5 أسئلة.. مصير المشروع النووي السعودي
انتهت قمة كامب ديفيد التي جمعت الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع قادة الخليج بوعود متبادلة من الطرفين مفداها دعم أمريكي عسكري لدول الخليج مقابل دعم من الدول الخليجية الست المشاركة في القمة للإتفاق النووي المرتقب بين إيران والولايات المتحدة.
لكن رغم التطمينات والوعود المتبادلة لا زال سؤال هل تقترب السعودية حقًا من الانضمام للنادي النووي في المنطقة قائمًا.
لماذا تخشى أمريكا من سباق التسلح النووي في المنطقة؟
شدد المسؤولون بالإدارة الأمريكية، خلال قمة كامب ديفيد، على دعوة قادة الخليج إلى عدم التحرك نحو التسلح النووي، بحجة أن هذا التحرك قد يدفع تجاه سباق للتسلح في منطقة الخليج، ما يفرض تهديدا كبيرًا على أمن المنطقة بشكل عام، بحسب ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال، عن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي، بن رودس، في 15 مايو الجاري.
وقال رودس "إيران لا ينبغي أن تكون النموذج الذي تتحرك دول المنطقة نحو اتباعه، لأن اتجاه دول المنطقة لتسليح أنفسهم نوويا، يمثل تهديدا جادا لأمن المنطقة ككل".
وهي العبارة نفسها التي وردت على لسان الملك سلمان في خطاب له في قمة الرياض، محذرًا "الاتفاق النووي دون ضمانات كافية يغرق المنطقة في سباق التسلح".
وكثيرًا ما دافعت إدارة أوباما بأن الاتفاق النووي لن يجعل من الضروري لدول مثل السعودية البدء في برنامجها النووي؛ حيث ترى أن البديل للتوصل لاتفاق نووي مع إيران هو إما حرب لا يمكن التنبؤ بعواقبها في المنطقة، أو تطور سريع للقنبلة النووية الإيرانية، وهو ما يعني انهيار لنظام العقوبات الدولية.
إلا أن الإدارة الأمريكية تخشى في الوقت نفسه نية معلنة لبعض دول الخليج، وعلى رأسها المملكة السعودية، لامتلاك القدرة النووية على قدم المساواة مع إيران.
لماذا يخشى السعوديون من الاتفاق النووي الإيراني رغم القيود المفروضة على الاتفاق الإطاري؟
في مقاله بصحيفة وول ستريت جورنال، 8 مايو الجاري، أشار الكاتب ياروسلاف تروفيموف إلى أن امتلاك السعودية للقوة النووية أصبحت مسألة رأي عام تزداد الدعوة إليه، إلا أن الخطوة أيضًا، إذا تمت، فإنها ستشجع دولًا أخرى مثل مصر وتركيا على الاحتذاء بها، حسب تحذيرات مسؤولين رفيعي المستوى عرب وغربيين.
ولطالما دعت السعودية لشرق أوسط خالي من السلاح النووي، إلا أن قادتها، حسب الكاتب، تساورهم الشكوك حول قدرة القيود المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، وفي كونها كافية لتقليص طموح إيران في إمتلاك سلاح نووي، خاصة وأن القيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي ومخزون اليورانيوم تنتهي بعد عشر سنوات.
كما أن قادة الخليج، حسب الكاتب، لا يمكنهم الرهان على أن نظام طهران سيكون معتدلا.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور عبد الله العسكر، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي "إننا نفضل إقليما دون أسلحة نووية، لكن لو امتلكت إيران واحدًا فلا شيئ سيوقفنا عن امتلاك واحد، ولا حتى المجتمع الدولي".
كيف يمكن للاتفاق النهائي مع إيران تقليص مخاوف الخليج؟
يرى آر نيكولاس بيرنس، الأستاذ بجامعة هارفارد، والذي قاد المفاوضات مع إيران حول البرنامج النووي، كما عمل كدبلوماسي رفيع المستوى في الخارجية الأمريكية قبل التقاعد عام 2008، في صحيفة وول ستريت جورنال "الأمر يعتمد على طبيعة الاتفاق مع إيران، وهل سيكون جيدًا وهل سيثق العرب وتركيا في امكانية إيقاف إيران بفاعلية من أن تكون قوة نووية مسلحة؟"
وأضاف "إذا كانت لديهم الثقة بأن الرئيس القادم للولايات المتحدة سيكون حريصاً كل الحرص على تنفيذ الاتفاق فسوف يقلل ذلك من احتمالية أن تسعى تلك الدول لأن تكون قوة نووية مسلحة".
ما إمكانية حصول السعودية على السلاح النووي؟
في حين تقف روسيا موقف المتعاطف مع طهران في برنامجها النووي، تبدو وجهة النظر الفرنسية على الجهة الأخرى متطابقة مع الشواغل الخليجية، ولاسيما السعودية، بشأن القوة النووية، وهو ما جعل الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ضيف الشرف في قمة التعاون الخليجي في الرياض مطلع الشهر الجاري. وأطلقت السعودية برنامج نووي سلمي بتوقيع اتفاق هذا العام مع كوريا الجنوبية وفرنسا، يعتمد على مشاركة التكنولوجيا والتدريب. وقاومت السعودية الضغوط الأمريكية للموافقة على شرط عدم تخصيب اليورانيوم على أراضيها، بعكس الإمارات.
وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، في تقرير بتاريخ 14 مايو الجاري، إلى أن امتلاك السعودية للسلاح النووي ليس سهلًا؛ حيث إن الكيانات التي تتحكم في سوق الأجهزة والإمدادات المتعلقة بإنتاج الطاقة النووية لن ترسل مكونات إلى منطقة الشرق الأوسط، ما يجعل المصدران الوحيدان لحصول السعودية ودول عربية أخرى على هذه المكونات هما كوريا الشمالية وباكستان.
ومن جهته قال الكاتب الأمريكي جوزيف كشيشيان في مقال له بصحيفة "جولف نيوز" الإماراتية الناطقة بالإنجليزية، بتاريخ 13 مايو أن القليل سوف يتفاجؤون بالبرنامج النووي السعودي، الذي سيتحول إلى حقيقة واقعة تنمو في المستقبل، مشيرا إلى قرار الملك سلمان بن عبد العزيز بإلغاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة، بمجرد وصوله إلى العرش، معربًا عن تأييده البرنامج الذي تم وضعه عام 2011 لبناء 16 مفاعلا نوويا، ما يعني أن البنية التحتية للطاقة النووية أصبحت واقعا سعوديا على الأرض بمرور الوقت.
واختتم الكاتب مقاله بأن "سياسات واشنطن أضفت التزاما لدى السعوديين بشأن ضرورة اقتناء السلاح النووي، لاسيما أن سياسات واشنطن دفعت نحو انضمام إيران إلى النادي النووي".
وتدعو الخطة الحالية للمملكة حسب وول ستريت جورنال إلى انتاج 17.6 جيجاوات من قدرة الطاقة النووية بحلول 2032 حسب برنامج مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة الذي تأسس عام 2010، إلا أنه لم يتم إنشاء أي مفاعلات نووية حتى الآن، ويرجح أن يكون أمام المملكة السعودية نحو 10 سنوات لتتمكن من تطوير قدرة صناعية وتقنية تسمح لها بإنشاء برامج تسلح نووي حسب أولي هاينونين، نائب المدير العام السابق رئيس قسم الضمانات في الوكالة الدولية.
وعلق هاينونين على البرنامج النووي السعودي بالقول إنه في الوقت الحالي على المملكة السعودية ألا تنتهك التزامها بمنع انتشار الأسلحة النووية، حتى ولو أرادت السير على ذلك الطريق.
وأضاف أنه خلال السنوات الأربع أو الخمس الأولى، لن يكون السعوديون بحاجة إلى أن يتحدثوا عن التكنولوجيا الحساسة، وخلال السنوات القليلة التالية سيكون عليهم الانتهاء من إنشاء البنية التحتية، والتعامل بشكل جيد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولن تكون هناك أي مشكلة.
وأضاف "لا أظن أن الأمور ستسير بشكل سري في السعودية، فليس هناك منطق في ذلك" مشيرًا إلى أن جارة السعودية وحليفتها - الأردن تمتلك أكبر احتياطي لليورانيوم في المنطقة، لكنها لا تملك المال لاستخراجه "لذا أتصور أن السعوديون يعملون معهم".
ما موقف إسرائيل من الطموح الإيراني والخليجي لامتلاك القدرة النووية؟
كرر السفير الإسرائيلي بواشنطن، عقب انتهاء قمة كامب ديفيد الخليجية - الأمريكية، موقف بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، قائلا "اتفاق أوباما النووي المقترح مع إيران، فكرة سيئة". حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في 15 مايو الجاري.
ونقلت الصحيفة، في سياق تقرير أوردته على موقعها الإلكتروني، عن السفير الإسرائيلي في كلمة ألقاها في مؤسسة هيريتاج الأمريكية إن "الاتفاق الإطاري، الذي تأمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في إتمامه مع إيران بحلول شهر يونيو المقبل، من شأنه أن ييسر على إيران أن تصبح قوى نووية".
وأضاف أن "إسرائيل ترى أن هذا الاتفاق يمهد الطريق أمام إيران لصنع قنبلة نووية، ولن تضطر لاقتحام المجتمع النووي أو التسلل إليه، فكل ما عليها فعله هو المضي قدما نحوه".
وتابع السفير الإسرائيلي "يجب أن يكون واضحا للجميع أن إيران ليست مجرد مشكلة لإسرائيل، وأن هذه الصفقة من شأنها أن تجعل منطقة الشرق الأوسط أكثر خطورة وأقل استقرارا"، مشيرًا إلى أن طهران لن تستخدم رفع العقوبات الدولية كجزء من هذا الاتفاق لتعزيز اقتصادها أو مستوى المعيشة بالنسبة للإيرانيين العاديين، لكنها ستشعل "العدوان الأجنبي" في بقية أنحاء الشرق الأوسط وأجزاء من شمال إفريقيا.
وفي مقال نشر في صحيفة هآرتز 11 مايو الماضي، بواسطة محللها العسكري وعضو مجلس تحريرها أمير أورين، قال فيه أنه لو انتهكت إيران الاتفاق النووي مع القوى الدولية، وأصرت على الحصول على الأسلحة النووية، فإن على إسرائيل أن تتصرف عكس خطها التقليدي بأن تواصل تهديدها بضرب المنشئآت النووية الإيرانية، بل عليها التلويح بأنها ستوقف احتكار الإيرانيين للنووي في الخليج الفارسي عن طريق مساعدة السعودية على الحصول على القدرة النووية.
وأضاف الكاتب أن هذا النهج يخالف الإسلوب التقليدي للحكومة الإسرائيلية المدفوع بالخشية من سلسلة رد الفعل النووي، أي أن ينتقل المشروع النووي من إيران إلى السعودية إلى مصر ثم تركيا، وهو الكابوس الذي تخشاه إسرائيل وأمريكا.
لكن المحلل العسكري للصحيفة يقول إن المسار المختلف للإدارة الإسرائيلية حري به أن يقنع الإيرانيين بالتخلي عن القنبلة النووية.
ويطالب الكاتب إسرائيل بعدم النظر للطموح السعودي كأمر سلبي، وإنما على العكس من ذلك، فإسرائيل يمكنها أن تعلن أنها لن تسمح لإيران باحتكار القوة النووية، أو أن تكون الشريكة الوحيدة لإسرائيل عن طريق مساعدة السعوديين على التعادل مع الإيرانيين. وهو ما سيجعل إيران تعيد النظر في فوائد امتلاك السلاح النووي، خاصة وأنها لن تكون العضو الوحيد في النادي النووي في المنطقة.