التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:35 ص , بتوقيت القاهرة

قانون الخدمة المدنية الجديد..ثورة إدارية أم إهدار للحقوق؟

 أثار قانون الخدمة المدنية الجديد، الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مارس الماضي ، قبيل المؤتمر الاقتصادي، وسيتم تطبيقة في يوليو المقبل، حالة من الجدل الواسع في الأوساط العمالية.


وتأتي الحالة الجدلية نظرًا إلى أهمية القانون لكونه المنظم للعلاقة بين الدولة والعاملين في قطاعاتها، والذي يتجاوز عددهم 6 ملايين موظف، ما تطلب إخضاعه للعديد من الورش لمناقشته من قِبل الكثير من المؤسسات المعنية والمنظمات الحقوقية، آخرها الورشة التي عقدها المجلس القومي لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين.


وتباينت الآراء خلال الورشة، حيث رأى بعض أعضاء المجلس، أنه يأتي في إطار الإصلاح التشريعي، ويوجد فيه مساحة مرنة للتطوير الإداري من خلال اللائحة التنفيذية، بينما رأى البعض أنه معيب، وفيه عوار دستوري، ولا يراعي تنوع الجهاز الإداري للدولة المصرية.


وقال مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية في المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق: إن "المجلس لا يصب اهتمامه فقط على الحقوق السياسية والمدنية، بل يهتم أيضًا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومن الضروري إجراء حوار مجتمعي بشأن أي قانون قبل إصداره".


وتابع إسحاق، أن "القانون عليه اعتراضات كثيرة"، لافتًا إلى أن "الجميع يضع أملًا على اللائحة التنفيذية للقانون لتلافي العيوب التي تضمنتها مواده".


من جانبه، قال وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، الدكتور أشرف العربي، في تصريحات له: إن "قانون الخدمة المدنية لا يستهدف تقليص عدد موظفي الجهاز الإداري الحاليين، ولكن رفع كفاءة الجهاز مستقبلًا".


بينما رأى رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد فايق، أن "القانون يأتي في إطار الإصلاح الإداري للدولة، لسرعة حل مشكلات العاملين"، مؤكدًا على "ضرورة إخضاع الجهاز الإداري للدولة للرقابة والمساءلة".


وقدم فايق عددًا من التوصيات بشأن وضع اللائحة التنفيذية، مؤكدًا على ضرورة ألا تتضمن أحكامًا لا يتضمنها القانون، وتحدد معايير شغل الوظيفة، وأن يكون معيار اختيار الخمسة المكلفين بلجنة الموارد البشرية هو الكفاءة، وأن توضع ضوابط وإجراءات للتقييم ومواعيد التقارير الخاصة بالموظفين، وكيفية التظلم منها.


وأوضح عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، كمال عباس: إن "القانون الجديد أعطى مساحة كبيرة في التطبيق للائحة التنفيذية"، معتبرًا أن ذلك يعطى المرونة للتغيير في القانون أثناء مرحلة التنفيذ، كما أن سينظم علاقة الدولة بـ6.5 مليون موظف، فضلًا عن تطوير الخدمة المقدمة من الدولة للمواطنين".


بينما اعتبر عضو المجلس القومي، منصف سليمان، أن القوانين القديمة المتعلقة بالجهاز الإداري، لم تكن تحمل العيوب، لكن أجهزة الدولة المتمثلة في الوزارات ساهمت في إفساد القوانين، وترهل الجهاز الإداري، وإفلاس القطاع العام.


وأشار إلى أن الحكومات المتعاقبة أهملت نص قانون 46 لسنة 1964 الذي يقضي بإلزام الدولة بتدريب العاملين قبل توليهم المناصب، مما أدى إلى ما نشكو منه حاليًا، مطالبًا بأن يواكب وضع اللائحة التنفيذية للقانون الجديد بعض التعديلات في نصوص القانون نفسه.


وأوضح أنه يوجد فيه بعض النصوص غير الدستورية، ومن بينها المادة الأولى، التي اعتبرت أن العمل يتم وفقًا للكفاءة، مشيرًا إلى أن ذلك يحمل تميزًا، وهو ما يعد مخالفًا لمواد الدستور التي تنص على أن العمل حق دون تمييز.


وتابع سليمان: إن "القانون أهمل نصوص التدريب إضافة إلى أن مواد القانون الجديد مليئة بما يسمح بإدارة الفصل دون الطرق التأديبية"، وهو غير جائز"، متسائلًا: "أين نصوص التدريب في هذا القانون؟".


ومن جانبه، قالت الباحثة في الشؤون الاقتصادية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ريم عبدالحليم: إن "القانون نظر إلى الموظفين الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 7 ملايين موظف  ككتلة واحدة، دون النظر إلى طبيعة تلك الوظائف، فبعض القطاعات تعاني من النقص مثل الصحة، حيث يبلغ الأطباء 12% من العاملين، في الوقت الذي يتضخم فيه عدد العاملين في قطاعات الأوقاف والثفافة.


وأوضحت عبدالحيلم، أن القانون أغفل الكثير من الأمور كالعدالة الجغرافية في التعيين، وعدم التمييز.


وفي السياق ذاته، قال وزير التخطيط أشرف العربي، في تصريحات له: "يوجد خلل كبير في الجهاز الإداري للدولة، يظهر في حالة عدم الرضا من قِبل المواطن تجاه الخدمات التي تقدمها الدولة له، في الوقت الذي يحصل فيه الغالبية العظمى من الموظفين على درجات الامتياز في التقيي".


وأضاف الوزير، أنه بعد المؤتمر الاقتصادي ظهرت الحاجة للإصلاح الإداري، وطُرحت في نهاية المؤتمر العديد من التساؤلات  بشأن البيروقراطية والفساد الإداري، وقدرته على تنفيذ هذه المشروعات المطروحة .


ووصف العربي القانون بأنه "مرن"، مقارنة بالقوانين العالمية، ويحل المشكلات المتكررة في القوانين السابقة، مؤكدًا أن إحالة القانون لـ22 مادة للائحة التنفيذية كان بغرض كسر الجمود، والسماح بالتعديلات دون اللجوء للجان الإصلاح التشريعي، مشيرًا إلى أن القانون سيصنع ثورة إدارية في مصر.