التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 08:38 م , بتوقيت القاهرة

كواليس وأسرار القمة الأمريكية الخليجية!

سنواتي الصحفية علمتني ألا أثق في الابتسامات الرسمية.. والصور الجماعية عقب لقاءات القمم أو المؤتمرات.. الأنف الصحفي يدفعني دائما لتنسم أخبار أخرى.. لا أجدها في البيانات الختامية أو المؤتمرات الإعلامية.. خبرتي الطويلة رسخت في ذهني أن الحقيقة لا تخرج من أهل القمة، لكن من صغار الدبلوماسيين.. إذا كنت صديقا لأحدهم سيطلعك على ما تريد ويستحلفك بالله ألا تذكر اسمه. 


من حسن حظي أنني صادقت كثيرا من السياسيين بالخليج، ومنهم أعرف ما لا ينشر أو يذاع.. قبل القمة الأمريكية - الخليجية الأخيرة في كامب ديفيد كان شعوري أن واشنطن تلعب على الحبلين في منطقة الخليج.. تعد العرب بالدفاع عن أمنهم وتقوضه كعادتها برفع العقوبات عن إيران.. تؤكد على التعاون العسكري وتسليح دول مجلس التعاون بأحدث المقاتلات ودرع صاروخية، وفي الوقت ذاته تغض البصر عن جرائم إيران في العراق وسوريا ولبنان وأخيرا اليمن.. لا أمان لأمريكا تماما كما لإيران .. فهما توأمان في السيطرة والتلاعب والمصالح.. ينبغي على السعودية والشعوب الخليجية الاعتماد على إمكاناتها وشعوبها والتعامل بالمثل من حيث حقوقها في الحصول على السلاح وتصنيعه واقتناء ترســـانة نووية مثل إسرائيل وإيران.. ليس ضروريا أن تكون من أمريكا.. هناك روسيا والصين وباكستان !


أطلعني صديقي الدبلوماسي الخليجي على أن قادة مجلس التعاون جلسوا في القمة ندا لند.. لم يتوسلوا مساعدة أو حماية لأنهم يعرفون أن واشنطن تهمها مصالحها فقط.. البترول هو السلعة العالمية الأولى للمائة عام القادمة.. وأمريكا يهمها استقرار منطقة بها نصف إنتاج العالم من الطاقة.. قادة الخليج يعلمون جيداً أنه لا أمان لأمريكا.. وأن كل ما يتفقون عليه مع أوباما اليوم يمكن أن يتغير غدا إذا ما جاء رئيس جديد للولايات المتحدة من الحزب الجمهوري لا يؤمن بمبدأ أوباما عن "الاحتواء" بدلاً من "المواجهة".


لا يغيب عن أذهان قادة الخليج درس حسني مبارك الحليف العربي الاستراتيجي لأمريكا، والذي تخلّت عنه بسهولة، عندما رأت فيه إعاقة لمشروعها الفوضوي في الشرق الأوسط وانحيازها إلى جماعة الإخوان لتجهز على الجيش المصري كما قضت على جيشي العراق وسوريا !


(1) لماذا لم تتحركوا لمكافحة الإرهاب في سوريا والعراق !


كان هذا أول سؤال طرحه الخليجيون على أوباما الذي وجدوه يتحدث عن تعاون مع شركائه الخليجيين للقضاء على الإرهاب في سوريا، خاصة بعد أن فقد الرئيس بشار الأسد شرعيته، إلا أنه استدرك قائلاً إن سقوط الأسد ربما لا يحدث في فترته القليلة المتبقية!


تحدث الخليجيون بصراحة فقالوا لأوباما إن واشنطن هي التي مهدت لإيران الدخول للعراق والسيطرة عليه وإذكاء الروح الطائفية والتحيز للمذهب الشيعي على حساب السني! وبدلاً من أن تكون بغداد نموذجا للديمقراطية، أصبحت عنوانا للفوضى والخراب والحروب.


 وقال زعماء الخليج إن الرئيس الأمريكي تغاضى عن بشاعة ووحشية بشار في سوريا وتردد عن ردعه هو وحزب الله السابحين في دماء السوريين الأبرياء وبدعم عسكري ولوجسيتي من إيران.. وتعلل أوباما قائلاً إنه كان يجهز لضربة عسكرية حاسمة ضد بشار إلا أن التدخل الروسي منع إتمامها، كما أن الشركاء الغربيين لم يكونوا جميعاً موافقين على الضربة، وأكد أن أيام بشار الأسد في السلطة أصبحت معدودة !


(2) تعريف المصالح المشتركة !


قال قادة الخليج إنهم سمعوا من الرئيس الأمريكي أكثر من مرة كلمة الحفاظ على المصالح المشتركة مع دول مجلس التعاون.. أبلغه القادة أنهم فهموا أنه يقصد حماية مصالح بلاده والممرات المائية التي يمر من خلالها البترول والتجارة العالمية، لكن ماذا عن مصالح الشعــوب العربية الخليجية؟


أضافوا أنهم يشعرون أن واشنطن تحاول أن تظهر بمظهر الرجل المُنصف الحريص على الحماية، بينما هم يخشون أنها تريد أن تحتفظ بعلاقة طيبة مع إيران، وإبقاء الخليج تحت رحمة قوتين فاشيتين عنصريتين هما إيران وإسرائيل.. نفى أوباما أن يكون هذا هدفه وأكد أنه سيتدخل فورا لحماية الخليج عند أي تهديد خارجي وسيقوم بالإسراع في عملية التزويد بالأسلحة الهجومية والطائرات ودرع صاروخية من طراز باتريوت لتعادل الصواريخ الروسية  اس اس 300 التي حصلت عليها طهران مؤخرا، مشيرا إلى أنه سيعمل على أن تحظى دول الخليج بمعاملة دولة غير عضو بحلف الأطلنطي، الأمر الذي يعني أن تكون لهم كافة مميزات الدول الأوروبية الأعضاء بالحلف بالإضافة لتركيا وإسرائيل.


(3) من الذي بدأ بالعبث في اليمن ؟


على استحياء أشار قادة الخليج إلى أن السبب في اندلاع أزمة اليمن هو المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة المدعو (ابن عمر) والذي ظهر انحيازه لإيران وتعاطفه مع الحوثيين ومكنهم من خلال وساطته جمع ترسانة حربية للقضاء على السعودية !


وأكد أوباما أن تسليح الحوثيين لم يكن بموافقة الكونجرس أو الإدارة الأمريكية، لكنّه كان المقصود به تحجيم علي عبد الله صالح الذي بدأ في تأليب القبائل وسعى لإشعال حرب أهلية وكان خصماً للحوثيين في البداية.. ونفى الرئيس الأمريكي أن يكون قد تطرق إلى ذهن حكومته تعريض السعودية للخطر أو تهديدها أو الحاق الأذى بمواطنيها ..


وما زالت أسرار القمة الأمريكية الخليجية لم تتكشف كلها بعد .. أن قادة مجلس التعاون جلسوا في القمة ندا لند.