التوقيت الأربعاء، 06 نوفمبر 2024
التوقيت 01:14 ص , بتوقيت القاهرة

إلى متى نسير بالبركة؟!

بدأت مطارق المصريين تدق رؤوس الوزراء وتطارد رئيس الحكومة.. اعتدنا طوال 60 عاما أن نُعلق كل مشاكلنا في رقبة الرئيس ومسؤوليه.. أليسوا هم ولاة الأمر.. لكننا نفعل عكس ما يطالبنا به القرآن.. لا نُطيعهم ولكن نسألهم.. حقنا أن نستفسر.. وواجبهم أن يلبوا مطالبنا ويحققوا أحلامنا غير أننا لا نسأل أنفسنا أبدا أليس علينا واجب نؤديه تجاه بلدنا؟.. وقبلها تجاه أنفسنا.. هل نُتقن العمل؟.. هل نستطيع تدبير مصاريف عائلاتنا المتوسطة بينما نطالب الرئيس السيسي بتوفير حياة كريمة لـ90 مليونا. 

المصريون يتساءلون ألم ننتخب الرئيس بنسبه تفوق 97 % في انتخابات نزيهة لم يطعن عليها أحد؟ لماذا إذن زادت الأزمات عما قبل؟.. ما الذي ذهب بنا إلى اليمن وهل نسينا ما جرى في الستينيات؟ وسأبدأ بالإجابة عن السؤال الأخير وأتطرق بعدها لغيره.. فنحن لم نبعث بقوات برية لليمن وإنما شاركنا في هجمات جوية وحصار بحري.. لم نفقد جنديا واحدا.. الجيش المصري العظيم ليس للإيجار.. لم نشارك في عاصفة الحزم انتظارا لمغانم أو منح ومعونات خليجية.

 إن ثورة 30 يونيه لم تكن فقط للإطاحة بحكم عصابة فاشية مجرمة بل أصبحت محطة أساسية في مواجهة مؤامرة تفتيت المنطقة وإشعالها بصرف النظر عن أن المواجهة مازالت في مراحلها الأولى.. الاشتراك في عاصفة الحزم لم يكن مغامرة أو سعيا وراء أموال الأشقاء بالخليج، ولكنّه كان دفاعا عن عروبة يريدون لها أن تتآكل وتفتيتا متعمدا من إيران وواشنطن للشرق الأوسط باستغلال الخلاف السني – الشيعى وتصعيده إلى تقسيم سياسي مذهبي ينفض ثوب العروبة والقومية ويرتدي عمامة الملالي والمشايخ وزعماء القبائل.. الذين يُشككون في قدرة القوات المسلحة على قهر الإرهاب.. لا يرون أن سنوات الإخوان والثورة مكنت الإرهاب من التغلغل في سيناء والاختلاط بالمدنيين، ومن ثم لا يُمكن أن تكون التصفية  عشوائية على حساب أبرياء.

 إن مصر لا تتحمل المزيد من النزق والمغامرات وعنتريات النشطاء السياسيين، وحولنا حزام إقليمي ناسف وفي كل شبر تحت قدميك لغم أو فخ أمريكي.. يقولون في الأمثال إن "من لا يرى من الغربال أعمى" وهذا صحيح .. ففي وسط هذه المخاطر والإرهاب والتهديد الإيراني والتركي تجد من يستعجلك لإجراء الانتخابات وإقامة حياة ديموقراطية تليق باسم مصر وثورتي 25 يناير و30 يونيو.

هل نفعت الديموقراطية شعوبا تم تدميرها وتجويعها في غزة ولبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا؟.. هل تنفع في عصر لا يعترف إلا بالقوة! وهل أمريكا التي تطالبنا بالديموقراطية وحقوق  الإنسان تعترف بذلك إذا ما قامت فيها مظاهرات تخريب؟ عندما قتل شرطي أمريكي أبيض زنجيا أسود برأته المحكمة.

 تنسى التعذيب في جوانتنامو وأبو غريب وتحدثنا عن حقوق الإنسان! قالت المتحدثة باسم الخارجية إن بلادها قلقة من أسباب الحكم على الرئيس الإخواني مرسي بـ 20 سنة.. لا تقلق أمريكا على أولادنا القتلى من الضباط والجنود يوميا.. تسْعد بأصوات بكاء المصريين وتطرب لموسيقى الجنازات العسكرية لكنّها تبكي فقط على دموع عملائها الإخوان.. والأغرب من ذلك أنها تجد من نشطائنا من يغني على ليلاها بضرورة عودة الإخوان للحياة السياسية وبعدها يحلها المولى.. لهذا يريدون الانتخابات ويستعجلونها لتكون "لعبة" أخرى في يد أمريكا تحاربنا بمعارضة شكلية وعملاء أمثال أيمن نور والبرادعي.. ألف نعم للديموقراطية ولكن في الوقت المناسب.

 في عز هذا كله نجد الوزراء يستفزون المصريين ويضيعون الثقة في حكومة ينفخ فيها السيسى الحياة كل يوم بلا جدوى.. بعض المسؤولين والمحافظين يعيشون في أبراج عاجية .. وزير الثقافة يقول لموظفة "إنتي تخينة" .. وشريف الشوباشي يدعو لخلع الحجاب في مليونية وإسلام بحيري يزيد الطين بَلة بنسف البخاري ومسلم وضرورة إعدام مالك والشافعي وأبو حنيفة وابن حنبل.

 نحن نفرح بالإثارة ونصدق الشائعات ونقبل أي تخاريف بدعوى حرية التعبير.. ثم نتساءل ماذا جرى لمصر؟! الشعب يجري وراء "أبلة فاهيتا"، ويتابع أجور نجوم ونجمات رمضان التي تتراوح بين 12 إلى 40 مليون للنجم الواحد أو النجمة.. المستريح ينصب على ملايين المصريين ويكرر مأساة الريان.. والشعب لا يتعلم أبدا.. يريد المكسب السريع بأي طريقة.

 الخلاصة أن الشعب والحكومة مخطئان.. نقول للرئيس خذ بإيدينا.. ألم ننتخبك.. صلح وإحنا معاك وإذا ما تلفت حوله يبحث عنا يجدنا إما سذّجًا أو متكاسلين أومشككين ثم نقول مفيش فايدة.

بعد معايشتي لأحداث ما يقرب من 10 شهور منذ تولي الرئيس أتمنى أن يوحد الوزراء والمسؤولون تصريحاتهم.. ليس معقولا أن تزعم وزارتا البترول والتموين أن البنزين والسولار وأنابيب البوتاجاز متوفرة بكثرة، بينما المواطن يقف في الطابور ويلعن الحكومة.. وزير الكهرباء أعلن أوائل هذا العام أن الصيف القادم لن يشهد انقطاعات مثل عام 2014 ثم "لحس" كلامه قبل أيام وبشرنا باستمرار الظلام هذا الصيف مع ارتفاع جديد وحاد في أسعار الكهرباء.

المشكلة الحقيقية أن الرئيس السيسي منشغل جدا- ومعه حق- بالأمن القومى المصري والعربي، لكنّه لا بد أن يولي اهتماما مماثلا بأحوال المصريين، ويغير المسؤولين الذين ثبت فشل معظمهم وأولهم رئيس الوزراء الذي يشبه لاعب كرة قدم يجري 90 دقيقة بدون تسجيل أهداف.

 مصر يا ريس عايزة رأس حربة يقنع الناس بأسباب المشاكل ويحلل أسباب تأخر بعض القوانين.. لقمة العيش الآن أهم من الديموقراطية.. لا بد من تبرير زيادات أسعار كل السلع والخدمات "لن تتقدم مصر بدون تخطيط.. وحتى الآن نحن نسير بالبركة ونحمد الله عليها، لكن إلى متى؟!!