التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:11 ص , بتوقيت القاهرة

هل يحب المصريون جيشهم حقا؟

طوال خمس سنوات مدة دراستي في الكلية .. كان هناك دائما حديث يدور قبيل تخرج أي دفعة.. هتعمل إيه في الجيش؟


شاهدت طوال هذه المدة مالم أشاهده وأتربى عليه طوال عمري.. أنا ابن وحيد لأبي الضابط السابق في القوات المسلحة.. الذي رباني على أن أحب جيش بلدي وسمعت قصصا منه ومن أصدقائه، علمتني محبة هذه المؤسسة.


كنت أعلم تماما حجم صعوبة الحياة، كما كان يحكيها لنا في الأيام القلائل التي أراه فيها، ولم يكن هناك حسابات داخلية للأسرة هل أخدم في القوات المسلحة أم لا.. في مرحلة الكلية أحسست أن الجيش هو بعبع عندما رأيت أمهات أصدقائي يدعون و يصلون حتى ينفذ أولادهم منه.. هل هو حب لفظي فقط ؟


شاهدت من يسعى لزيادة وزنة ومن يرفض إجراء عملية الليزك، ومن يسعى بشتى الطرق لإيجاد واسطة لتخرجه.. من يفكر في الهجرة قبل أن ينهي الكلية من يسأل هو أنا عندي التصاق ولا لأ ؟  وقصص كثيرة في كل بيت.


نسبة المرحبين بدخول الجيش التي رأيتها  تكاد لا تتعدى ال 10 %.


كنت متعجبا كيف يتغنى المصريون بحب جيشهم وهم يرفضون أن يروا أولادهم في الجيش؟ أليست العسكرية شرفا وخدمة الوطن شرف؟ أم هو الأمر عندما يتعلق بنا تختلف الصورة ؟


أنا في وسط المتعلمين من المهندسين والصيادلة والأطباء والمحاسبين والمحامين أراهم يرون الجيش "وقف حال"، رغم أن بعضهم كان يريد وبشدة أن يدخل ابنه الكلية الحربية بعد الثانوية العامة .. أهو حب الوطن ؟ أم حب الذات والشكل العام والفخر بابنك الضابط ؟


هل كان هذا الإحساس هو نفس إحساس الأهالي وقت حرب الاستنزاف وأكتوبر؟ أم قد فقد أغلبنا الانتماء؟


كم هي نسبة الذين يريدون أن يظلوا في مصر حتى لو جاءئتهم فرص في بلاد أغنى وأكثر حرية ؟ الحقيقة أن النسبة تكاد لا تتعدى الربع.


أحس بالنفاق في مواقع التواصل الاجتماعي من بعض الناس وهم يتحدثون عن الجيش وحبه.. ألم تكن تريد أن تفعل المستحيل حتى لا تؤدي الخدمة العسكرية ؟ هل تنسى العزومة التي دفعت فيها مبلغا وقدرة بسبب خروجك لعدم اللياقة الطبية؟


نحن في أزمة انتماء ولا أعلم لها حلا... حب الوطن ليس أغنية ورقصة وليس بوست على الفيسبوك أو تغريدة على تويتر.


من يموت هناك في سيناء . هم أشرف وأنبل من كل كلامكم .. توقفوا عن الحديث بما لا يوجد في قلوبكم... انزعوا عنكم أقنعة الانتماء الراقص الذي تظنوه حبا.. وضعوا أولادكم مكان من مات قبل أن تهاجموا أو تؤيدوا الجيش.


لتتركوا من مات يرقد في سلام و تتفرغوا للدعاء حتى لا – يلبس-  أيا من أبنائكم وكفى.


لمتابعة الكاتب