حيثيات قصور الرئاسة: مقبرة مبارك من أموال الشعب
أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن حسانين، اليوم الثلاثاء، حيثيثات حكمها بإدانة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ونجليه "جمال وعلاء"، بالاستيلاء على 125 مليون جنيه من ميزانية رئاسة الجمهورية المخصصة للقصور الرئاسية، وإنفاقها على متتلكاتهم الخاصة، ومعاقبتهم جميعا بالسجن 3 سنوات وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليون جنيه، وإلزامهم برد مبلغ 21 مليون جنيه للدولة.
مبارك حنث بيمينه
أكدت المحكمة في حيثيات حكمها، أنه استقر في يقينها، واطمأن وجدانها، مستخلصة من مطالعة سائر أوراقها و ما تم فيها من تحقيقات، أن مبارك حنث بقسمه بالحفاظ على المال العام، حيث استغل وظيفته، فاستولى لنفسه كما سهل لنجليه علاء وجمال، الاستيلاء بغير حق على المال العام المملوك للدولة بمبلغ جملته 125 مليون جنيه.
مقبرة مبارك من أموال الشعب
وشملت الحيثيات، أقوال شهود الإثبات، الذين أكدوا بأن مبارك بصفته، أصدر تعليمات شفوية مباشرة للشاهد الأول المهندس عمرو محمود، وأخرى غير مباشرة، من خلال اللواء جمال عبد العزيز رئيس السكرتارية الخاصة برئيس الجمهورية، بتنفيذ أوامر وتعليمات مبارك وسائر أفراد أسرته، وتلبية جميع طلباتهم من أعمال أو توريدات تتم وتنفذ في ممتلكاتهم الخاصة مع خصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية، المدرجة بميزانية وزارة الإسكان.
ونفاذا لذلك أصدر مبارك ونجليه ومعظم أفراد أسرة مبارك، العديد من التعليمات والطلبات الخاصة بإدراج أعمال إنشائية، وتشطيبات وتوريدات أثاث ومعدات وغيرها إلى العقارات المملوكة لهم ملكية خاصة.
والمقرات التي استغل المال العام في تشطيبها، هي مقبرة خاصة بعائلته، ومقر إقامة مبارك وأفراد أسرته بفيلا شارع حليم أبو سيف بمصر الجديدة، و مقر آخر بإقامتهم في 5 فيلات بمنطقة الجولف بشرم الشيخ، ومزرعة النصر بجميعة أحمد عرابي بطريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، وهي عبارة عن قطعتين أرض أولهما مساحتها 20 فدانا، والثانية 5 أفدنة، وشقة سكنية ومخزن بشارع نهرو بمصر الجديدة.
ويضاف إلى ذلك فيلتين بمارينا في الساحل الشمالي، وشقتين كل منهما في طابق بأبراج عثمان بشارع السعادة بمصر الجديدة، ومكتب المتهم جمال مبارك، بمقر الحزب الوطني بالقاهرة، وأرض بمنطقة النهضة بشرم الشيخ، وفيلا رقم 161 بأرض الجولف بالتجمع الخامس "القطامية" وشقة بمصر الجديدة كان يشغلها المتهم الأول مبارك، إبان عمله قائدا للقوات الجوية، ومكتب خاص بسوزان مبارك، بمركز سيتي ستارز التجاري بالقاهرة.
اعترافات مقاولي الباطن
أضافت الحيثيات أنه تم تنفيذ بعض هذه الأعمال والتوريدات بمعرفة شركة المقاولون العرب، بطريق التنفيذ الذاتي، أي بمعدات موظفي الشركة والباقي منها تم تنفيذه بمعرفة مقاولين من الباطن، أقر أصحاب بعضها الذين أمكن سماع أقوالهم بالتحقيقات، بتنفيذ كل منهم لجزء من هذه الأعمال وكانوا يحررون عنها فواتير يقدموها للمهندس المختص برئاسة الجمهورية لاعتمادها وصرف قيمتها لهم من شركة المقاولون العرب.
وكان المختصون برئاسة الجمهورية، تنفيذا لتعليمات مبارك، وتلبية لطلبات المتهمين جميعا، يطلبون من المقاولين من الباطن ألا يثبتوا بالفواتير أماكن تنفيذ تلك الأعمال أو أن يثبتوا فيها أن الأعمال، تم تنفيذها بمراكز الاتصالات برئاسة الجمهورية، وليس في أماكن تنفيذه الحقيقة، حتى يتم صرف مستحقاتهم، وذلك بزعم المحافظة على سرية وأمن الرئاسة.
متهمون بالتزوير
وذكرت الحيثيات أن المقاولين من الباطن قدموا تلك الفواتير المزورة للمختصين برئاسة الجمهورية، لاعتمادها ثم إرسالها لشركة المقاولون العرب لمراجعتها حسابيا والتوقيع باعتمادها من المختصين بها، وإدراجها في مستخلصات هذه الشركة، مضاف إليها أعمال التنفيذ الذاتي وخصم قيمتها من مخصصات مراكز اتصالات رئاسة الجمهورية.
وترسل هذه المبالغ لشركة المقالون لصرفها لمستحقيها، وكل ذلك كان يتم بحسن نية من مقاولي الباطن ومن مختصي شركة المقاولين العرب ووزارة الاسكان تنفيذا لأوامر المتهم مبارك ولتلبية طلبات علاء وجمال مع علم المتهمين الثلاثة بسداد قيمة هذه الاعمال من المال العام وليس من أموالهم الخاصة.
رد الأموال لا يمنع العقوبة
وأضافت المحكمة أنه ثبت من التحقيق قيام المتهمين جمال وعلاء مبارك، أثناء محاكمتهم، بسداد مبلغ 104 ملايين جنيه من أموالهما الخاصة لصالح وزارة الاسكان، مشيرة إلى ما أورده دفاع المتهمين بخصوص سداد علاء وجمال لكامل المبالغ التي انتهت إليها لجنة الفحص مما ينتفي معه الضرر.
وعليه فإن السداد اللاحق لقيمة المال محل جريمة الإضرار العمدي، يعتبر من الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة، فلا ينفي وقوعها كما لا يعفي من عقوبتها، فيسأل الجاني عنها، ولكن من الممكن أن تضعه المحكمة في اعتبارها عند تقدير العقوبة، فضلا عن ذلك، فإن المتهمين لم يسددوا كامل المبلغ، فمازالت ذمتهم مشغولة وباقية وقدرها 21 مليون جنيه.
وقالت المحكمة إنه من الثابت بالأوراق أن نقض الحكم السابق حصل بناء على طلب المتهمين دون النيابة العامة، مما لا يجوز معه أن يضاروا بطعنهم عملا بالمادة 43 من القانون رقم 75 لسنه 1959، وهو ما تلتزم به المحكمه مع المساواه بين الفاعل الأصلي والشريك في العقوبة، ولتلك الأسباب أصدرت المحكمة حكمها المتقدم.
يذكر أن محكمة جنيات القاهرة كانت قد أصدرت حكما في 21 مايو الماضي، بالسجن 3 سنوات، والسجن 4 سنوات لنجليه، إلا أنهما طعنوا على الحكم أمام محكمة النقض، وتم إعادة محاكمتهما أمام دائرة جديدة.
اقرأ أيضا..