التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 09:32 م , بتوقيت القاهرة

بسبب "الحسين".. هل تتحول حرب الأنبار إلى "طائفية"؟

"لبيك يا حسين".. تسمية أطلقها "الحشد الشعبي" العراقي -المؤلف من فصائل شيعية- على عملية تحرير محافظة الأنبار، غربي البلاد، من قبضة تنظيم "داعش"، ما أثار انتقادات محلية ودولية، مخافة تحول المعركة إلى حرب طائفية، ليتم تغيير اسم العملية بعدها إلى "لبيك يا عراق".



خطورة الأمر تكمن في اندلاع اشتباكات محتملة بين مسلحي الحشد الشعبي، المدعومين من إيران، ومقاتلي العشائر السنية في الأنبار، أكبر محافظات العراق مساحة، و"قلعة" السنة، الذين لم يبدوا في البداية ترحيبهم بمشاركة "الحشد" في الحرب ضد "داعش"، التنظيم الذي طالما سعى لتأجيج الصراع الطائفي في البلاد، حفاظا على وجوده واستمراره.


الطبول تدق


"سقوط الرمادي".. هكذا دقت طبول الحرب في الأنبار، ففي 17 مايو الحالي، وبعد محاولات حثيثة على مدار عام تقريبا، أعلن "داعش"، سيطرته على مركز محافظة الأنبار بالكامل، بعد انسحاب الجيش العراقي والقوات الأمنية من المدينة، في أبرز تقدم ميداني له منذ استيلائه على الموصل، مركز محافظة نينوى في 10 يونيو الماضي.



الحشد يستعد


وعلى الرغم من تردد رئيس الوزراء العراقي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيدر العبادي، في إرسال مقاتلين شيعة تدعمهم إيران إلى الأنبار؛ خوفا من أن يؤدي ذلك إلى رد فعل طائفي من الأغلبية السنية في الأنبار، اضطر بعد اجتماع تشاوري مع وزير الدفاع الإيراني، حسين دهقان، إلى إرسال آلاف المقاتلين الشيعة إلى المحافظة.


المعركة تبدأ


وفي أعقاب اجتماعات مكثفة شهدتها العاصمة العراقية، بغداد، على مختلف المستويات السياسية والعسكرية، أعلنت قيادات العمليات المشتركة العراقية، وهو تشكيل يضم قوات وزارتي الدفاع والداخلية ومقاتلي "الحشد الشعبي"، أول أمس الثلاثاء، بدء عمليات عسكرية لاستعادة محافظة الأنبار من سيطرة "داعش".


الناطق الرسمي باسم مقاتلي الحشد الشعبي، أحمد الأسدي، وفي مؤتمر صحفي بثه التلفزيون الرسمي، أعلن تولي "الحشد"  قيادة عملية تحرير الأنبار بالتنسيق مع القوات المسلحة العراقية، تحت مسمى "لبيك يا حسين".



إيران تشارك


جاء ذلك في وقت كشفت مصادر عراقية عن اجتماع سري عقد بين قادة في الحشد الشعبي بزعامة، هادي العامري، وضباط كبار في استخبارات الحرس الثوري الإيراني، لتزويد مليشيات الحشد بـ100 صاروخ سكود، لاستخدامها في العملية.


وبحسب مراقبين للشأن العراقي، تريد إيران مد نفوذها بأية طريقة وأي ثمن على الأنبار، عبر المشاركة مباشرة وأيضا عبر قوات "الحشد"، لتحرير المحافظة التي تملك حدودا مشتركة مفتوحة مع كل من سوريا والأردن والسعودية، وبالتالي فإن إمساك طهران بها يعني أنها فتحت "مهربا" للنظام السوري، وبابا للضغط على الأردن، وجبهة واسعة ضد السعودية.


الداخل يتخوف


مسمى العملية أثار انتقادات داخلية جاءت على لسان زعيم التيار الصدري الشيعي في العراق، مقتدى الصدر، الذي دعا إلى عدم الاعتراف به من كل محب للوطن ونابذ للطائفية.


والخارج أيضا


الانتقادات لم تقتصر فقط على الشأن المحلي، بل دفعت التسمية "المذهبية" وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" إلى انتقادها، ووصفها بأنها "لا تساعد في طرد التنظيم، لأن السر هو في عراق موحد بعيد عن الانقسامات الطائفية".


بينما حذرت فرنسا، على لسان وزير خارجيتها، لوران فابيوس، من تزايد مخاطر تعرض سوريا والعراق للتقسيم ،إذا لم يتم تعزيز الجهود الدولية بسرعة لمواجهة تنظيم "داعش".


وبدورها، قالت الصحافة الغربية إن حربا طائفية تلوح في الأفق مع بدء هذه العملية، بحسب موقع "روسيا اليوم"، ورأت "تايمز" البريطانية أن هذه الحملة تهدف إلى جر البلاد إلى حرب طائفية جديدة، بسبب تسمية يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي.


الاسم يتغير


واستجابة لمخاوف بأن اعتماد العراق على مقاتلي الحشد الشعبي لهزيمة مسلحي التنظيم، بدلا من جنود الجيش الوطني العراقي المبعثرين الذين تراجعت روحهم المعنوية، قد يؤدي إلى نفور العراقيين السنة، وتفاقم الانقسامات الطائفية في المنطقة، أعلن التلفزيون الرسمي أن المقاتلين غيروا اسم العملية، إلى "لبيك يا عراق".



التاريخ يذكر


هذه المخاوف لم تأت من فراغ، حيث وقعت تجربة مشابهة نهاية مارس الماضي، حينما أفسدت ممارسات "الحشد الشعبي" فرحة أهالي تكريت باستعادة مدينتهم، مركز محافظة صلاح الدين، من قبضة "داعش"، بعدما استباح مسلحوه محال وبيوت المدينة "السنية"، ونزلوا إلى الشوارع التجارية ليحطموا أسواقها ويسرقوا محتوياتها، بحسب مسؤولين أمنيين وسكان محليين.