الاعتراف بفلسطين.. صفعة "الفاتيكان" في وجه إسرائيل
فيما تعد أول وثيقة قانونية يتم التفاوض بشأنها بين الفاتيكان ودولة فلسطين، واعترافا دبلوماسيا رسميا بالأخيرة، يستعد الجانبان لتوقيع اتفاق يحدد كذلك حقوق الكنيسة الكاثوليكية في الأراضي الفلسطينية، في خطوة سببت "خيبة أمل" لإسرائيل، لخطورة توقيتها.
اتفاق الاعتراف المتبادل، المنتظر توقيعه خلال زيارة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبومازن)، الفاتيكان، السبت المقبل، بمناسبة إعلان قداسة راهبتين ستبصحان أول قديستين فلسطينيتين في التاريخ المعاصر، جاء ليعيد الأمل للشعب الفلسطيني، تزامنا مع إحياء الذكرى الـ67 للنكبة، وعشية تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
الاعتراف الفعلي
وعلى الرغم من أن الفاتيكان يستخدم عبارة "دولة فلسطين" منذ بداية 2013، على إثر قبول فلسطين كدولة بصفة مراقب في الأمم المتحدة في نوفمبر 2012، رأى الفلسطينيون أن هذا التوقيع يوازي "اعترافا فعليا" بدولتهم، بينما عبرت إسرائيل من جهتها عن "خيبة أملها".
علاقات تاريخية
العلاقات بين الفاتيكان والفلسطينيين لم تنقطع منذ اللقاء الرسمي الأول بين البابا وممثلين فلسطينيين في العام 1979، عندما التقى البابا يوحنا بولس الثاني بممثلي منظمة التحرير الفلسطينية خلال زيارة في مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك.
وفي زيارة تاريخية هي الأولى لمدينة الفاتيكان، التقى الزعيم الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، في 15 سبتمبر 1982، بالبابا يوحنا بولس الثاني، اتبعه بالعديد من الزيارات إلى أن أقيمت العلاقات الدبلوماسية مع منظمة التحرير الفلسطينية في 26 أكتوبر 1994.
الاتفاقية الأساسية
خطوة أخرى جاءت في 15 فبراير 2000، وقع الكرسي البابوي على وثيقة "اتفاقية أساسية"، قبل حج البابا يوحنا بولس الثاني إلى الأراضي المقدسة، وكان من شأنها رفع العلاقات بين الكرسي الرسولي والسلطة الوطنية الفلسطينية إلى مستوى العلاقات مع إسرائيل، التي تم التوقيع على اتفاق مماثل معها عام 1993.
وتضمن الاتفاق الأساسي بين الجانبين نقطتين هامتين، أولاهما دعوة الكرسي الرسولي إلى "حل عادل لقضية القدس" على أساس "قانون خاص لمدينة القدس، ذات ضمانات دولية"، على أن تلتزم السلطة الفلسطينية بضمان "حرية الدين والضمير للجميع".
غير أن هذا الاتفاق الأساسي ظل مجرد "إعلان مبادئ" يحتاج إلى أن يترجم في إطار قانوني لتنظيم تواجد الكنيسة الكاثوليكية في فلسطين، وهو ما سيضمنه الاتفاق الجديد الذي ينص على "تعزيز وضع وأنشطة الكنيسة الكاثوليكية والاعتراف بها على المستوى القضائي".
لقاءات متعددة
لقاءات عديدة جمعت أبومازن ببابا الفاتيكان السابق، بنديكتوس السادس عشر، استقبل فيها "أبوعمار" كرئيس لدولة فلسطين، كما أن البابا رحب في عام 2012 بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الاعتراف بدولة فلسطين.
وفي زيارة البابا فرانسيس الأراضي المقدسة في عام 2014، أشار برنامج الزيارة الرسمي الذي وزعه الفاتيكان إلى محمود عباس بوصفه "رئيس دولة فلسطين"، وفي العام نفسه، لبى أبومازن الدعوة التاريخية التي وجهها له البابا لزيارة الفاتيكان للصلاة معه من أجل السلام، بمشاركة الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز، في سياق ظرف صعب ناجم عن أزمة ثقة عميقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
الاتفاق الجديد
وبشأن الاتفاق الجديد، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، شدد المسؤولون في الفاتيكان على "أهمية الاتفاقية"، وعلى أن المناسبة لا تمثل أول اعتراف من جانب الفاتيكان بدولة فلسطين.
وقال المتحدث باسم الفاتيكان، الأب فيدريكو لومباردي، إنهم اعترفوا بدولة فلسطين بعد قبولها بصفة مراقب في الأمم المتحدة عام 2013، مضيفا: "إنها مسجلة باسم دولة فلسطين في الكتاب السنوي الرسمي للفاتيكان"، وتطلع نائب وزير خارجية الفاتيكان، المونسنيور أنطوان كاميليري، إلى أن "يساعد الإعلان بشكل غير مباشر في تقوية العلاقات بين فلسطين وإسرائيل".
ترحيب فلسطيني
رأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، أن اعتراف الفاتيكان بدولة فلسطين تطورا إيجابيا كبيرا على المستويات السياسية والإنسانية والأخلاقية والقانونية"، وتوقعت، في بيان لها، أن تسهم هذه الخطوة في فتح "حقبة جديدة يرى فيها العالم فلسطين كدولة وكشعب يقرر مصيره ويسود على أرضه".
استياء إسرائيلي
وفي المقابل، عبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان لها عن "خيبة الأمل"، ورأت أن مثل هذه الخطوة لا تدفع عملية السلام إلى الأمام وتبعد القيادة الفلسطينية عن العودة إلى المفاوضات الثنائية والمباشرة، وأوضح رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي، موشي كانتور، أن الإعلان سيقلص من فرص الوصول إلى حل سلمي وسيزيد من التشدد، بحسب قوله.