التوقيت الأحد، 24 نوفمبر 2024
التوقيت 05:13 م , بتوقيت القاهرة

عمر التلمساني.. مرشد الجماعة "عازف العود"

جمعت بين الرئيس الراحل أنور السادات، والمرشد الثالث لجماعة الإخوان، عمر التلمساني، الذي يوافق اليوم ذكرى رحيله العديد من المواقف والتصريحات والمناظرات، والتي كانت مليئة بالإسقاطات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين.


يقول "التلمساني"، إنه دعاه وزير الثقافة والإعلام حينذاك منصور حسن لحضور لقاء فكري عقده السادات في 28 رمضان 1979 بمحافظة الإسماعيلية، وكما يحكي "التلمساني" في كتابه "أيام مع السادات" عن تلك الواقعة: عندما وصلت إلى مكان الاجتماع جلست في آخر الصفوف، وبعد دقائق جاءني المشرف على تنظيم الحفل، وألح وأصر على أن أجلس في الصف الأول، وأجلسني منظم الحفل في الصف الأول على كرسي، لو مددت منه خطاً مستقيماً لوجدته ينتهي عند الكرسي الذي يجلس عليه السادات في المنصة، وكأنهم أرادوا بذلك أن أكون أقرب ما أكون من السادات عندما بدأ سيل اتهاماته المنهمر، يترامى من حولي شمالا وجنوبا ويسارا ويمينا، رجاء أن يصيب مني مقتلا.


تهم لي وللإخوان لا حصر لها بتخريب وعمالة وإثارة للطلبة، والعمالة والفتنة الطائفية، وكل ما في أجواء الخيال والانسجام مع الجو الشاعري الذي كنا نجلس فيه، بين أحضان حدائق الإسماعيلية الندية الوارفة الظلال، تهم من النوع الذي اعتاد السادات أن يلقيها على كل ما لا يرى فيه نابغة الزمان، وباتعة العصر والأوان.


وطال السباب وضاق الصدر، ونفد الصبر، واستثارتني عاطفة الحب للإخوان، فقاطعته قائلاً: "إن هذا كلام يحتاج إلى ردود"، فأجابني: "لما أخلص كلامي رد كما تشاء".


كان في نهاية كل مقطع من كلامه يقول: "مش كده ياعمر؟!"، استنكر الشعب كله، حتى بعض من كان معه، أن يخاطبني باسمي مجردا، غير مراع في ذلك حرمة السن، ولا طهارة شهر الله، ولا الصفة التي منحتني إياها الجامعة عندما أعطتني ليسانس الحقوق، ولا حرمة المنصب الذي يشغله، والذي يجب أن يزدان بكل لياقة وتهذيب.



لم يكن أمامي مذياع ولا مكبر للصوت، ولم يكن في ذهني رد معد، ولكن الله ألهم منظمي الحفل أن يأتوني بمكبر للصوت، أتحدث من خلاله، ولعلهم حرصوا من وراء ذلك أن يسمعوا العالم اعتذاراتي وأسفي وحسرتي على ما بدر مني، فيبعث ذلك الراحة إلى صدره المثقل بعدوانه للإخوان المسلمين، ولكن أراد عمرا وأراد الله خارجة، فكان في تصرفهم ما أوضح للناس جميعا أن من بين من في مصر، من يقول للظالم لقد جُرت وتعديت.. فندت كل التهم التي وجهها إلي وإلى الإخوان واحدة واحدة، بالدليل والبرهان.


واختتمت ردي بالعبارات الآتية: "لو أن غيرك وجه إلي مثل هذه التهم لشكوته إليك، أما وأنت يا محمد يا أنور يا سادات صاحبها، فإني أشكوك إلى أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، لقد آذيتني يارجل وقد أُلزَم الفراش أسابيع من وقع ما سمعت منك".


وقال: "إنني لم أقصد الإساءة إلى الأستاذ عمر ولا إلى الإخوان المسلمين.. اسحب شكواك بقي"، فأجبته بأنها رفعت إلى من لا أستطيع استرداد ما وضعته بين يديه.. كانت أول مرة يخاطبني فيها بكلمة أستاذ، طوال خطابه الطويل!! وانتهى الاجتماع وأرسل لي في أعقابه فورا وزير الأوقاف ومنصور حسن وزير الثقافة والإعلام، يبلغاني أمام من كان موجودا، أن سيادة الرئيس لم يقصد الإساءة إلي، وأنه سيحدد موعداً لمقابلتي.



التحق التلمساني بجماعة الإخوان بعد تأسيسها بـ 5 سنوات عام 1933 على يد مؤسسها حسن البنا، ويعتبر أول محامي ينضم إلى الجماعة في ذلك الوقت.


قرأ "التلمساني" العديد من الكتب الدينية والأدبية فأطلع في فترة مبكرة من حياته على مكتبة المنفلوطي وقرأ تفاسير القرطبي وابن كثير، كما أطلع من الأدب العالمي على روايات إسكندر ديماس وأميل زولا، فضلا عن ميله للموسيقى حتى أنه مارس العزف على آلة العود لسنوات.


تولى التلمساني منصب المرشد العام لجماعة الإخوان في الفترة من 1973 إلى 1986، وتوفي يوم الأربعاء 22 مايو 1986 بعد معاناة مع المرض عن عمر ناهز 82 عامًا.