التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 12:41 م , بتوقيت القاهرة

كيف تعامل أبو حنيفة مع تلميذه الفقير حتى أصبح قاضي القضاة

حاول المفكر والإعلامي إسلام بحيري، خلال مناظرته مع الحبيب علي الجفري والدكتور أسامة الأزهري، أن يصدر فكرة أن بعض أتباع المذاهب كادوا أن يقوموا بعمل مذاهب جديدة، ومنهم أبو يوسف تلميذ أبو حنيفة، ليدلل على الخلاف الواضح بين أئمة المذاهب وتلاميذهم.


غير أن أغلب علماء المذاهب كانوا على علاقة قوية بأئمتهم، واختلفوا معهم في بعض الأمور الفرعية، التى لا تغير في أساس المذهب.


ونقدم  إحدى القصص المشهورة لعلاقة الإمام أبو حنيفة بتلميذه أبو يوسف:


أبو يوسف


قاضي القضاة يعقوب أبو يوسف، في عهد هارون الرشيد، والذي اشتهر بكتابه الاقتصادي "الخراج"، والذي أصبح مرجعا للاقتصاديين الإسلاميين، يحكي عن علاقته بأبي حنيفة، وكيف كان يتعامل معه فيقول: "صحبت أبا حنيفة سبع عشرة سنة".


ولصحبته لأبي حنيفة قصة يرويها أبويوسف فيقول: "كنت أطلب الحديث والفقه عند أبي حنيفة، وأنا مقل "يعني قليل المال"، رث الحال والهيئة، فجاءني أبي يوما فانصرفت معه، فقال لي: "يا بني، لا تمد رجلك مع أبي حنيفة "أي لا تذهب إليه"، فإن أبا حنيفة خبزه مشوي "يقصد أنه غني وقادر على أن يعيش عيشة كريمة"، وأنت تحتاج إلى معاش "عمل حتى تنفق على نفسك ولا تنقطع للعلم"، فقصرت عن كثير من الطلب "أي طلب العلم" وآثرت طاعة أبي".


ويضيف أبو يوسف، "فتفقدني أبوحنيفة وسأل عني، فلما كان أول يوم أتيته بعد تأخري عنه؛ فقال لي: ما شغلك عنا؟ قلت: الشغل بالناس وطاعة والدي، وجلست حتى انصرف الناس، ثم دفع لي صرة وقال: استمتع بها".


ثم يكمل "فنظرت فإذا فيها مائة درهم وقال: إلزم الحلقة وإذا أفرغت هذه "إذا أنفقتها" فأعلمني، فلزمت الحلقة، فلما قضيت مدة يسيرة، دفع إلي مائة أخرى، ثم كان يتعهدني وما أعلمته بقلة قط، ولا أخبرته بنفاد شيء، وكأنه يخبر بنفادها وظل كذلك حتى استغنيت".


بعد هذا الموقف استمر أبو يوسف في تلقي العلم حتى حفظ التفسير والحديث والمغازي وأيام العرب، وسار أبو يوسف على نهج أستاذه أبي حنيفة في الفقه، إلا أنه كانت له اجتهادات خاصة به، وألف كتبا كثيرة أشهرها كتاب الخراج وهو رسالة في إدارة المال العام والقضاء، وقد قربه الخليفة هارون الرشيد إليه، وولاه القضاء، ومنحه لقب قاضي القضاة، وكان يستشيره في أمور الدين والدنيا.