التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 02:39 م , بتوقيت القاهرة

رغيف خبز حاف في جبلاية القرود !

سجلت الراقصة المغمورة جريمتها الكاملة على شريط فيديو يُذاع حاليا بنجاح ساحق على قنوات فضائية مصرية، الجريمة الكاملة مصورة بكل حركة إباحية قررت عمدا تقديمها من أجل الشهرة، وقد حدث، في أقل من 72 ساعة تحوّلت من شخص مجهول إلى مشهور، ساعدها في ذلك إعلام يبحث عن مادة رخيصة لا تكلفه أي عناء يتاجر بها، وهي فعلت وخلعت أكثر ملابسها مع إيحاءات جنسية مبتذلة!

لا أصدق حتى الآن أن مجرما ما يصور جريمته ويسجلها ويذيعها ولا يتم القبض عليه ومحاكمته، أي قانون عاجز عن مواجهة مجرم بجريمته الموثقة؟ أي قانون يجد أمامه جريمة كاملة إباحية ومحرضة على فساد الذوق وخادشة للحياء ولا يجرمها؟

تذكرت أنه نفسه القانون الذي لم يعد يُفعِّل مادة خدش الحياء في الشارع وفي الطريق العام، فهناك على مدار اليوم، من الصباح المبكر في عز النهار من يخدشون الحياء بشتائم متعددة موحية صادمة، كما يتبعونها بحركات لا تقل جريمةً، مع إضافة من يتبولون في العلن عمدا لكي يثيروا انتباه وغثيان الجميع!

عد إلى الشريط المصور للراقصة لكي ترى أن الحياء أصبح فكرة قديمة لا معنى لها، وأن الابتذال أصبح أقصر طريق للشهرة والثراء من أي وقت مضى بدون أن تجد من يعاقب، إما أن القانون سقط سهوا أو أن البعض يرى ويفكر في أن الإثارة مطلوبة لإلهاء المجتمع عما هو فيه.

إذًا لماذا تنشط شرطة الآداب في القبض على مومس تمارس الدعارة في بيت مغلق؟ ولا تنشط في القبض على آلاف المومسات والقوادين والبغاة يمارسون الدعارة في العلن؟

الحقيقة السؤال يحيرني، يحيرني أكثر أنه ينتقل من مجرد فكرة لشهرة مغمورة ما، إلى أسلوب يشجع المجتمع على مزيد من الانهيار، كم فتاة يُمكن أن تُفكر تحت طائلة الفقر أو الاحتياج أو اليأس أو الشهرة السريعة أن تفعل ذلك؟

هذه أشياء تبدو صغيرة، تبدو .. لكنها في الحقيقة كبيرة، لن ينصلح حال مجتمع غابت عنه الأخلاق، كنت ومازالت أقول إنني تمنيت أن يبدأ الإصلاح الأخلاقي للمجتمع قبل الإصلاح الاقتصادي، أن تقود الدولة بقيادة رئيس الدولة ثورة أخلاقية كبيرة، ليست فقط تعيد بث وتعليم الأخلاق للمجتمع، إنما إعادة الروح إلى قوانين صارمة تعيد الأخلاق المنفلتة إلى مسارها بالقوة على الأقل حتى يبدأ المواطن في التعود على قانون أخلاقي!

الأخلاق هي أن تسود لغة الاحترام بيننا، حتى في احترام أفكارنا ومعتقداتنا وثقافتنا وعملنا وضمائرنا! لكن الرئيس اكتفى بأمنيات عودة الروح إلى الأخلاق، بينما غرد في إقامة مؤتمرات اقتصادية تحاول أن تضمن رغيف الخبز.

رغيف الخبز بدون أخلاق .. لا يساوى شيئا!

رغيف خبز في غابة.. لا يعني أكثر من أن نتحول إلى قرود على استعداد أن نخطف اللقمة ونكسر رقبة من يفوز بغيرها!

رغيف خبز في مجتمع لا أخلاقي.. خطر حقيقي على المجتمع!

ما فائدة مليارات الدولارات.. في مجتمع أول خاطر عنده هو نصيب الفرد من مليارات لم يتعب فيها أو يعمل من أجلها. إذا قدر لي أن أجد الفانوس السحري وطلب مني أمنية واحدة، فهي أن تغرق في النيل العظيم الذي لا نعرف قيمته لانعدام الأخلاق، سفينة أكبر من تيتانيك تحمل أقراص الأخلاق، فيشرب منها الجميع ونعيش معا في سعادة.

لكن لأن السفينة لن تأتي ولن تغرق، فهل أطلب من الرئيس أن يكون ديكتاتورا في كل ما يتعلق بالأخلاق! أن يصبح السيسى ديكتاتورا في كل ما يتعلق بالأخلاق؟

الأمر ليس صعبا، لأن إصدار حزمة قوانين تتعلق بإحترام كل ماله علاقة بالأخلاق في تعاملاتنا اليومية، سوف يكون طريقا سريعا ممهدا إلى الانضباط الأخلاقي الذي يتعلق بالعمل والمرور والإعلام والثقافة والفن والتعاملات اليومية!

كما أن خطة تنفذ على مدار من ثلاثة أعوام إلى خمسة أعوام، فيها انضباط وفيها تعليم وفيها عقوبات وفيها جوائز.. سوف تكون مفيدة لتبدأ الأخلاق تنمو مرة أخرى في شجر جاف!

سمعتنا في العالم ليست بعيدة عن الحقيقة، سمعتنا أننا كاذبون لا نلتزم بكلمة أو وعد، على استعداد للتزوير والتدليس من أجل الفوز، هل يُمكن أن تمنحنا هذه السمعة قدرة على عقود كبيرة مع الآخرين؟

لماذا لا يتحرك الرئيس؟ لماذا لا تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل أن تعود الأخلاق؟ لا أعرف.. كل ما أعرفه أن هناك قنابل موقوتة تنفجر إذا لم نتعامل مع هذا الملف بشكل جدي وسريع وقوي.