التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 07:40 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| الحزب الوطني.. من السلطة والثروة إلى الحرق والهدم

بحكم نهائي لا يمكن الطعن فيه، كتب القضاء المصري أخر سطر لعصر "دولة الحزب الحاكم" وأمر بحل الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يرأسه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والذي كان مهيمناً على الحياة السياسية ومحتكراً لغالبية مقاعد المجالس التمثيلية والنيابية، وكذلك أنهى الحكم مرحلة سياسية امتدت 33 عاما احتكر خلالها الحزب الوطني مقاليد الحياة السياسية والحزبية بلا منازع، كما قضي بتأميم جميع أمواله في 16 أبريل لعام 2011.


ظهر الحزب الوطني للوجود في 7 أغسطس 1978، حين اجتمعت الأمانة العامة للحزب الذي كان يرأسه وقتها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وتم الاتفاق على تسميته الحزب الوطني الديمقراطي في عملية سطو سياسي على اسم الحزب الوطني الذي أسسه الزعيم الراحل مصطفى كامل عام 1909 رغم أن هذا لا يمت لذاك بصلة.



واستولى الحزب الوطني عقب ذلك على جميع مقرات حزب مصر العربي الاشتراكي الذي كان حزب السلطة قبل ظهور الوطني، وهرول أعضاء حزب مصر أيضا إلى عضوية الوطني بعد انتقال رئيس الجمهورية إليه، وخلال 24 ساعة لم يتبق سوى 3 أعضاء فقط بحزب مصر العربي الاشتراكي، فى حين نزح باقى الأعضاء بالكامل إلى الحزب الوطني الديمقراطي.


كان ارتباط الرئيس الأسبق حسني مبارك بالحزب أشبه بالقدر المحتوم، نظرا لأنه ارتبط منذ اللحظة الأولى بالحزب، حيث تولى منصب نائب رئيس الحزب بوصفه نائبا لرئيس الجمهورية آنذاك، وعقب وفاة السادات وتولي مبارك لمقاليد الحكم رفض تولي منصب رئاسة الحزب لمدة 6 أشهر في بداية توليه الحكم، إلا أنه قبل في النهاية أن يكون رئيسا للحزب خوفاً من سقوط الحزب في أي منافسة انتخابية متكافئة مع الأحزاب الأخرى.


وأشعلت الجموع الغاضبة النيران في العديد من مقرات الحزب انتهاء بحريق المقر الرئيسي للحزب في القاهرة مساء 28 يناير، معلنا السقوط المعنوي للحزب، وسط موجة ارتياح كبيرة من جموع الجماهير المتظاهرة في الشارع المصري ضد سياسات الحزب التي دعوها بالمزيفة والكاذبة.



وقضت دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا، بحل الحزب الوطنى، وحولت جميع أمواله إلى الدولة، حيث صدر الحكم برئاسة المستشار مجدى العجاتى، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، وعضوية كل من المستشارين حسين بركات، وأحمد عبد التواب، وأحمد عبود وشحاتة أبو زيد.


وأشارت المحكمة فى حيثيات حكمها إلى أن ثورة الشعب المجيدة في 25 يناير قد أزاحت النظام السياسي القائم وأسقطته وأجبرت رئيس الجمهورية السابق محمد حسنى مبارك الذي هو رئيس الحزب الوطني الديمقراطي على التنحي في 11 فبراير، وإن لازم ذلك قانونا، وواقعا أن يكون الحزب قد أزيل من الواقع السياسي المصري رضوخا لإرادة الشعب، ومن ثم فلا يستقيم عقلا أن يسقط النظام الحاكم دون أدواته وهو الحزب الوطني، ولا يكون على المحكمة فى هذه الحالة إلا الكشف عن هذا السقوط، حيث لم يعد له وجود بعد 11 فبراير، تاريخ إجبار الشعب رئيس الجمهورية السابق على التنحي.


احتراق مبنى الحزب الوطني بعد ا...

مبنى الحزب الوطني بعد الثورة -...

لافتة المؤتمر الاقتصادي على مب...

آثار احتراق مبنى الحزب الوطني...

مبنى الحزب الوطني بعد ثورة ينا...

وأضافت المحكمة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى منحه الشعب شرعية إدارة شئون البلاد بصفة مؤقتة حتى يكتمل بناء المؤسسات الدستورية امتنع عن إعلان حل الحزب الوطني، وحسنا فعل، حتى لا يقال إنه اغتصب سلطة هذه المحكمة المنوط بها دون غيرها، وبعد أن الكشف عن حل الأحزاب، وذلك احتراما من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للسلطة القضائية، وبالتالي فكان لازما عليها وبعد أن كشفت عن سقوط واقع ما كان يسمى "الحزب الوطني الديمقراطي"، وانحلاله أن تقضى بتحويل أمواله إلى الدولة التي هي، ابتداء وانتهاء، أموال الشعب، خاصة وقد ثبت للمحكمة أن أموال الدولة اختلطت بأموال الحزب.


ليقرر بعد 4 سنوات تقريبا مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، اليوم الأربعاء، هدم مقر الحزب الوطني بوسط القاهرة، وفقا للقرار رقم 39 الصادر من المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، على أن تتولى محافظة القاهرة السير في إجراءات هدم المبنى، مع إسناد أعمال الهدم للهيئة الهندسية للقوات المسلحة، على أن يتم استخدام الموقع بعد إتمام أعمال الهدم بقرار من مجلس الوزراء.



المقر الحالى للحزب الوطني، والذي قرر مجلس الوزراء هدمه، قامت عدة جهات برفع عدة دعاوى قضائية عديدة أمام المحاكم، للمطالبة باسترداده وبقية ما استولى عليه الحزب في شتى المحافظات، وصدرت أحكام بشأنها ضد الحزب، ومع ذلك ظلت قيد عدم التنفيذ، ومنها المقار التي آلت إليه كميراث من الاتحاد الاشتراكي.


وكان وحيد الأقصري رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، قد حصل على حكم نهائي باسترداد مقرات الحزب العربي الاشتراكي، الحزب الحاكم في مصر قبل أن يقرر الرئيس السابق أنور السادات تشكيل الحزب الوطني الديمقراطي، ليستولي على مقرات الحزب الاشتراكي، وقد حصل الأقصرى عام 1991 على حكم نهائي لاسترداد 242 مقرًا على مستوى الجمهورية، ولم يستطع بالطبع أحد تنفيذ الحكم على حزب الرئيس، وظل الحال على ما هو عليه.


وكان التحول الأبرز في مسار الحزب مع ظهور جمال مبارك نجل الرئيس السابق في الحياة السياسية عام 2000، حين أراد أن يستنسخ تجربة تطوير حزب العمال في بريطانيا حتى يكون ظهير سياسى يدعم طموحه لوراثة عرش مصر.. فلجأ لإجراء عملية إحلال لرموز عصر والده التي ارتبطت بالحزب منذ تأسيسه مثل كمال الشاذلي ويوسف والي بالرموز المنتظرة في عهده مثل أحمد عز ورفاقه.


وكشفت الوثائق أن آخر ميزانية للحزب قبل حله بلغت 89.9 مليون جنيه، تضمنت زيادة في الأصول الثابتة لمنشآت لجان الحزب في محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحر الأحمر، وصلت إلي 6.5 مليون جنيه، و11.5 مليون جنيه زيادة في الأرصدة النقدية تحت بند التبرعات، كما حققت الأمانة العامة للحزب إيرادات بلغت 51 مليون جنيه.


كما كشف آخر تقرير عن حجم العضوية تحديث بيانات مليوني عضو وتسجيل 500 ألف عضوية جديدة، ليصل اجمالي عدد الأعضاء في الوطني إلى 3 ملايين و357 ألفاً و138 عضواً، بإجمالي إيرادات 47 مليون جنيه، وحددت أمانة العضوية رسوم 7 جنيهات للعضو العادي و25 جنيها لهيئة مكتب القسم و120 جنيها لعضو مجلسي الشعب أو الشوري.