التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 07:48 ص , بتوقيت القاهرة

بوتفليقة والجزائر.. سيناريوهات "الفوضى أو الفساد"

بعد مرور عام على إعادة انتخاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، لولاية رئاسية رابعة، برزت قضايا فساد كبيرة في البلاد تورطت فيها شركات حكومية وأجنبية.


وما تزال أصداء فضيحة شركة "سوناطراك" النفطية تثير جدل الرأي العام في الجزائر، بعد كشف الحكومة في صيف عام 2013، عن وجود شبكة دولية للفساد تنشط في عدة دول، وتخصصت في نهب "سوناطراك"، والتي تعد أكبر شركة نفط إفريقية برقم أعمال بلغ 63 مليار دولار في 2013.



مليارات منهوبة


فضيحة فساد مالي أخرى في عهد الرئيس بوتفليقة تطفو إلى السطح، وهي مشروع إنشاء "الطريق السيار شرق- غرب" بطول 1200 كم، إذ قدرت تكلفة إنشاءه 6 مليارات دولار، إلا أن هذا الغلاف المالي ارتفع ليبلغ 11 مليار دولار بعد خضوع المشروع لسلسلة من عمليات إعادة التقييم خلال 2011 و2012، ليصل إلى أكثر من13 مليار دولار في نهاية سنة 2014.


المشروع الذي انطلق خلال الولاية الثانية للرئيس بوتفليقة عام 2006، يحاكم فيه 16 شخصا و7 شركات أجنبية متهمة بالرشوة وغسل الأموال وتبديد المال العام، إذ كانت الخطة تنص على إنهاء المشروع بعد 4 سنوات، إلا أن المشروع مر عليه 9 سنوات ولم يكتمل، وارتفعت كلفته إلى أكثر من 11 مليار دولار بحسب التقديرات الرسمية.


ويشير رئيس منظمة غير حكومية لمكافحة الفساد، جيلالي حجاج، إلى أن المحاكمات التي تنوي الحكومة إقامتها في تلك القضايا، "لا تنم عن إرادة النظام في مكافحة الفساد"، وإنما "رغبته في التخلص من هذه القضايا التي تلاحقه منذ سنوات وتسبب له الانزعاج"، مؤكدا أن الدليل هو عدم استدعاء الوزراء و"الأشخاص المحميين سياسيا" رغم أنهم متهمون في هذه القضايا.



رئيس مقعد


يقول الأكاديمي الجزائري، إسماعيل معراف، في حوار مع "دوت مصر"، إن "مسألة الفساد أصبحت الآن حديث العام والخاص في الجزائر، والرأي العام الجزائري متأثر بشكل كبير من الفساد الذي يحدث في الدولة، بالإضافة إلى أن النظام الحالي يعمل تقريبا بشكل جزئي لا يعمل بكل إمكانياته، بسبب الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة المقعد، فهو بالنهاية لا يدير شؤون البلاد، بل تدار من قبل شقيقه سعيد بوتفليقة، كما كان الوضع مع جمال مبارك في مصر، وأنا أرى أن المثال المصري يتجسد في الجزائر الآن".


وتابع معراف من العاصمة الجزائر: "يوجد في الجزائر رجل أعمال معروف، هو علي حداد، مشابه تماما لأسلوب رجل الأعمال المصري، أحمد عز، حيث يعمل مع شقيق الرئيس بوتفليقة والجنرال قائد صالح".


محاكمات صورية


ويوضح معراف أن "الفساد في الجزائر لا يتعلق فقط برجال الأعمال، بل أصبح فسادا مقننا داخل الدولة، ومن يحكم الجزائر متورط في الفساد، بل دعني أقول لك إن من يحكم الجزائر هو الفساد بحد ذاته".


وحول متابعة الحكومة لقضايا الفساد، قال معراف: "أعتقد أن المحاكمات صورية لاستهلاك الرأي العام، والقول بأن النظام والسلطة تحارب الفساد، هي تقدم صورة خاطئة، المحاكمات لن تذهب لما يريده الجزائريون، بمعنى أن المسؤولين الكبار المعنيين بالفساد والشخصيات النافذة والرئيس بوتفليقة لن يدخلوا السجن، ولا أعتقد أن النظام سيذهب بنفسه للمحاكمة".


وحذر معراف من عدم اكتراث النظام للشعب الجزائري، لأنه عندما يثور مثل البركان لا يمكن حساب نتائج هذا الثوران، مضيفا أن الجزائر مقبلة على هزات اقتصادية خصوصا فيما يتعلق بانخفاض أسعار البترول، وقد يضطر للذهاب لخطة تقشفية لكي لا يذهب بكل مواقعه".



تراجع الشعبية


وأشار معراف إلى أن بوتفليقة لا يحكم الجزائر، وبدأت شعبيته تتراجع في ظل ذلك، لأن (العلبة السوداء) أو المحيطين ببوتفليقة، مشغولون بالبحث عن من يخلفه، والآن هناك مرشحان إما شقيقه سعيد أو رئيس الديوان الرئاسي أحمد أو يحيى.


من جانبه، قال الباحث السياسي في مركز الأهرام، يسري الغرباوي، لـ"دوت مصر": "تزايد الفساد في الجزائر سيؤثر بشكل كبير على الرئيس بوتفليقة، لأن انتشاره يضرب مصداقيته، خصوصا أن أحد مصادر خروج الشعوب على أنظمة الحكم هي انتشار ظاهرة الفساد بشكل ممنهج".


الفوضى أو الفساد


وأضاف الغرباوي: "ليس فقط انتشار الفساد أثر على بوتفليقة، بل ترتيبات ما بعد بوتفليقة، فإذا كان انتقال السلطة للمؤسسة العسكرية سيكون مرفوضا بالنسبة للجزائريين، إضافة إلى ذلك أن ظهور هذه الحالة في الاعلام تزيد من ضغط المعارضة الجزائرية".


ويشير الغرباوي إلى أن شعبية الرئيس بدأت تتآكل دوليا وليس محليا فقط، بعد ظهور تقارير تؤكد وجود قضايا فساد ضخمة، حيث أن الضغط الدولي سيتم تكريسه، خصوصا أن سمعة الرئيس بدأت تتأثر من خلال تقرير لمنظمة الشفافية الدولية عن الفساد".


ويختم الغرباوي بالقول: "الرأي العام الجزائري متأثر بما يجري في المنطقة، في مقابل خطاب حكومي بأنه يحارب الفساد، ومستفيد من الوضع المتأزم في المنطقة العربية، من خلال التأكيد على أن الجزائر إما ان تبقى تحت السيطرة أو تذهب للفوضى".