التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 12:34 م , بتوقيت القاهرة

صور| الفخار .. يرقد أسفل الوادي

تصوير : محمد أوسام



على الجانب الآخر، وفي منطقة هادئة أسفل الوادي بقرية النزلة التابعة لمركز يوسف الصديق الفيوم، ازدهرت صناعة الفخار التي تتوارثها الأسر المقيمة هناك منذ أكثر من قرن من الزمان، شعور مختلف بالسكينة ينتابك وأنت تقف على بداية الطريق الترابي الهابط إلى هناك، متطلعا إلى العشش المتجاورة والمصنوعات الفخارية المتناثرة حولها، في مشهد يقطر هدوءً وبساطة، وعند هبوطك تجد الوجوه “مرتاحة” وباسمة، الأهالي مرحبون بالغرباء ومعتادون عليهم فالمكان، إلى حد ما، يعتبر سياحيا.
اختار صانعوا الفخار الاستقرار هنا، لقرب المكان من المياه اللازمة لصناعتهم، رغم أنهم مؤخرا أصبحوا أكثر حذرا في استخدامها، بسبب الصرف الصحي، الذي أصبح يلقى في مياه البحيرة.
يقول حسني أحمد، أحد صناع الفخار بالمنطقة، “نحن سابع جيل يعمل في هذه الحرفة، ومنتجاتنا تتعدد فهناك الزير والبوكلة، وكلاهما تحفظ فيه مياه الشرب، إلا أن البوكلة أصغر من الزير، ولذلك تجد الزير موجودا بشكل أكبر في المنازل، بينما يحمل المزارعون البوكلة معهم إلى أراضيهم، لأنها أخف وأصغر، ويوجد أيضا صحفة الطيور التي يوضع فيها الماء والطعام للطيور، ووابور الشاي الفخاري، الذي يوضع إبريق الشاي أعلاه، في حين يوضع الفحم بداخله، عن طريق فتحة جانبية فيه، وكذلك البربخ، وهو عبارة عن ماسورة فخارية، تستخدم في ري الأراضي الزراعية”.
ويتم تسويق المنتجات بشكل أساسي في الفيوم وبني سويف والمنيا، وأحيانا في القاهرة وشرم الشيخ إلا أنها في الغالب تكون منتجات ديكورية جمالية، وليست عملية كالمنتجات السابق ذكرها.
وينفي حسني انحيازه لاتجاه أو فصيل سياسي بعينه، يريد فقط المطلب الجماهيري الثابت المقتضب، المجهول طريقة الوصول إليه والذي أصبح أشبه بلبن العصفور.. “إن البلد أحوالها تتعدل”، ويرى أن الصناعة لم تتأثر بشكل ملحوظ بسوء الأحوال الاقتصادية، لأن المنتجات ليست مرتفعة الأسعار، وتتميز بالمتانة ويمكن أن تعيش لفترات طويلة إذا تمت المحافظة عليها.
ولا يعد العائد المادي للحرفة مربحا إذا تمت مقارنته بالجهد المبذول فيها، كما يقول حسني، الذي سرعان ما يستدرك أنه رغم ذلك تظل الميزة التي تمنحها “أن تكون حر نفسك” مرضية، ويضيف أن الكثيرين لم يتحملوا تلك المعادلة التي تتطلب جهدا ورضاء ببساطة العائد في مقابل الحرية، فتركوا الوادي والحرفة، حيث تقلص عدد الأسر التي تعمر هذه المنطقة من الوادي وتتوارث الحرفة من 36 أسرة إلى 15 أسرة.