التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 12:49 م , بتوقيت القاهرة

إنهم يبغضون السيسي ويكرهون الوطن

أزمة الرئيس السيسي، أنه جاء خلال فترة يوجد بها رجال نظامين سابقين، على الأرض، الإخوان المسلمون، والوطني المنحل، وبينهما قطاع عريض من النخبة، وبعض رجال الإعلام، وشباب آخرون، مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، بل هم مع أولئك الذين يدّعون أنهم يريدون الحرية والديمقراطية، ولا يريدون سوى تحقيق مصالحهم الشخصية، أو تحقيق ما تطلبه منهم عمتهم وخالتهم أمريكا.


تعقيد أزمة الرئيس يكمُن في أن رجال النظامين السابقين وما بينهما، يعملون ضده، إما بتخطيط وعلم، وإما بجهل ودون إدراك ووعي، بجد واجتهاد، ولا يمر يوم دون حدث أو واقعة يقوم بها هؤلاء تعوق طريق التقدم، والحرية، والتنمية، ولاحِظوا ما حدث خلال الأسبوع الماضي من مطالبة البعض بخلع الحجاب، وعمل مظاهرة بميدان التحرير، تقوم فيها بعض النسوة بخلع الحجاب، والأدهى أنهم ادعوا أن ذلك لمواجهة الإخوان!!


أليست هذه الدعوة تحديدًا وفي هذا الوقت بالذات، وبعد دعوة الرئيس لإصلاح الخطاب الديني، سيستغلها أعداء الوطن، ومبغضو النجاح، في إثبات أن السيسي يريد هدم الدين، وأن دعوات الإصلاح تعني الفساد والانحلال؟ وهل مواجهة الإخوان بالفكر، والرد على كل المحاور الفكرية التي بنى عليها هذا التنظيم، أم بخلع الحجاب والدعوة للسفور؟ ومخالفة ثوابت الدين؟


دعكم من موضوع خلع الحجاب، وتذكروا معي أنه في بداية تولي الرئيس لمسؤولية حكم الوطن، والإعلان عن بدء الترشح للبرلمان، فوجئنا أن راقصة، راغبة في الشهرة، أعلنت ترشحها للبرلمان، وثارت ثائرة أتباع الإخوان ولم تقعد، ونسبوا ما حصل للنظام الجديد، وأن سيادتها ستدخل برلمان السيسي ببدلة الرقص!!


وبينما نحن مشغولون بالراقصة، فوجئنا برجال المنحل يرشحون أنفسهم أيضًا للبرلمان، وخرج علينا كبيرهم "عز" بحوار تلفزيوني، ليصموا المشهد كله بعدم الواقعية، وليتحدث ضيوف الجزيرة القطرية بطلاقة، وهم متكئون، أن السيسي يريد إرجاع نظام مبارك، وأن الحوار متفق عليه من قبل، رغم أن الرجل بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، مما حصل.


وإذ "الإخوان" تسير في نفس خُطة إثارتها للفوضى، ومحاولة إفشال النظام، سار مدّعو إصلاح الخطاب الديني، مطالبين بحرق البخاري، وكتب أئمة المذاهب الأربعة، وغطت هذه الدعوات على الدعوة الحقيقية لتنقية كتب التراث، ومواجهة أفكار الداعشيين؟!


وإذ بالجماعة أيضًا تواصل نفس خطتها، صدر الحكم القضائي بإعدام 523 عضوًا إخوانيًا، في أغرب حكم إعدام صدر في أروقة المحاكم المصرية، بينما توالت أحكام البراءة عن رجال نظام مبارك، وكأنّهم أرادوا أن يدللوا أن القضاء المصري مسيس، بوضوح ودون مواربة، رغم أن رأس النظام، لم يكف لحظة عن التذكير أنه لا يتدخل مطلقًا في تلك الأحكام، لكن كيف وأنّى يصدقون؟!


ودعكم من الفساد، أو من أخطاء الحكومة، والمحافظين، شبه اليومية، والتي لو ظللنا نعدها ما استطعنا لها إحصاءً، فهذه لا مناص أنها سبب رئيس في كل ما يحصل، وفي ردود الأفعال، التي تحدث الآن من المواطنين، لكن تذكروا كيف أن الشعب كان ينتظر أن تعود مدرجات الكرة للجماهير، وتعود للمباريات بريقها، وهي الشيء الأهم، الذي يُسري عن الشعب، فإذا ببعضهم يتسببون مع أخطاء الداخلية، التي لم تكن الوحيدة، في وقف الدوري، وسقوط عدد من القتلى والمصابين، ليسيروا في الاتجاه المعاكس الذي يريده السيسي.


ومنذ يومين تقريبًا، وقعت معركة بالمنوفية بين رجال من الشرطة وآخرون من الجيش، على أحقية كل منهما في تفتيش الآخرين، وإذ بهؤلاء يهتفون أن "الشرطة حرامية"، هتف الآخرون "يسقط العسكر"!!


ولم تنته القصة بعد، فقد نشرت الصور لحرق مجموعة من الكتب الدينية والتاريخية، في أروقة وزارة التعليم، وكأنّ ذلك هو ما يريده الرئيس، من القضاء على الأفكار التي غبشت على عقول الشباب وضيقت ما وسعه الشرع، وسواء تم ذلك بعلم أو بجهل، فإنه أفرغ قضية مواجهة الفكر الشاذ من مضمونها، ودلل دلالة واضحة، على أن هؤلاء لا يفهمون إلى أين هم سائرون.


وإنني أؤكد أن من يفجرون القنابل يبغضون السيسي ويكرهون الوطن، لكن الذين يفسدون المشهد إعلاميًا وثقافيًا ودينيًا هم أشد كرهًا وبغضًا ليس لرئيس الدولة فقط، لكن للوطن كله، وإن هؤلاء قساة القلوب يحتاجون جميعًا إلى تعلم حب مصر.