القضاء الإسرائيلي يحرم الأسرى الفلسطينيين من التعليم
لا يكتف الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ سياسة التعذيب الجسدي والنفسي ضد الأسرى الفلسطينيين، وحرمان المرضى منهم من العلاج اللازم لهم، إضافة إلى حرمانهم من زيارة ذويهم على مدار سنوات، لتصل إلى منعهم من التعليم الجامعي.
فقد أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أخيرا حكما نهائيا في قضية تعليم الأسرى السياسيين في السجون الإسرائيلية، وقررت هيئة القضاة الموسعة رفض الالتماس الذي قدم باسم ثلاثة من الأسرى حرمتهم الأجهزة الأمنية من إكمال التعليم العالي.
خلاف قضائي
وعلى الرغم من القرار القضائي بمنع الأسرى من التعليم، فإن خلافات نشبت بين هيئة القضاة، التي اختلفت فيما بينها بشأن وضع آلية للفحص الفردي لكل أسير يتقدم بطلب للالتحاق بالجامعة أو الاكتفاء بالمنع الكلي كما هو الحال اليوم، كما اختلفوا بشأن التمييز بين الأسرى الأمنيين والجنائيين، فيما يتعلق بالتعليم العالي، بحسب المحامية عبير بكر، من العيادة القانونّية لحقوق وإعادة تأهيل السجناء في جامعة حيفا.
وقالت المحامية بكر لـ"دوت مصر" إن رئيسة المحكمة، القاضية مريام ناؤور، رفضت فرض تقييدات على الأسرى بشكل اعتباطي، وأن على أي قرار من قبل إدارة السجون أن يكون تناسبيا ومعقولا، واعتبرت أن نظرة الأجهزة الأمنية بتعريف الأسرى معتقلين أمنيين بسبب التهم الأمنية التي أدينوا بها لا تعد سببا كافية للسلب غير المبرر لحقوقهم.
أضافت: "إلا أن موقف القاضية ناؤور كان ضعيفا على الرغم من انضمام قاضيين اثنين لها، فقد عارضها أربعة القضاة، ما حسم القرار لصالح الادعاء المتبني موقف الأجهزة الأمنية".
وتدعي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تمويل التعليم العالي للأسرى يتم من قبل "منظمات إرهابية" تهدف إلى تدعيم مكانتها داخل السجون.
ومن بين القضاة الذين تبنوا موقف الأجهزة الأمنية بحرمان الأسرى من التعليم العالي، بحسب المحامية بكر، رئيس المحكمة العليا الأسبق، القاضي آشر غرونيس، الذي رفض التماس محامي الأسرى جملة وتفصيلا.
كما عارض غرونيس موقف رئيسة المحكمة بالفحص الفردي لتمويل تعليم الأسرى، معللا ذلك بأن التمييز بين الأسرى الجنائيين والأمنيين هو تمييز قانوني وشرعي، وأن قرار سلطة السجون بالمنع الجارف لتعليم الأسرى هو قرار تناسبي ومعقول.
قرار انتقامي
وقالت المحامية بكر: "إن المحكمة العليا شرعنت قرارا حكوميا انتقاميا يمنع التعليم العالي من الأسرى المعرفين على أنهم "أمنيون"، على الرغم من أن القرار خالي من أي اعتبار أمني، عدا كونه محاولة للضغط على حركة "حماس" حين أسرت الجندي المحتجز لديها.
ونفت بكر وجود أي علاقة بين تعليم الأسرى وأمن دولة إسرائيل، خصوصا على ضوء التحاق الأسرى للتعليم في الجامعة المفتوحة على مدار 20 عاما.
وأوضحت أن هذا القرار يؤسس نظاما مميزا في السجن، ومن الممكن أن يجيز ممارسات اعتباطية ومسيئة ضد الأسرى، لكونهم فلسطينيين لا غير ودون علاقة بمدى الخطورة الناجمة عنهم.
تمييز بين الأسرى
من جهتها، قالت المحامية ليلى مرجاليت، من جمعية "حقوق المواطن" إن رفض الاستئناف الخاص بتعليم الأسرى يشرعن التمييز بين الأمنيين والجنائيين دون أي سبب موضوعي، ما سيؤدي إلى تآكل جدي في المبدأ الأساسي لحقوق السجناء".
وأشارت إلى أن قرار المحكمة يناقض بشكل تام العرف القانوني المنبثق عن قرارات المحكمة العليا الساري منذ سنوات طويلة، الذي يمنع أي تمييز اعتباطي بين الأسرى الأمنيين والجنائيين بشأن ظروف الاعتقال.
وجاء قرار المحكمة الأخير، القاضي بمنع تعليم الأسرى، بعد أربعة أعوام من المداولات في المحكمة المركزية والمحكمة العليا، وذلك حين أقرت المحكمة رفض ثلاثة استئنافات قدّمت باسم أسرى سياسيين، طالبوا من خلالها بالسماح لهم بالاستمرار بالتعليم الجامعي عبر المراسلة، خلال قضاء فترة محكوميّتهم في السجون الإسرائيلية.
كانت الحكومة الإسرائيلية قد منعت الأسرى من متابعة تعليمهم في شهر حزيران/ يونيو عام 2011، كخطوة عقابية انتقامية للضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الجندي، جلعاد شاليط.