التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 04:24 م , بتوقيت القاهرة

"رجل الحرب والسلام".. الأمير بن نايف على خطى "السادات"

لم يكن عمل الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، الذي أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، قرارا ملكيا، اليوم الأربعاء، بتعيينه وليا للعهد، بمثابة كلمة السر في إقناع الولايات المتحدة بالعملية العسكرية ضد الحوثيين باليمن، مع انطلاق عملية "عاصفة الحزم"، بالإنجاز الأعظم في تاريخه، لاسيما وهو وزير الداخلية السعودي الذي وصفته شبكة "MSNBC" الأمريكية بـ"جنرال الحرب على الإرهاب"، بعد نجاحه في تقويض نشاط تنظيم القاعدة في المملكة.

لكن بن نايف، البالغ من العمر 56 عاما، أبى أن يكتفي بمقاربته الأمنية في التعاطي مع الإرهاب، فكان له الفضل في إطلاق برنامج "المناصحة"، الذي يستهدف المتشددين التائبين بغرض إعادة إدماجهم في المجتمع، ليستحق الوصف الذي نعت به قبله الرئيس المصري الراحل، أنور السادات "رجل الحرب والسلام".

رجل الحرب

شغل الأمير محمد بن نايف، الحاصل على عدد من الدورات العسكرية المتقدمة داخل المملكة وخارجها ذات الصلة بالشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب، منصبه الرسمي الأول عام 1999 عندما عين مساعدا لوزير الداخلية، وهي الصفة التي قاد بها حرب السعودية على المتطرفين الإسلاميين في الداخل.

ففي تاريخ 6 مارس/ آذار 2001، قلده خادم الحرمين الشريفين الراحل، الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وشاح الملك فيصل تقديرا لما قام به من تخطيط متقن وإدارة ناجحة لعملية اقتحام الطائرة الروسية المختطفة فى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة وإنقاذ ركابها.

وما بين عامي 2003 و2006، شهدت المملكة موجة من الهجمات الدامية التي نفذها تنظيم القاعدة، مستهدفا مقار رسمية ومنشآت عسكرية ونفطية وأهدافا غربية.

وكان الأمير محمد بن نايف قد اكتشف أولى محاولات اغتياله، التي تمثلت في هجوم استهدف مبنى وزارة الداخلية في الرياض بسيارة مفخخة في العام الميلادي 2004، بينما فشلت المحاولة الثانية في اليمن بنجاة طائرته من صاروخ مخطط له أن يضرب الطائرة.

غير أن جهود الأمير، الذي تم التمديد له كمساعد لوزير الداخلية برتبة وزير عام 2008، نجحت لدرجة كبيرة بتقويض نشاط "القاعدة" في المملكة، ما دفع بالتنظيم إلى التحصن في اليمن المجاور، حيث تم عام 2009 دمج الفرعين اليمني والسعودي فيما بات يعرف بتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب.

وفي 5 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، ترقى لمنصب وزير الداخلية، خلفا للأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وفقا لأمر ملكي، من خادم الخرمين الشريفين الراحل، الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

ورجل السلام

دور الأمير محمد بن نايف لم يقتصر على الحرب فقط، فكان أول من أسس لجنة للمناصحة في المملكة العربية السعودية والخليج العربي، بهدف إعادة تأهيل المقبوض عليهم في قضايا التطرف الفكري والإرهاب، عن طريق إخضاعهم لدورات تعليمية تتضمن برامج نفسية ودينية وقانونية واجتماعية لتخليصهم من الفكر المتطرف، قبل الإفراج عنهم، إذا كانوا لم يتورطوا في قضايا إرهابية بشكل مباشر، ليستحق لقب "رجل السلام" أيضا.

وقام بتأسيس مركزين "للمناصحة"، واحد في الرياض وآخر في جدة (غرب) يحمل اسم الأمير محمد، ويتم فيهما تقديم "مناصحة" دينية واجتماعية للنزلاء، كما يتم تزويجهم ودعمهم.

محاولة اغتياله

وبسبب لجان المناصحة، كاد الأمير بن نايف أن يلقى نفس مصير أبيه الروحي "السادات"، عندما تعرض لمحاولة اغتيال في مكتبه بجدة، عام 2009، على يد أحد الإرهابيين، زعم أنه يرغب بتسليم نفسه، وقام بتفجير نفسه قرب المكتب ليصاب الأمير بجروح طفيفة، وأعلن بعد ذلك تنظيم القاعدة مسؤوليته عن محاولة الاغتيال.

غير أن خبراء كثيرون أشادوا بهذا البرنامج، ولو أن مسؤولا في وزارة الداخلية أقر عام 2013 أن 10% ممن يمرون بمراكز "المناصحة" يعودون إلى النشاط المتطرف، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.

آخر إنجازاته

آخر إنجازات بن نايف سجلت قبل 48 ساعة من صدور الأمر الملكي بتعيينه وليا للعهد، وتمثلت في الإنجاز الأمني الكبير الذي حققه، عندما نجحت الأجهزة الأمنية في ضبط الإرهابيين الذين استهدفوا رجلي أمن بالرياض، إضافة إلى توجيه ضربات استباقية ليد الإرهاب أسفرت عن ضبط 93 متهما أحبطت محاولاتهم الإرهابية التي كانوا ينوون تنفيذها.

بن نايف الآن

ويقول خبير في الشؤون السعودية، طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"فرانس برس"، إن الأمير محمد بن نايف، الذي يشغل حاليا منصب ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، بنى خلال السنوات الماضية "شبكة قوية لمكافحة القاعدة في الداخل وأيضا علي الصعيد الإقليمي، من خلال إقامة مكاتب في سفارات المملكة".

ويضيف أن الدول الغربية "تحسب له نجاحه في مكافحه القاعدة، فلطالما كانت أجهزة الأمير محمد بن نايف أول من يحبط مخططات التنظيم".