التوقيت الأحد، 22 ديسمبر 2024
التوقيت 09:43 م , بتوقيت القاهرة

القات اليمني.. الكل يحارب والكل "يخزن"

ربما تمزق الحرب الأهلية اليمن، ولكن عند كل ظهيرة ينحي المقاتلون الصراع، من أجل مستقبل البلاد جانبا، ليقوموا بمضغ القات، وهذه عادة، لم يطرأ عليها أي تغيير في دولة انقلب حالها رأسا على عقب.


من وقت الغداء حتى صلاة المغرب، تتراجع حدة القصف، ويضع المقاتلون من الجانبين، أسلحتهم الكلاشنيكوف جانبا، للاستمتاع بمضغ القات، وأدت الرغبة في تناول المنشط الخفيف، إلى الحفاظ على قوة تجارة القات في اقتصاد دمرته الحرب من نواح أخرى.


فالمزارعون يقومون بقطفه، والتجار يجابهون القنابل لنقله، والمدمنون يفرغون، كل ما في جيوبهم لاقتناء كيس من الأوراق الخضراء الناعمة، التي يمضغها ملايين اليمنيين يوميًا، ويتراوح ثمن الكيس من 2 إلى 14 دولارًا بحسب الجودة، ورغم الضربات الجوية التي تقودها السعودية، منذ نحو ثلاثة أسابيع، بهدف وقف تقدم المتمردين الحوثيين الموالين لإيران، فقد زادت رغبة اليمنيين في التنفيس المفضي إلى الاسترخاء والذي يوفره مضغ القات.


وفي أحد شوارع مدينة عدن الجنوبية، كان محمد عزال وهو موظف حكومي تحول إلى عاطل، بسبب المعارك في المدينة، يمضغ النبتة، ويقول "في حالة حرب كهذه، ومع الضغط والانفجارات، فإن القات هو الشيء الوحيد، في يومنا الذي يمكن أن يمنحنا قدر من السلام والراحة".


ويعمل واحد من كل سبعة أفراد عاملين في إنتاج وتوزيع القات، مما يجعله أكبر مصدر أحادي للدخل في الريف، وثاني أكبر مصدر للعمالة في البلاد، بعد قطاع الزراعة والرعي متوفقا حتى على القطاع العام طبقا لتقارير البنك الدولي.


وأغلقت المكاتب والبنوك مما حرم السكان من السيولة المالية، لكن لا تزال تجارة القات تشهد رواجا كبيرا في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب.


والقات أحد السلع الوحيدة التي لا تزال تتدفق على المدينة، بعد أن تسبب القتال في تدمير البنية التحتية للمياه، والكهرباء، وإحجام موردي الألبان واللحوم عن ممارسة نشاطهم.


وتعد محافظة الضالع، سلة إنتاج القات في عدن. ويحتاج الوصول إليها ساعتين بالسيارة عبر منطقة قتال يتصارع فيها المتمردون الشيعة وميلشيات وتنظيم القاعدة. لكن التاجر علي محسن الجحفي يخوض الطريق إلى هناك ذهابا وعودة كل يوم.


وقال "كل يوم هو مجازفة. الوصول من هنا إلى هناك يشمل ضربات جوية واشتباكات ونقاط تفتيش وكل أنواع الخطر."


وأضاف "يعلم الله بالمشكلات التي نواجهها لكننا نقطف النبات في الصباح، ونعود في الليل لأن تجارتنا هي مصدر معيشتنا وكرامتنا، هذه النبتة تدعم أسرتي."


وتصنف منظمة الصحة العالمية القات على انه "مخدر يؤدي إلى الإدمان، يمكن أن يسبب اعتمادا نفسيا من خفيف إلى معتدل." وتشمل الأعراض النفسية للقات الهلوسة والاكتئاب وتسوس الأسنان.


وتشير الدراسات إلى أن 80% على الأقل من الرجال، ونحو 60% من النساء، وعددا متزايدا من الأطفال، أقل من عشرة أعوام، يجلسون معظم أوقات الظهيرة لمضع القات، وهذه الأعداد أعلى من أي وقت مضى.