"الجمعة العظيمة".. 9 ساعات أمام صليب المسيح
تقيم الكنائس القبطية الأرثوذكسية صباح اليوم، صلاة "بصخة الجمعة العظيمة" وهو اليوم الذي يأتي أثناء أسبوع الآلام، وقبل عيد القيامة بيومين، والذي يمثل للكنيسة يوم صلب السيد المسيح نيابة عن البشرية ليخلصها من خطاياها.
معنى اليوم
ويطلق على هذا اليوم أيضا "جمعة الآلام" و"جمعة الصلب" و"الجمعة الحزينة" و"الجمعة الكبيرة"، نظرا لما يمثله ذلك الحدث من أهمية خاصة بالنسبة للمؤمنين الذين يعتبرون صلب المسيح حدثا فاصلا في تاريخ البشرية وخلاصها، وقمة الحب الألهي الباذل، حيث يبلغ الحب قمته عند التضحية ببذل الذات.
كما تعتبر الكنيسة صليب المسيح أنه ليس علامة ضعف، بل هو علامة القوة والانتصار، حيث تؤمن الكنيسة بأن المسيح قبل أن يصلب بإرادته، وقرر أن يتحمل الآلام عن البشر بمحبته لهم، فالصليب بالنسبة للكنيسة هو علامة الحب الباذل الذي انتصر على الآلام والموت، بالقيامة مبتلعا الموت الذي لم يتمكن منه.
وتقول الكنيسة عن السيد المسيح إنه "داس الموت بالموت" حتى لا يصبح له سلطان على البشر، ويقول عنه القديس أثناسيوس "الذي أظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة".
البابا شنودة يتحدث عن صليب المسيح بالنسبة للكنيسة
أهم الملامح الطقسية
تبدأ صلاة "بصخة الجمعة العظيمة" في حدود الثامنة أو التاسعة صباحا (حسب ظروف كل كنيسة) وتقوم الكنيسة بقراءة كل ما يتعلق بالصلب، سواء نبوات التوراة عن الصلب أو أحداث الصلب نفسها من الإنجيل، ويتسم هذا اليوم بالألحان الحزينة.
تستعرض طقوس هذا اليوم أحداث الصلب وما سبقها من تطورات أدت له حسبما ورد في الإنجيل، فيبدأ من خيانة يهوذا للسيد المسيح، ثم القبض عليه ومحاكمته، وينتقل لتعذيبه وآلامه إلى صلبه وإعلان "اللص اليمين" الذي صُلب معه توبته والتي يصاحبها قطعة "أمانة اللص"، ثم موت المسيح على الصليب ودفنه.
400 "ميطانية" ودورة "الصلبوت"
ويصاحب كل حوادث ما قبل الصلب عدد من القراءات الخاصة، وبعد أن يصلوا في نهاية الصلاة إلى موته على الصليب، يقومون بعمل 400 ميطانية (والتي تعني إصطلاحيا "سجدة أو انحناء"، ومعناها الحرفي "توبة")، ويقومون أثناء الـ400 ميطانية بترديد جملة "كيرى آليسون" (والتي تعني "يارب أرحم")، بعدد 100 ميطانية في الأربع جهات (شمالا وجنوبا وشرقا وغربا)، طالبين الرحمة من الله.
يحمل الكاهن والشمامسة أيقونة الصلبوت "صورة المسيح وهو مصلوب" مرددين عبارة "كيرياليسون"، ثم توضع الأيقونة مع الحنوط (مواد عطرية تستخدم في الكنيسة) وورق الورود وطيها في ستر أبيض، ولا تفتح إلا أثناء قداس عيد القيامة.
صوم انقطاعي حتى الغروب.. والإفطار "طعمية" أو "نابت"
ورغم الإجهاد الذي يصاحب المسيحيين أثناء قضائهم نحو 9 ساعات من الصلاة، إلا أنهم يحرصون خلال الصلاة على الصوم إنقطاعيا عن الأكل والشرب من الصباح حتى غروب الشمس، ولا يفطرون إلا على أكل نباتي، كمشاركة للمسيح الذي علق على الصليب لنحو 9 ساعات متألما بلا أكل أو مياه.
كما أعتاد التقليد الشعبي عند الأقباط على أن أكل "الطعمية" عند إفطارهم، وأحيانا يفطرون على "الفول النابت"، وعلى عكس معظم أكلات الأقباط خلال أعيادهم فإن هذه الأكلات ليس لها أي دلالة طقسية أو روحية، وإنما جرت العادة على ذلك.