التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 10:12 ص , بتوقيت القاهرة

هل تفتح اليمن أبواب المصالحة مع الإخوان؟

في اليمن السعيد الذي لم يعد كذلك، جرت التطورات سريعة فبعد اجتياح حوثي مدعوم من على عبدالله صالح، الذي لا يرى غضاضة في التحالف مع الشيطان من أجل أن يبقى قريبا من حكم اليمن، الذي منحه النفوذ لعقود ومعه الثروة التي جمعها من التجارة في تراث اليمن الأثري، فضلا عن الفساد الذي لف اليمن لعقود وأعاق مسيرتها نحو النهوض.


ربما وفرت أجواء المبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة، الفرصة لأنصار الله (الحوثيين ) لكي يغيروا الوضع على الأرض، وبدا وقتها التجمع اليمنى للإصلاح جناح الإخوان المسلمين في اليمن، الذي لا يصح اعتباره كيانا إخوانيا محضا، مرتبكا في مواقفه، في اليمن الذي  يضم قبائل متنوعة يتلقى 6000 من زعمائها مرتبات ثابتة من المملكة العربية السعودية، ولنتخيل حجم نفوذ السعودية، إذا علمنا أنه من بين 9000 شيخ قبيلة يمني تحتفظ السعودية بولاء 6000 منهم، إضافة إلى بعض شيوخ الوهابية المنضوين في الحزب والذين يحرمون الديمقراطية بالمناسبة، إضافة إلى شخصيات مثل عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان رئيس الحزب، وهو الذي لم يكن يوما من الإخوان بل أقرب للزيدية، الحزب كان له تشكيل مسلح تحت اسم الجبهة الإسلامية وتاريخه السياسي يشبه تاريخ الإخوان، من حيث القدرة على إبرام الصفقات وهو ما يفتح الباب لأن يلعب الحزب تلك اللعبة، أقصد المصالحة مع جماعة الإخوان في مصر والتي خالفت موقف فرعها في اليمن، بمعارضتها لعاصفة الحزم.


لكن هذا الموقف مفهوم سيكولوجيا، بالنظر إلى أن الجماعة ظلت تردد على مدار شهور سابقة أن الحليف السعودي هو الذي وفر الصمود للنظام المصري الجديد بالمال والدعم السياسي، لذا كان من الصعب ان يتحول موقفها بهذه السرعة لكن فرع الإخوان في اليمن كان أكثر سفورا في دعم عاصفة الحزم وتأييدها، خصوصا بعد تعرض مواقع وشخصيات من التجمع اليمنى للإصلاح لهجوم من الحوثيين واقتحام لمقراتهم وبيوت قياداتهم، حيث اتهم الحزب إيران باستهدافه، لأنه يعد حسب تعبيرهم الترس السياسي والديني الوحيد بوجه الاختراق الإيراني، في إشارة إلى القناع الحوثي الذي يخفي المشروع الإيراني في المنطقة، دون أن تنسى بالطبع توكل كرمان الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل وأحد كوادر الإخوان، أن تندد بالرئيس السابق على عبدالله صالح الذى وصفته برأس الأفعى، حيث قالت في تدوينة لها على صفحتها " بينما يدير المخلوع ميليشيات الحوثي على الأرض، يرسل وزير خارجيته السابق أبوبكر القربى في جولة للتفاوض حول مبادرة تطرح تخليه عن الحوثى، فاتك القطار يا رأس الأفعى ويا مصدر الشرور والموبقات في اليمن " في إشارة ومغازلة واضحة للسعودية، الداعم الأكبر تاريخيا للإخوان في اليمن وحزب التجمع اليمنى، الذى يضمهم مع غيرهم من المكونات التي وظفتها السعودية عبر شبكة من الموالين لها في اليمن، وهي تلك الشبكة التي ربما تحتاجها السعودية اليوم في الترتيب لليوم التالي، لانتهاء عاصفة الحزم بتحقيق أهدافها وترسيخ نظام جديد موال وغير مهدد لأمن المنطقة، أو واجهة لمشروع إقليمي على طريقة الحوثيين.


 نحن الأن أمام استربتيز سياسي يمارسه على عبدالله صالح من جهة، والإخوان من جهة أخرى في مواجهة السعودية، فمن سيرضى عنه الملك السعودي ويعطيه صفقة يده؟ على عبدالله صالح عدو الإخوان التقليدي الذي تحالف مع أعداء السعودية، وربما أدركت السعودية أنه خان العهود والدعم اللامتناهي، بما يقلل من حظوظ التعاون معه مرة ثانية، أم التجمع اليمنى بمكونه الإخواني الذي قد يشترط لنفسه أن ترعى المملكة عبره تلك المصالحة بين إخوان مصر والدولة.


هل تملك السعودية بعد شراكة السلاح والتعاون المفتوح مع مصر، أن تختبر ثقة النظام المصري بطلب كهذا وهي تعلم تعقيدات العلاقة بينهما؟ أم أنها قد تناور مع التجمع اليمني وتدفعه للقيام بدوره دون ربط الاتفاق بشأن خارجي كالمصالحة؟ الإشارات التي خرجت حتى الآن من بعض رموز محسوبة على المملكة تقول بإمكانية أن يسعى الملك لرعاية تلك المصالحة، التي تجعل السعودية راعية لأهل السنة وتمارس دورها كقوة كبيرة في الحرب وأيضا في السلم، وهو ما أتصور أن المملكة تريده لنفسها من دور بدا فيه الحزم ليس مجرد عنوان لحملة عسكرية، بل ربما لسياسة المملكة في ظل صعود الشباب إلى أروقة الحكم فيها بسلوك لا تخطئه العين .