محمد سلطان.. من "نعيم أمريكا" لـ"جحيم الزنزانة"
محمد صلاح سلطان، الشاب الذي يبلغ من العمر 26 عاما، والذي حاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما التدخل للإفراج عنه عقب اتهامه في القضية المعروفة إعلاميا بـ"غرفة عمليات رابعة"، صدر اليوم حكم أول درجة يقضي ضده بالسجن المؤبد.
بالرغم من أن قضية "غرفة عمليات رابعة" والتي تضم أسماء بارزة من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، على رأسهم مرشد الجماعة، محمد بديع، إلا أن اسم "محمد سلطان" ظل الأكثر صدى لمدة زادت عن العام، تم خلالها نظر القضية أمام محكمة الجنايات برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة.
عاجز عن الحركة
محمد صلاح سلطان لم يذع صيته كمتهم بسبب حمله للجنسية الأمريكية بجانب جنسيته المصرية، ولكن لتنفيذه قرارا قاسيا بالإضراب عن الطعام لعدة شهور طويلة فقد خلالها ما يزيد عن 80 كيلو من وزنه، بالإضافة لإصابته بعدة أمراض أصابته بعجز عن الحركة، فأصبح يتم نقله على كرسي ثم سرير طبي متحرك، ليتمكن من حضور جلسات محاكمته.
صور أثارت الرأي العام
أثار محمد صلاح سلطان تعاطف الكثيرين، خاصة عقب انتشار صور له التقطتها وسائل الإعلام، يظهر فيها جسده ضئيل للغاية وتبدو على وجهه علامات المرض، بل ما زاد من حدة التأثير هو ظهور والده الداعية الإسلامي "صلاح سلطان" بجوار نجله على السرير الطبي، يقبل رأسه ويحتضنه.
كلمة السر
حاول محمد صلاح سلطان الدفاع عن نفسه مرارا وتكرارا، حيث تحدث أكثر من مرة أمام منصة المحكمة، مشددا على أنه ليس لديه أي انتماء سياسي، وأن كلمة السر التي زجت به في تلك القضية هي والده "صلاح سلطان-المتهم بأنه من قيادات جماعة الإخوان".
حكى "محمد" قصته كاملة أمام المحكمة، بعدما سمح له رئيس المحكمة بالتحدث في 11 مايو 2014، قائلا "أنا مش إرهابي" وكرر ذات الجملة باللغة الإنجليزية قاصدا توجيه رسالة للرأي العام الخارجي للتدخل لإنقاذه، معلنا عن حبه لدولة أمريكا التي يحمل جنسيتها، قائلا في الوقت ذاته أنه يعلم أنه مواطن درجة ثانية بالنسبة لأمريكا حيث أنه مصري مسلم، مستبعدا تدخلهم للإفراج عنه.
من النعيم للجحيم
"محمد" تخرج من جامعة ولاية أوهايو، حاصلا على بكالوريوس علوم اقتصادية، ثم عمل كمدير التطوير المؤسسي في شركة خدمات بترولية سابقًا، إلا أنه في مارس 2013 قرر مغادرة أمريكا والقدوم لمصر، لرعاية والدته عقب إصابتها بمرض السرطان وإصابة أخيه بمرض بهاقي، ولكنه لم يمكث سوى خمسة أشهر ليجد نفسه بين جدران الزنزانة عقب إلقاء القبض عليه من قبل قوات الأمن في 25 أغسطس 2013.
يتحدث "محمد" عن سبب ضبطه للمحكمة، مشددا على أن الأمن حضر لمنزل والده "صلاح سلطان" لضبطه" فلم يجدوه، فسارعوا بضبطه بدلا منه، مشيرا إلى أنه منذ ضبطه تم نقله لأكثر من سجن متعرضا لأنواع شتى من الضرب والتعذيب وسوء المعاملة، حتى وصل الأمر إلى تعرضه لنزيف عقب إخراج "مسامير" من يده المكسورة، حتى كاد يفارق الحياة.
دفاع "محمد" دفع خلال جلسات محاكمته، ببطلان قرار ضبطه وإحضاره الصادر من النيابة العامة، عقب يومين من التاريخ الفعلي لضبطه.
صلاح سلطان التمس من رئيس المحكمة المستشار محمد ناجي شحاتة، إخلاء سبيل نجله نظرا لظروفه الصحية التي تهدد حياته للخطر، ولكن لم يستجيب القاضي وقرر استمرار حبسه حتى نهاية جلسات القضية، حتى أصدر حكما اليوم السبت بمعاقبته بالسجن المؤبد، ومعاقبة والده بالإعدام شنقا.
لا للسيسي وأوباما
خلال لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي بنظيره الأمريكي باراك أوباما، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك أواخر سبتمبر الماضي، طلب الأخير من السيسي الإفراج عن محمد صلاح سلطان، ثم أرسلت الخارجية الأمريكية التماسا للمحكمة للمطالبة بالإفراج عنه "محمد سلطان"، إلا أن ناجي شحاتة رفض الأمر بجلسة 22 أكتوبر الماضي، مؤكدا أن القضاء المصري دوما مستقل لا يستمع إلى أي آراء سياسية، أو مراكز قانونية، وأن "سلطان" شأنه شأن باقي المتهمين في القضية، حتى لو تمتع بالجنسية الأمريكية، بجانب المصرية.
في 18 أكتوبر الماضي، نظم عدد من شباب الحركات السياسية، وقفة صامتة للتضامن معه، مرددين هتافات "يا محمد يا أخانا كيف الجوع في الزنزانة"، "يسقط يسقط قانون التظاهر"، "عمر السجن ما غير فكرة"، كما طلب مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب من النيابة العامة، السماح لهم بزيارة محمد سلطان، إلا أن النيابة رفضت الأمر في أكتوبر الماضي.
يأتي ذلك بعدما أصدرت عائلة المتهم بيانا حول وضعه الصحي وما يتعرض له داخل السجن مشيرين إلى أن هناك جرائم عدة ترتكب الآن في حق محمد سلطان وهي، الإطعام القسري أثناء النوم من خلال محاليل التغذية دون موافقة المضرب أو عائلته خلافا للقانون، وقسوة التعامل الأمني وكلبشته في السرير من يديه