وزير خارجية الإمارات: الفيصل لم يكن له "في اللف والدوران"
قال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، في وصفه، وزير الخارجية السعودي السابق، سعود الفيصل "إذا كان يمكن وصفه بكلمة واحدة فهي الهمة"، وذلك في مقال للوزير الإماراتي نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الثلاثاء.
وقال بن زايد في مقاله "عندما قرأتُ خبر تنحيه عن منصبه كوزير للخارجية، قلتُ لزملائي الذين كنت جالسا معهم إن مَن وصف الأمير سعود الفيصل بأنه كيسنجر السياسة العربية قد ظلمه، فهو سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية.
وأضاف "ليتني استطعتُ أن أحكي لهم عن مواقفه العظيمة على مر أربعة عقود، كان فيها صمام التوازنات السياسية في المنطقة، ورَجُل السّلام الذي تحققت بفضل جهوده، بعد فضل الله تعالى، توافقاتٌ بين أطراف لطالما تناحرت واختلفت لسنوات طويلة. ومن أبرز إنجازاته الكثيرة سعيُه لجمع الفُرقاء في لبنان حول طاولة واحدة، الأمر الذي كُلل باتفاق الطائف في العام 1989".
وتابع الوزير الإماراتي "تعلمتُ من هذه القامة العظيمة أشياءَ كثيرة، من أجملها تواضعه الجَمّ، وحرصه على ألا يعرف الناس إنجازاته حتى يبقى عمله خالصًا، وهو ما يتعارض مع شخصية وزراء الخارجية الذين يسعون للظهور الإعلامي، والمشاركة في كل حدث، والتباهي بإنجازاتهم حتى وإن كانت صغيرة، إلا أن مِن أكثر ما كان يسعد سعود الفيصل أن يُنجز مهمة ما، ثم لا يعلم أحد أنه كان مهندسها وأداة نجاحها الحقيقية.
ومما تعلمته منه أيضا الوضوح والصراحة المُطْلقة، فعالم السياسي مليء باللف والدوران والمجاملات التي تقع في غير محلها، إلا أن الأمير سعود صاحب الأدب الجَم، كان صاحب مواقف واضحة مع نُظرائه، يقول ما يُمليه عليه ضميره ومصلحة المنطقة، ولذلك، كانت كلمته بمثابة اتفاقية دولية، وكانت صراحته تدفع حتى بمن يختلفون معه في الرأي للاتصال به وقت الأزمات طلبًا للمشورة والنّصح".
وعن بعض مناقب وزير الخارجية السعودي السابق، قال بن زايد في مقاله بالشرق الأوسط "أما عن الوقت فلقد كان الأمير سعود حارسه الأمين، لا يُخلفُ موعدًا، ولا يُضيع اجتماعًا في كلام لا ينفع. يسعى لإنجاز الكثير في وقت قليل، فتراه يفطر في بلد، ويتغدى في آخر، ثم يتناول عشاءه في الطائرة عائدًا إلى وطنه، كان يُحرج وزراء الخارجية بهمته العالية، ونشاطه المُتّقد، فلا نملك إلا أن نحاول مجاراته، فننجح تارة ونفشل في أخرى، فلقد رفع من معايير الدبلوماسية العربية، وانتقل بفكرة العمل الدبلوماسي من كونه مَهمة إلى رسالة يحملها المرء في حياته، للحفاظ على مصالح بلاده وتنميته".
واختتم الوزير الإماراتي مقاله "سألني أحد الأصدقاء أن أصف الأمير سعود الفيصل في كلمة واحدة، فقلتُ له الهِمّة، فلم أرَ وزير خارجية قط بهمّته العالية، وكان النشاط والعمل الدؤوب من أهم صفاته وأجملها".