بزنس تأييد السيسي
ليس فقط تأييدا، لكن أيضًا تطبيلا ونفاقا للرئيس عبد الفتاح السيسي. أرجو ألا تنزعج، أظنك متأكدا أن هذا صحيح. لو لديك أدنى شك، يمكنك أن تتأمل قليلاً ما نعيشه فسوف ترى بسهولة أنها تجارة رابحة جدًا ومضمونة 100%. كلها منافع من أموال ومناصب وبرامج تليفزيونية وغيرها وغيرها. بالطبع الأمر لا يخص السيسي وحده. فهذا هو حال كل الرؤساء في "مصرنا الحبيبة"، يلتف حولهم بإرادتهم هؤلاء المنافقون المطبلون المؤيدون. لكن الأمر في حالة رئيسنا الحالي زاد وفاض وأصبح يسد عين الأفق.
أظنك لا تحتاج إلى أن أقول لكَ إن كل مؤيدي السيسي ليسوا منافقين ولا "مطبلاتية". فهناك من يؤمن بأن الرجل هو الحائط الأخير لحماية مصر، وأنه الاختيار الأفضل لعبور البلد إلى بر الأمان في ظل هذه الفوضى الدموية العارمة داخل البلاد وخارجها. وأن مميزات الرجل كذا وكذا وكذا.. إلخ.
إذن كيف نعرف المتربحين من التأييد؟
الأمر بسيط، إذا كان المؤيد بعيدًا عن المنافع الوفيرة.أي لم يحظَ بأي منها وهي كما تعلم كثيرة، شهرة وفلوس ومناصب. كما أن هناك شرطًا آخر مهم هو أن يكون لديه أيضًا حرية أن يكون معارضًا للرئيس. أي أنه اختار هذا الطريق بكامل إرادته. في هذه الحالة يُمكنك أن تثق قليلاً في أنه ليس متربحًا.
لماذا نثق قليلاً وليس كثيرًا؟
لأنه من حيث المبدأ من الصعب أن تؤيد طوال الوقت أي رئيس. فالكمال لله وحده، وطبيعي جدًا أن يكون للسيسي أخطاء وخطايا. فإذا كان المؤيد يؤيد على طوال الخط، فمن الصعب أن نثق أنه يفعل ذلك انطلاقًا من قناعة شخصية، أو أنه يؤيد الرجل لوجه الوطن. لكن "هنبلع الزلط" ونقول إنه يشفع لمن يؤيد "عمال على بطال"، أنه لن يحصد المنافع الوفيرة من مناصب وأموال وغيرها وغيرها.
من المهم هنا أن أذكرك أن كثيرًا من المستفيدين من "بزنس" تأييد السيسي يضعون القليل من البضاعة السليمة على" وش القفص"، مثل أن يصبوا بانفعال شديد غضبهم على محافظ أو وزير أو حتى رئيس وزراء أو حتى مؤسسة دينية أو دولة صديقة للسيسي. وفي أحيان نادرة يبدو أنهم يصبون غضبهم أيضًا على السيسي، لكن في إطار المزايدة عليه، مثل دعوته "لأن يفرم" خصومه، أي يقتلهم أو يسجنهم. لكني مضطر لأن أقول لك إن هذا في الأغلب الأعم يكون بتعليمات من السيسي ورجاله. ويمكنك أن تعيد سماع تسريبات مكتب الرئيس عندما كان وزيرًا للدفاع والتي لم ينفها أو يناقشها أحد.
الطريقة الثانية لمعرفة المستفيدين من "بزنس" تأييد السيسي هو أن هناك أحداثا "تخرق عين الشمس"، يتجاهلونها وكأنّها تحدث في دولة موزمبيق الشقيقة. أظنك لا تحتاج إلى أمثلة.إذا كانت تريد فمثلا هناك جرائم وزارة الداخلية من تعذيب وقتل وانتهاك بشع لحقوق المسجونين. خذ مثلاً ما يحدث في سيناء ولا يناقشه أحد من تكرار مخيف لحوادث إرهابية. خذ مثلاً الفيديو الذي قالت فيه زوجة شهيد أنه قٌتل لأنه لا يوجد تأمين ولأنه لا يملك "واسطة" عند وزير أو رئيس... إلخ.
في حالة الصحافة والإعلام الأمر أسهل . لماذا؟
أولاً لأنهم كما تعرف شخصيات مشهورة . يمكنهم إخفاء المنافع "اللي من تحت لتحت" . لكن فمن الصعب مثلاً أن يصبح رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة صحفية في السر. ولأنه من المستحيل أن يحصل على برنامج بملايين الجنيهات دون أن يعلم أحد. فهي مهنة كما تعرف "مفضوحة"، وكل ما يقوله زملاؤنا وأصدقاؤنا "بتوع بزنس التأييد؛ معلن.كما أنه من الصعب حذفه. وإذا حدث كما فعل بعضهم وحذفوا كل نفاقهم للإخوان ومبارك من على مواقعهم الإلكترونية. فهناك من يحبهم ويحتفظ بها للتاريخ.
هل هذا يعني أن كل من حصل على منفعة منافق و"مطبلاتي"؟
بالطبع لا. لكن من المؤكد أنه في المناخ الذي نعيش فيه الاختيار لأهل الثقة إن لم يكن لأهل النفاق. وبدون شك ليس لأهل الكفاءة. من ثم من الصعب أن نبلع "الزلط" لهؤلاء إلا في حالات نادرة جدًا.
السبب الثاني فكما تعرف أنه يكاد يكون مستحيلاً أن تحصل على برنامج بالملايين دون أن تكون من الأحباء. وهذا أمر لا يخصهم، فكل من يخرج عن "الصراط المستقيم" لمن يحكمون البلد، أنت تعرف مصيره. فقد اختفوا من على الشاشة تمامًا، ليس فقط لمذيعين يملؤون الدنيا، ولكن حتى كضيوف. وإذا حدث وحاول زميلنا المذيع أن يحفظ توازنه في ظل جنون بزنس التأييد تطاله كما تعرف سهام التشويه والبلاغات وربما الطرد من مصر.
هل تريدهم أن يعارضوا طوال الوقت؟
من المهم التأكيد أن معارضة السيسي على طول الخط أيضًا "بزنس". وأنا لا أطلب من زملائي وأصدقائي المتربحين أن يعارضوا طوال الوقت. فالصحفي والإعلامي ليس دوره الأساسي التأييد أو المعارضة، لكن دوره أولاً هو إبلاغ ما يحدث على الأرض للناس، ومناقشته مع كل الأطراف وبعد ذلك "يتحفوننا" بآرائهم.
أعتقد أن الأكرم لهم والأفضل للبلد ألا يشاركوا في هذا البزنس الفاسد، يناضلون من أجل حقهم وحق غيرهم في التواجد الصحفي والإعلامي سواءً كان مؤيدًا أو معارضًا. أي يناضلون من أجل صحافة وإعلام محترمين. و"كفاية" الملايين التي حصدوها.
لماذا أقول لك كل ذلك؟
حتى اؤكد لزملائي وأصدقائي المتربحين المنافقين أنهم مفضوحون. وأن كل جهدهم في طلاء أنفسهم "بشوية احترام" للأسف فاشلة. وحتى أؤكد لك ولنفسي ولهؤلاء الذين يفسدون المناخ العام أن مصيرهم إلى زوال. مثلهم مثل من كان "بيلغ" من بزنس تأييد رؤسائنا السابقين.
ربما يخففوا قليلاً نفاقهم وتطبيلهم، ربما يخففون قليلاً تحولهم إلى "شبيحة وبلطجية".