أمريكا وإيران.. غرام الأفاعي!
هناك الكثير من الرِّيبة والشكوك سوف يتعين على الزعماء العرب، وخصوصًا ملوك ورؤساء دول الخليج العربي، فك رموزها، حيث إن رؤساء أكبر دول في العالم اتفقوا ضمنيًا على رفع العقوبات الاقتصادية بشكل كامل عن إيران في غضون شهرين، وهو الأمر الذي يحمل الكثير من علامات الاستفهام.
الريبة في الأمر تأتي من كون الولايات المتحدة والدول الصديقة لها في أروروبا تقف بشكل كبير مع السعودية ودوّل الخليج لمحاربة المد الإيراني في المنطقة، ومن خلفه حزب الله اللبناني، والتنظيم الإرهابي الذي يمشي كالنار في الهشيم في المنطقة العربية "داعش"، وفي نفس الوقت تتقرب من إيران!
اتفقت إيران مع مجموعة "5+1" في الثاني من الشهر الجاري على اتفاق يُمهد لاتفاق نهائي بحلول 30 يوليو المُقبل، والذي بموجبه تلتزم طهران بخفض عدد أجهزة الطرد المركزي، وتعليق تخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاما في موقع فوردو، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
وتضم مجموعة "دول 5+1" الدول دائمي العضوية في مجلس الأمن، وهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين، إضافة إلى ألمانيا، التي ليست عضوا في مجلس الأمن.
من يتمعن في الدول التى وقّعت على الاتفاق، يكتشف أن هناك تاريخًا جديدًا يُكتب للمنطقة العربية، فأمريكا التي تدعم دول الخليج العربي في الحرب في اليمن، حيث إن الدعم الاستخباراتي قادم من الولايات المتحدة بشكل مباشر، التي تخاف المد الإيراني على مضيق باب المندب، هي نفسها التي تقود مسألة رفع العقوبات عن إيران.
لم أرَ اهتمامًا بشكلٍ كافٍ من وسائل الإعلام العربية حول هذا الأمر، حيث غاب التحليل السياسي والاستراتيجي لموضوع رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.
إيران نجحت في العشرين عاما الماضية أن تبني اقتصادا جيدا، سمح لها بأن تكتفي ذاتيا دون الحاجة إلى العالم الخارجي، وتقدّمت في عدة مجالات منها الصناعات الغذائية وصناعة السيارات، ومصر على سبيل المثال تعد مستوردا جيدا للسيارات الإيرانية.
فموضوع رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في هذا التوقيت يعني صدمة كبيرة للعرب، لأنه يعنى باختصار مزيدا من الانفتاح الإيراني على العالم الغربي، وسوف يُحول إيران إلى قوة اقتصادية تصديرية كبيرة لأوروبا وأمريكا، ناهيك عن ان إيران دول لا تقل أهمية في تصدير البترول.
الموضوع الإيراني الأمريكي شائك جدا إلى الدرجة التي يصعب على العرب فهمها مرحليا، لأن إيران التي تقف بجانب حزب الله في لبنان، الذي بدوره يعادي إسرائيل، وكذلك تدعم النظام السوري الذي يدعمه الدب الروسي، وإيران التي تقف ضد المصالح الأمريكية في المنطقة، هي نفسها التي تتقرب من الولايات المتحدة من الناحية الأخرى.
السياسة لا تعرف العواطف ولا الصداقات، فقط هو علم نفعي قائم على المصالح فقط، ولو اعتقد العرب أن أمريكا سوف تقف إلى جانبهم إلى الأبد، فهذه هي السذاجة في حد ذاتها، كما أن البعبع الإيراني في المنطقة هو الذي يدفع العرب إلى صفقات السلاح غير المحدودة من الولايات المتحدة.
فإيران لأمريكا لا تقل أهميةً عن السعودية، فلا بد من دافع دائما لدفع الدول العربية لشراء السلاح، ولو عدنا لنفس النظرية، لا ينبغي أن نلوم غير القيادات العربية التي افتقرت إلى الرؤية المستقبلية إلى أن وصل الأمر إلى هذا الحد الذي لا مجال فيه للعودة للخلف.