فيديو| رسالة الوزير التي أدركها الطالب وأبوه.. فماتا كمدا
للوظائف "العليا" في مصر "منطق" غير مكتوب يعرفه فقط مسؤولو الدولة القابعون على كراسيها الضخمة. التفوق غير مطلوب دائما ويكفي أحيانا أن يكون المتقدم "ابن ناس وبرنس في نفسه"، وغير هؤلاء يعرفون مصيرهم "يروحوا يموتو".
يرى وزير العدل صابر محفوظ إن أبناء الناس البسطاء ليس من حقهم ولا هم مناسبون للجلوس على منصة القضاء أو الوقوف موقفه. تعليقات محفوظ في برنامج "البيت بيتك" اعتبرها كثيرون عودة لدولة ما قبل 23 يوليو 1952، واستحضروا صورة "علي ابن الجنايني" (شكري سرحان) في فيلم "رد قلبي".
آخرون رأوا أن تصريحات الوزير تتناقض مع خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسي وحديثه عن المساواة وتكافؤ الفرص في مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لكن أحدا لم يلاحظ ان تصريحات وزير العدل من شأنها أن تقتل الوالد عامل النظافة دون ذنب، أو تقتل ابنه.
قال وزير العدل في تصريحاته مساء الأحد "كتر خير عامل النظافة إنه ربى ابنه وساعده للحصول على شهادة، لكن هناك وظائف أخرى تناسبه".
صابر محفوظ ذهب لأبعد من ذلك في تصريحات لـ"دوت مصر" قال فيها إن "ما ذكرته في البرنامج هو الصواب والصح والواقع.. أنا بتكلم من الواقع ومبألفش، هو ده اللي ماشي في القضاء والشرطة والجيش".
"شهيد" الخارجية
مأساة "غير المناسبين اجتماعيا" والطامحين إلى مناصب أولاد القضاء والشرطة والجيش تطال أيضا أبناء المزارعين الراغبين في الالتحاق بالسلك الدبلوماسي. تحبطهم نظرة مؤسسات الدولة لهم، فهل يقتلون أنفسهم؟ أم يقتلون أباؤهم عمال النظافة والمزارعين.
كانت الإجابة نعم عند عبدالحميد شتا، خريج كلية الاقتصاد والعلوم السياسية دفعة 2000، والذي يلقب احيانا بـ"شهيد الإحباط" أو "شهيد الظلم". "شتا"، من قرية ميت الفرماوي، بمركز ميت غمر، بمحافظة الدقهلية، تقدم لاختبارات الخارجية في 2003، وبعد أن تفوق في كل الامتحانات كانت نتيجته أنه "غير لائق اجتماعيا".
أجاب "شتا" بصدق واعتزاز على سؤال هيئة الممتحنين في وزارة الخارجية بأن والده "مزارع". صدمته نتيجته والتي قطعت بأنه راسب. عثروا على جثته بعد أيام من الغياب طافية على المياه أمام القناطر الخيرية. كان مات باسفكسيا الغرق.
نجح في الاختبارات نفسها عام 2003 نجل شقيق رئيس قسم التمثيل التجاري والمشرف على الامتحانات بوزارة الخارجية وقتها، الوزير المفوض، سعيد قاسم، وفقا لصحيفة الأهرام في العام نفسه.
قال "قاسم"، للأهرام، "نعم.. تم قبول بن شقيقي, لأنه لا يوجد قانون يحرم بن شقيقي من الالتحاق بالتمثيل التجاري, لأن عمه رئيس التمثيل".
على باب النيابة
قصة محمد كمال، خريج كلية الشريعة والقانون، دارت أحداثها خلال العام 2013. سأله رئيس مجلس القضاء الأعلى وقتها حامد عبدالله "يا ابني انت والدك معاه مؤهل؟"، أجاب الشاب أن "لا" فكان رد القاضي "يبقي مينفعش تبقى وكيل نيابة".
تخرج "محمد" بتقدير جيد جدا، وتقدم للنيابة، وقبلوه وأدرجوا اسمه في أسماء المقبولين، لكنهم عادوا وأصدروا قائمة جديدة بأسماء المقبولين ولم يكن بينها أسمه. واشتكى لرئيس مجلس القضاء الأعلى فكان رده بأن "اللي أبوه معهوش مؤهل مينفعش يبقى وكيل نيابة".
شرط حصول الوالدين على مؤهل عالي هو شرط تقديري لمجلس القضاء الأعلى له أن يأخذ به أو لا يأخذ، فهو سلطة غير مكتوبة، كما شرط التقدير المرتفع. من الشروط فقط أن يكون عمر المتقدم أقل من 30 عاما، وغير مطلوب في قضايا جنائية.
يقول "كمال" إن والده أصيب بجلطة ومات بعد خيبة أمله في دخول ابنه النيابة بعدما شطبوا اسمه وأبلغه رئيس مجلس القضاء الأعلى رسالته الواضحة أن "أبوه جاهل".