قواسم مشتركة وتنسيق دائم.. المغرب والإمارات "إيد واحدة"
للمرة الثالثة في ظرف 3 أسابيع، والرابعة خلال 5 أشهر، تأتي زيارة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، اليوم الاثنين، إلى الإمارات، دليلا دامغا على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، اللذين قال عنهما السفير المغربي في أبوظبي، محمد أيت "تربطهما علاقات أخوية صادقة وروابط متينة، لم تزدها السنوات والأيام إلا قوة ورسوخا".
العلاقات التي شهدت تطورا مضطردا، في السنوات الأخيرة، بين الدولتين، ترجمتها تبادل زيارات العمل الرسمية أو الزيارات الخاصة بين أفراد الأسر الحاكمة بالبلدين، حيث ما يلبث أن يزور الملك هذا البلد الخليجي، حتى يحضر مسؤولون إماراتيون للرباط في زيارات متتالية.
زيارات متبادلة
ففي شهر مارس الماضي، قام ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بزيارة رسمية للمغرب، تلبية لدعوة محمد السادس، وهي الزيارة التي عرفت توقيع مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، شملت المجالات الأمنية والطبية والدبلوماسية والزراعية والجمركية والطاقية.
كما جرى خلالها تدشين مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بالدار البيضاء، ومصنع أفريقيا للأسمدة، ومعمل تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر بإقليم الجديدة.
الإمارات كانت محطة الملك محمد السادس، في 13 أبريل الماضي، ضمن زيارة خاصة، قبل أن يشد رحاله إلى جزر "سيشل"، بعدها بـ3 أيام، ويعود منها يوم 26 من الشهر نفسه، إلى أبوظبي ثانية، ومنها إلى السعودية، أمس الأحد، وإليها من جديد.
اتفاقيات متعددة
وإلى جانب الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة ولي عهد أبوظبي الأخيرة للمغرب، والتي بلغ عددها 21 اتفاقية، تربط البلدين 11 اتفاقية أخرى، و8 مذكرات تفاهم، و4 بروتوكولات تعاون، في كافة المجالات، وفقا لموقع سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في الرباط.
علاقات تاريخية
ويرجع تاريخ أول اتفاقية جرى توقيعها بين البلدين إلى عام 1982، وكانت بشأن تنظيم استخدام العمال المغاربة في الإمارات، وفي مايو من عام 1958، تم استحداث اللجنة المشتركة الإماراتية ــ المغربية بالرباط، وعقدت اللجنة دورتها الأولى بأبوظبي، في نوفمبر 1988، برئاسة وزيري خارجية البلدين.
وانعقدت الدورة الثانية بالرباط في يونيو 2001، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي و وزير الدولة للشؤون الخارجية، آنذاك، الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الأسابق، محمد بنعيسى، بينما انعقدت الثالثة في فبراير 2004 بأبوظبي، أما الرابعة فقد انعقدت بالدار البيضاء في يوليو 2006.
شراكة استراتيجية
وبحسب سفير أبوظبي لدى الرباط، العصري سعيد الظاهري، تعتبر المملكة المغربية شريكا استراتيجيا ووجهة رائدة في مجال الاستثمارات الإماراتية، ولعل السنوات الأخيرة تشهد على الحراك الاقتصادي والتجاري بين البلدين، الذي تميز بارتفاع حجم التبادل التجاري وأيضا ارتفاع الاستثمارات الإماراتية في المغرب التي بلغت عام 2013 ما قيمته 1.3 مليار دولار.
أما سنة 2014، فتميزت بشراء شركة "اتصالات الإمارات" 53 % من رأسمال شركة "اتصالات المغرب" بـ4.2 مليارات يورو، وهي السنة التي شهدت بناء شركة طاقة للجرف الأصفر التابعة لشركة "طاقة أبوظبي" محطات إنتاج جديدة للطاقة الكهربائية.
وأصبحت الإمارات أول مستثمر في بورصة الدار البيضاء عام 2014، بـ55 مليار درهم مغربي، كما قدمت مساهمتها بـ1.25 مليار دولار في المنحة الخليجية البالغة 5 مليارات دولار لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المغربية، وفقا للظاهري، الذي أشار إلى أن بلاده ساهمت كذلك بـ500 مليون يورو في رأسمال صندوق وصال للتنمية السياحية البالغ 2 مليار يورو.
تعاون عسكري
وفي ظل التهديدات الإرهابية التي تواجه بلدان الخليج والشرق الأوسط، وسط هجمات التحالف الدولي الجوية على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في العراق وسوريا، منذ أغسطس الماضي، أعلن المغرب تقديم دعم عسكري وأمني للإمارات.
ورفع المغرب من درجة التأهب الأمني بالمدن الكبرى وبالمناطق الاستراتجية والحساسة، من خلال تنزيل المخطط الأمني "حذر"، الذي أشرف على إطلاقه الملك محمد السادس، والذي أصدر قرارا ملكيا، في سبمتبر الماضي، بتفعيل اتفاقية التعاون العسكري الموقعة بين البلدين في الرباط منذ مايو 2006.
ورياضي أيضا
تعزيز التعاون والتبادل بين الجانبين، وصل إلى مجال الرياضة، حيث وقعت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في 25 أبريل الماضي، مذكرة تفاهم مع اتحاد الإمارات العربية المتحدة لكرة القدم، بهدف تعزيز تبادل الخبرات والكفاءات في مجالات تنظيم وإدارة كرة القدم في البلدين.
قواسم مشتركة
ويتقاسم البلدان عددا من الروابط المشتركة، لا سيما وهما لا يزالان محافظين على النظام الملكي، واستطاعا الصمود في وجه الإضرابات التي خلفتها رياح الربيع العربي بالعديد من البلدان العربية، حيث ارتبطا في ما عرف بصيغة الملكيات العربية السنية التي طرحها الملك السعودي الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، لأجل تشكيل صمام أمان لهذه الدول في جو عرف سقوط عدة أنظمة عربية.
بالتعاون الخليجي
وفي مايو 2011، رحب قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي، بانضمام كل من الأردن والمغرب إلى المجلس، الذي يضم في عضويته 6 دول أنشأته عام 1981، وهي السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، والبحرين، وسلطنة عمان، لتكونا الدولتين الوحيدتين بالمجلس من الدول غير الخليجية.
وضمن العاصفة
ومع انطلاق عملية "عاصفة الحزم" ضد معاقل جماعة أنصار الله (الحوثيين) باليمن، في 26 مارس الماضي، كان اعتبار أن أمن دولة الإمارات العربية المتحدة جزءا من الأمن القومي المغربي، أحد أسباب مشاركة المملكة إلى جانب أبوظبي، تنفيذا للاتفاقيات العسكرية والأمنية التي أبرمت خلال السنوات الماضية، ووفقا للخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية عبدالرحِيم المنار أسليمي.
تنسيق دائم
لم يكن ذلك التنسيق الأول بين البدين الشقيقين، فبعد إعلان الإمارات العربية المتحدة خبر توقيف ضرباتها الجوية ضد تنظيم "داعش"، جاء الدور على المغرب لينسحب بطائراته من التحالف الدولي ضد التنظيم.
وقال وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، في معرض رده على سؤال الصحفيين خلال اجتماع لجنة الخارجية بمجلس النواب والمستشارين، في 5 فبراير الماضي، "إن تعليق المغرب مشاركته في الضربات ضد داعش مسألة تهم الإمارات".
وفي مارس الماضي، ذكرت مواقع إعلامية مقربة من جبهة البوليساريو الانفصالية، إن الفريق الإماراتي المشارك في طواف الجزائر للدراجات، أكبر مراحل "الأفريكا تور" المؤهلة إلى بطولة العالم والألعاب الأولمبية ريو دي جانيرو 2016، أعلن انسحابه من الطواف، وذلك بعد إعلان المنتخب المغربي للدراجات انسحابه من الطواف بسبب مشاركة، فريق يمثل الجبهة الانفصالية.