ذكرى "الوحدة الثلاثية".. "يوم أن توحد العرب 3 أشهر"
"فكرة نبيلة بكل المقاييس" إنها الوحدة العربية التي آمن بها و عمل عليها ثوار حقيقيون، و تلاعب بها خونة، و دفع الثمن في كل الأحوال المواطن البسيط، وفي مثل هذا اليوم من عام 1963، تم توقيع اتفاق الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق، بعدما التقت الوفود الممثلة للجمهورية العربية المتحدة وسوريا والعراق في القاهرة.
تحل اليوم ذكرى إحدى المحاولات الوحدوية في التاريخ العربي الحديث للم شمل الأرض العربية، لكنها لم تستمر سوى 3 أشهر وانهار الحلم سريعا، إنها "اتفاق الوحدة الثلاثية" بين مصر وسوريا والعراق.
توقيع الاتفاقية الثلاثية
كانت ثورة الثالث والعشرين من يوليو نقطة تحول تاريخي في مصر نحو طريق القومية والعروبة والوحدة، وقد زادت هذه الدعوات بعد ثورة 14 يوليو بالعراق والتي جاءت بحزب البعث ذو الميول القومية العربية، ووضعت ثورة 8 مارس سوريا في رحاب الوحدة، وركزت القيادات القومية في البلدان الثلاثة على مشروع الوحدة، الذي انهار بسبب الخلافات بين من دعوا إليه.
بعد وقوع انقلاب عسكري في العراق ضد عبد الكريم قاسم، وقيام حركة انقلابية في سوريا، رفعت شعار الوقوف ضد الانفصال، تنادت القيادتان الجديدتان في بغداد ودمشق للبحث في إقامة «وحدة ثلاثية» بين مصر وسوريا والعراق، وأسفرت محادثاتها مع عبد الناصر عن ميثاق 17 إبريل الذي يضع الأساس لإعادة الجمهورية العربية المتحدة، التي تفتت بعد قيام الجيش السوري بانقلاب عسكري في سبتمبر 1961، حيث أعلنت سوريا انتهاء الوحدة وأعلنت "الجمهورية العربية السورية"، بينما احتفظت مصر باسم "الجمهورية العربية المتحدة" حتى عام 1970 عندما سميت باسمها الحالى جمهورية مصر العربية.
بدأت مباحثات الوحدة، على أساس التوجهات الاشتراكية بين قيادات البلدان الثلاثة، حيث بدأت وفود الدول الثلاثة، مصر وسوريا والعراق، المباحثات يوم السبت 6 أبريل واستمرت حتى 16 من نفس الشهر، حيث تم توقيع الاتفاقية رسميا في اليوم الثاني.
من هم أعداء الشعب
نصت الاتفاقية على أنّ السيادة في الجمهورية العربية المتحدة للشعب، وأنّ الحرية كل الحرية للشعب ولا حرية لأعداء الشعب وهم المعزولون سياسيا بمقتضى القوانين المقررة لذلك، كل من حوكم ثوريا أو أدين بأنه انفصالي أو متآمر أو مستغل.
كما ضمت قائمة أعداء الشعب كل من تعامل أو يتعامل في المستقبل مع التنظيمات السياسية الأجنبية مما يضعه في خانة "العمالة" للقوى الأجنبية، إلى جانب من يعمل لفرض سيطرة الطبقة الواحدة على المجتمع.
انهيار الوحدة بعد 3 أشهر من توقيعها
كان حزب "البعث" حريصا على أن ينفرد بالحكم فى سوريا. ولكن قوى أخرى شاركت فى الحركة الانقلابية دعت إلى إعادة الوحدة فورا، حيث خرجت مظاهرات جماهيرية كبيرة تطالب بذلك، فكان على إثرها توقيع اتفاق الوحدة الثلاثية.
وبدأت الخلافات تظهر بين الرئيس المصري جمال عبد الناصر وقيادات حزب البعث في سورية برئاسة حافظ الأسد، حيث اتهم عبد الناصر في إحدى الخطب الشهيرة الحزب بسعية للسيطرة علي مقاليد الأمور في سوريا والتفريق بين البعثيين والسوريين متهما إياه بالطائفية والعنصرية.
وتطورت الخلافات إلى أن أعلن عبد الناصر فى ذكرى ثورة يوليو، عام 1963 انسحاب مصر من اتفاق الوحدة الثلاثية، بعد 3 أشهر فقط من توقيعها، في حين بقي "البعث" مسيطرا على الحكم فى سوريا والعراق دون أن يبنى بينهما وحدة أو اتحادا.
وخرج حزب البعث من الحكم فى العراق، ثم عاد إليه، فى حين فرضت "اللجنة العسكرية" سيطرتها على سوريا، وشهد حزب البعث فى البلدين صراعا داخليا عنيفا، لا تزال تأثيراته واضحة إلى اليوم.