوية، وتمتع بثقة ومحبة كبيرة منه لدرجة أن البعض وصفه بأنه "الفتى المدلل" للبابا، حتى بدأ جورج يعلم بعض التعاليم المخالفة لفكر الكنيسة في ذلك الوقت أثناء تدريسه للاهوت، فمنعه أسقف البحث العلمي الراحل الأنبا غريغوريوس في العام 1978 عن تدريس اللاهوت وجعله مدرسًا للغة الإنجليزية فقط.
ثم منعه البابا شنودة في العام 1983 من التعليم تمامًا في الكلية الأكلريكية، بعد أن نشر مقالًا في مجلة الهدى البروتستانتية، يصف فيه حركة مارتن لوثر، وأفكار جون كالفن، بأنهما عودة لتعاليم الآباء، فانتقل إلى التدريس في أكلريكية طنطا، قبل أن يمنعه أسقف الغربية الراحل، الأنبا يؤانس، عن التدريس بها، رغم علاقة المحبة التي كانت تربط الاثنين.
قام جورج بعد ذلك بالتدريس في بعض المعاهد اللاهوتية في الخارج بعيدًا عن الكنيسة، حتى نشرت مجلة "روز اليوسف"، مقال تحت عنوان "تكفير البابا شنودة"، كان ذلك المقال جزء من كتاب للدكتور جورج ردًّا على بعض كتابات البابا شنودة، وصف خلالها البابا بـ"الهرطوقي"، وبأنه "أول بطريرك بروتستانتي"، كما اتهمه بـ"الأريوسية والنسطورية والأوطاخية"، والوقوع في بدعة سابليوس، وجميعها تعتبر في حكم الهرطقة بالنسبة للكنيسة.
عدد روزاليوسف الذي نشر فيه مقال جورج حبيب بباوي، تحت عنوان "تكفير البابا شنودة"
وبسبب هذا المقال، الذي اتهم البابا شنودة فيه بـ"الهرطقة"، ثارت موجة غضب بين الأقباط ورجال الكنيسة، الأمر الذي دعا مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، الأنبا باخوميوس إلى الطلب من بعض الأساقفة عقد اجتماع عاجل لبحث أمر بباوي، وعرضوا الأمر على البابا شنودة، الذي اجتمع في المجمع المقدس معهم، في يوم 21 نوفمبر 2007 ليبحثوا أمر بباوي.
وقرر المجمع عزله من شركة الكنيسة القبطية، ولاسيما أنه انضم للكنيسة الروسية، ثم إلى الكنيسة الإنجليكانية، معتبرين أنه بذلك قطع نفسه بنفسه عن شركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما أعلن المجمع حرمانه تعاليمه ومن يتبعها، وكان الأسقف العام الأنبا تواضروس (البابا تواضروس الثاني) أحد الموقعين على هذا القرار.
الأب صفرونيوس
وبدأ جورج في نشر العديد من الكتب على موقعه الخاص على الإنترنت، ومن أبرزها كتابات صدرت باسم الأب صفرونيوس، ونشرها على أنها كتابات لأب من القرن السادس، الأمر الذي دعا بعض الباحثين إلى التساؤل عن مصدر تلك الكتابات وأصلها، ولاسيما أنهم لم يسمعوا من قبل عن أب عاش في القرن السادس يسمى "صفرونيوس"، وله كتابات بهذه الغزارة، غير أنهم رأوا أن أسلوب الكتابة أسلوبًا عصريًّا جدًّا يصعب أن يكون كاتبه عاش في القرن السادس.
رسائل الراهب فليمون المقاري
وقام أيضًا جورج، بنشر عدد من الرسائل التي نسبها لأحد رهبان دير الأنبا مقار، يدعى الراهب فليمون المقاري، وقال إنها مأخوذة من رسائل كتبها بنفسه مع بعض الحوارات الشخضية معه، الأمر الذي دعا البعض إلى التشكك في صحة نسبها له، ومنهم أحد شيوخ رهبان دير الأنبا مقار، حيث عُرف عن الأب فليمون البساطة الشديدة، وعدم إجادة القراءة والكتابة من الأساس.
قصص عن البابا كيرلس السادس
كما قام بباوي بعد ذلك بنشر كتاب من جزئين تحت عنوان "البابا كيرلس السادس..المعلم الكنسي"، وأخذ يسرد فيهما بعض القصص عن البابا كيرلس، قائلًا: إنها ذكرياته معه، ونسب له العديد من التعاليم والأقوال التي شكك فيها بعض الباحثين، نظرًا إلى ما عُرف عن البابا كيرلس من بساطة في الأسلوب وقلة في الكلام، إضافة إلى نسبه للبابا كيرلس تعاليم تخالف منهجه وفكره.
بباوي يرد
قام جورج بباوي بالرد على من شكك في صحة ما نشره، قائلًا: إن مؤلفات الأب صفرونيوس كانت مجموعة من مجلدين، قام بترجمتها بالاشتراك مع مطران القليوبية، الأنبا مكسيموس، الذي توفي منذ العام 1992، وأنه تركها معه، ولا يملك النسخة الأصلية التي ترجمها منه.
أما عما يسمى برسائل الراهب فليمون، فقال إنه كان يجيد القراءة والكتابة، ويحفظ العهد الجديد كله، وأنه تصنَّع العبط والجهل لكي يهرب من اهتمام الناس به بعد أن شُفِيَ من البواسير بمعجزة لـ49 شهيدًا"، بحسب روايته، ونشر قصاصتين، قال إنهما كتابات بخط يد الراهب فليمون، ولم تنشر من قبل.
وعن التشكيك في مذكراته مع البابا كيرلس، قال جورج: إنه عاش معه 3 سنوات قبل توليه البابوية، طالبًا بمن شكك في كتاباته، أن يقول له إذا كان قد تقابل مع البابا كيرلس أم لا؟.
ولم يستطع بباوي توثيق أي مما نشر، ولاسيما فيما يتعلق بكتاب "الأب صفرونيوس"، وما نسبه إلى البابا كيرلس السادس، الأمر الذي دفع المجمع المقدس لبحث هذه المسألة، ولاسيما بعد تداول هذه الكتابات في بعض المكتبات الكنسية.
المجمع يرد
وبعد إغلاق المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية لملف الدكتور جورج حبيب بباوي، منذ 8 سنوات برئاسة البابا شنودة الثالث، في نوفمبر 2007 بقطعه من شركة الكنيسة، يعود المجمع في مايو 2015 ليواجهه مرة أخرى في بيانه الأخير، ولكن هذه المرة برئاسة البابا تواضروس الثاني، بتحذير الأقباط من هذه الكتابات، وعدم تداولها داخل مكتبات الكنيسة، حتى لا يُفهم أنها تعبر عن رأي الكنيسة القبطية.